سَئِمنا مِنكم .. ومِن تصريحاتكم .. الجوفاء

Husam13 أبريل 2023آخر تحديث :
سَئِمنا مِنكم .. ومِن تصريحاتكم .. الجوفاء

 

عوض ضيف الله الملاحمه

ظاهرة غربية ، وسخيفة أخذت تنتشر بكثرة في بلدنا الحبيب ، وتتمثل هذه الظاهرة بإطلاق عددٍ من كبار المسؤولين تصريحات جوفاء ، غير وازنة ، وقد تصل بعضها حدّ السُخف والسذاجة .

الغريب في الأمر ، أن بعض كِبار المسؤولين يُطلقون تصريحاتهم دون مناسبة ، ودون ضرورة ، لا بل أغلبها تأتي دون أي داعٍ لها . ولا أدري ما الذي يدفعهم الى هكذا تصريحات جوفاء ، مُعيبة !؟

كمواطن ، تكون أحياناً مُتوهماً على مسؤولٍ مُعين ، مع أنك لا تعرفة عن قُرب ، إلّا إنك تكاد تستلطفه ولو عن بُعد ، وربما تصل بك الأمور أحياناً الى ان تشعر بالإرتياح لمشاهدته على شاشة التلفزيون وهو متأنق ، ويجلس جلسة الواثق ، ومن قِلَّة الرجال من بين كِبار المسؤولين ، قد تأمل منه خيراً ، وترسم له هيبةً في مُخيلتك ، لا لشيء ، ولا لهدف ، ولا لغاية ، حتى أنك لا تُحب ، ولا تسعى الى التعرف عليه ، وتكتفي بالإرتياح لشخصه عن بُعد . وما أن تَمُرّ الأيام ، إلّا ويفاجئك بتصريح أجوف ، فارغ ، وأحياناً يكون تصريحاً إشكالياً . فيطيح هو بصورته التي رسمتها له بمخيلتك ، ويهوي الى القاع ، ويدفعك الى ان تشمئز من سماع إسمه ، ويتبين لك ان هذا هو حجمه وقدره الحقيقي الذي يستحقه . هكذا مسؤول ينطبق عليه المثل القائل : ( يا شَايِفْ الزُولْ ، يا خَايِبَ الرَجَا ) .

وهذا يُذكرني بقصة الإمام أبو حنيفة وقولته المشهورة التي ذهبت مَثلاً ، ومع أنها معروفة لكنني سوف أُوجزها بإختصار شديد لغاية مقارنة التفاصيل : كان العالِم الجليل أبو حنيفة يجلس مع تلامذته في المسجد ، وكان يستأذن تلاميذة ان يمُد رجليه بسبب ألمٍ في ركبتيه . وبينما كان يعطي الدرس ، دخل رجل عليه أمارات الوقار والحِشمة ، حيث كان يلبس ملابس بيضاء نظيفة ، ولحية مهيبة ، وجلس بين تلامذة الإمام . فما كان من أبي حنيفة إلّا ان عَقَصَ رجليه الى الخلف ، ثم طواهما ، وتربّع تربُّع الأديب الجليل تأدباً أمام ذلك الشيخ الوقور . وكان يعطي درساً ، والطلبة يكتبون ما يقوله الإمام بإهتمام . فقال الشيخ لأبي حنيفة دون إستئذان : يا أبا حنيفة إني سائِلُك فأجبني . فشعر أبو حنيفة انه أمام رجلٍ ذي علمٍ واسع ، وإطلاعٍ عظيم ، فقال له : تفضل وإسأل . فقال الرجل ( أجبني إن كنت عالِماً يُتَّكَلُ عليه في الفتوى : متى يفطر الصائم ) ؟ ظَنَّ ابو حنيفة ان السؤال فيه مكيدة ، او نكتة لا يُدركها عِلمُه . فأجابه بحذر : ( يفطر إذا غَرُبت الشمس ) . وبعد ان تكشّف الأمر ، وظهر ما في الصدور ، وبان ما وراء اللباس الوقور ، قال ابو حنيفة قولته المشهورة التي ذهبت مثلاً : ( آن لأبي حنيفة ان يَمُدَّ رِجليه ) .

وأقول أنا ، آن للشعب الأردني ان يَستخِف في تصريحات بعض كبار المسؤولين ، لأنهم (( لا لَلهَدِّه ، ولا للسَدِّه ، وطاعون للزَادْ ، وحِمِلْ على السَعِّيه )) . بعد تكرار هذه الظاهرة المُعيبة ، التي لا تسيء لأشخاصهم فقط ، بل تسيء للشعب الأردني أمام العالم ، عندما يرى العالم هذه الضحالة ، والسطحية ، والعقول الجوفاء الخاوية ، وهم يعتقدون أنهم أخيار شعبنا العظيم ، عندها يتساءلون : إذا كان كبار مسؤوليهم بهذه السطحية والسذاجة ، إذاً كيف يكون مستوى عامة الشعب !؟

أُذكِّر ، تذكيراً ، ولا أنصح ، لأنه لا حاجة للنصحية ، بأن كل رئيس وزراء ، لديه ناطق إعلامي — ولو ان بعضهم يقعون في سوء إختيارهم — بسبب الوساطات ، فيحتاجون للتدرب علينا لسنوات ، ولا يُفلحون . مع أنه لدينا جهاذبة في الإعلام . إرتقوا فوق الوساطات ، وإنتقوا الكفوء ليستر وجوهكم . كما ان لكل وزارة ناطق إعلامي وغالبيتهم يتميزون بالحصافة ، والدِّقة ، علاوة على الإحتراف في الإختصاص . لذلك ، لماذا لا يَصمِت المسؤول ( قليل الحِيلة ) حتى ما يفضح حاله ويفضحنا !؟ الإعلام مهنة مُرتبطة بموهبة ، تُصقل بالتعلُّم ، لا تستهينوا بها ، ( إعطوا الخبز لخبازه ) حتى يستر وجوهنا ، ويُغطي على جهالتكم . وإنت تبغدد ، وكَبِّر كَرشك ، وإنهب ، وإكسب وأنت ساكت ، ( عِيرنا سكوتك يا أخي ) . لوذوا بالصمت أشرف لكم ، ولنا ، وللوطن . إرحموا الوطن تسرقوه وتشوهوه كَمَان !؟ والمثل يقول : ( إذا كان الكلام من فضة ، فالسكوت من ذهب ) ، أذْهَبَ ربي عنكم الرُشد ، ربي يريحنا ويخلّصنا منكم . دمرتم الوطن والمواطن إجتماعياً وإقتصادياً ، وحتى نفسياً .

أيها المسؤول ، الذي كَبّرك الكرسي ، وأنت حقّرته ، ومسخته ، وصغّرته ، وشوهته ، ولم تُضف له شيئاً . على الأقل تكلم بلهجتك الأردنية ، وإبتعد عن الميوعة ، ( وأل ) قال ، ( وأُلت ) قلت ، إchرب حناchك ، خليك رجل على الأقل في القول ، لانه ما فيه فِعل . الرز إنشاء الله ما تصرّْفوه . وأيامكم أنتم لحالكم حالكة السوداء ان شاء الله . ونعلم انه بسبب سوء إدارتكم أيامنا ( الصعبة ) لم تأتِ بعد . وإنعكاسات ما يحدث في المسجد الأقصى المبارك أنتم لا علاقة لكم بها ، ولن يُستنجد بأمثالكم ، لأنكم لستم أهل نخوة .

أشفق على شعبنا ، لأنه مُجبر على تَحمُّلِكم ، وهو ليس بيده حيلة لأنه لم ينتقِ أحداً منكم . وسيأتي يوم ، وإنّ غداً لناظره قريب ، والغد في عمر الشعوب ربما يمتد لعقود ، عقد ربي ألسنتكم التي بَدَلَ ان تُفرحنا ، تُخزينا . سَئِمنا من أشخاصكم ، فكيف لا نَسأم من تصريحاتكم الجوفاء . عِيرونا سكوتكم ، كُلوا هواء وإشبعوا فلوس ، وربوّا كروش ، وإسكتوا .. إصمتوا . قهرتونا ، فضحتونا ، خزيتونا ، الله يخزيكم .

يا ناس ( ما وِدْنا ) رُزّْ ولا حتى خُبز عن طريقكم . والأردنيون نَادمون ما دام أشكالكم يتصدرون المشهد الرسمي في وطن يَعِج بالعلماء والمثقفين والقياديين ، والشخصيات الرزينة الرصينة . والرُز عُمرنا لصرفناه . وأيامنا سودا بسببكم . ونذكركم بأنه ليس لدينا فنانات في مجلس النواب . عودتمونا أن نَفْيَكُمْ للخبر يعتبر تأكيداً له ، لذلك نعرف ان أيامنا الصعبة القاسية لم تأتِ بعد ، وكل المؤشرات تؤكد ذلك .

وطني الحبيب ، إبتلاؤك بهم عظيم . ينهبونك ولم يكتفوا ، وها هم يشوهونك وعلى رؤوس الأشهاد ، فضائحهم غَطّت الكون . لا أمل لديّ ان يَنعدِل حال الوطن ، وليس بأيدينا إلّا أن نسأم منهم .

بسببكم تتعاظم نسبة المجهول ، وتقل نسبة المعلوم ، ولا ندري الى اين نحن ذاهبون . بالتاكيد نسبة المجهول المُخيفة هذه ، عندما تلتقي مع وجوهكم التي تُشبه العيش ( الchفن ) لن تقودنا الى خير .لذلك ها نحن سائرون الى الهاوية .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه