إلى أين الاتجاه، أم مكانك سر!

Stocks30 سبتمبر 2020آخر تحديث :
إلى أين الاتجاه، أم مكانك سر!

 

يظن البعض أن الأردن سيدخل في الساعات والايام والاسابيع القليلة المقبلة مرحلة جديدة من الحياة السياسية بحكومة جديدة وبرلمان جديد، وان كان الامر كذلك ظاهريا من وجة نظر كثيرين، إلا أنه من وجهة نظر كثيرين آخرين ووفقا للأعراف وقواعد العمل السياسي العالمية الديمقراطية المتقدمة منها والعريقة فإننا في الأردن ما نزال مكانك سر! فمن وجهة نظرهم فإننا ما نزال نلعب بأدوات سياسية قديمة لا تصلح لهذا الوقت ولا تصلح لإفراز نظم ادارة حكومية وبرلمانية وسياسية ملائمة تصلح لإدارة الدولة على قدر من الكفاءة والمهنية العالية نظرا لأن الأسس الحالية أوصلت الأردن الى ما نحن عليه الآن من الناحيتين الاقتصادية والسياسية.

الأوراق النقاشية التي طرحها قائد المسيرة الملك عبدالله، حفظه الله، قبل سنوات وضعت رؤية ورسالة واضحتين، بل اقترحت، بتواضع ملوك جم، قواعد ارشادية متقدمة وعصرية للحكومات المتعاقبة، وترك الامر لكافة الجهات المعنية لدراسة تلك الأوراق ودراسة كافة الانظمة الانتخابية والحزبية العالمية واختيار المناسب منها للأردن، ولكن المراقب الداخلي والخارجي يرى أن الأوضاع من هذه الناحية ما تزال أيضا مكانك سر!

سأعلق على موضوعين فقط في هذه المقالة السريعة، الموضوع الاول طريقة تشكيل الحكومات في الأردن والثانية طريقة تعيين المسؤولين في الوظائف العليا في الأردن، فعندما يختار الملك شخصا ليكون رئيسا للوزراء فإن ذلك الشخص يختار فريقه الوزاري على أغلب الأحيان من اصدقائه المقربين دون أدنى اعتبار للكفاءة والمهنية والخبرة العملية وتكون في كثير من الأحيان بعد مقابلة لا تتجاوز عشر دقائق متناسيا أن ذلك الوزير وذلك الفريق سيقود وزارة وقطاعا مهما يؤثر في حياة الناس اليومية وسيترك أثرا على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكافة مؤشراتها لسنوات مستقبلية طويلة. علاوة على ذلك فإن كل وزير وعلى رأسهم رئيس الوزراء سيتحكم بمن سيدير أي مؤسسة أو دائرة حكومية خلال فترة ولايته، وهذا هو الموضوع الثاني، وهذا أيضا يعني أن الابواب ستبقى مغلقة أمام كل شخص مؤهل وقدير لا يعرفه الرئيس أو الوزير المعني أو أي شخص لا يتفق معه الرئيس والفريق الوزاري لسبب أو لآخر، وهذا إجحاف بحق الوطن أولا وبحق تلك المؤسسة وتعطيل للعمل المؤسسي لمؤسسات الوطن ويدفع ثمن ذلك المواطن بشكل مباشر لسنوات طوال.

الأصل في العمل السياسي أن تكون لدينا أحزاب قوية متمرسة في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي تدخل الانتخابات ويتم تشكيل الحكومات من قبل الحزب الذي يحصل على أعلى الاصوات أو من قبل تحالف أحزاب اذا لم يحصل حزب على غالبية الأصوات. وبعدها تدار الحياة السياسية ويتم تعيين الوظائف العليا في المؤسسات والدوائر الفنية وفقا لأسس ومعايير مهنية بعيدة جدا عن صلة القربى والصداقة والكيمياء ما بين رئيس الحكومة وفريقه الوزاري وبين المتقدمين لشغر تلك الوظائف وغيرها من المعايير غير المهنية.

أعرف أن الهم الاكبر هذه الايام ليس بهذه القضايا، ولكن المراقب يرى أننا تأخرنا كثيرا في هذا الصدد وقد يكون ضعف الإدارة اليومية للأزمات مرد بعضه هذه الاسباب.

الحكومة الجديدة القادمة، كانت مؤقتة أم دائمة، ستجد أمامها جبالا عالية من القضايا والمشاكل التي تفاقمت خلال السنوات الماضية قد تعجز عن حلها حكومات الدول الاسكندنافية في السويد والدنمارك والنرويج وحكومة انجيلا ميركل في المانيا وحكومة جاسيندا أرديرن في نيوزيلندا. عجوزات متراكمة في الموازنة وميزان المدفوعات بالمليارات ومديونية عامة تتجاوز
100 % من الناتج المحلي الاجمالي وبطالة متفاقمة وصلت ارقامها الرسمية الى 23 % في الربع الثاني من هذا العام ومعدلات فقر لم نستطع الافصاح عنها، وعلى اعلى قائمة مسؤوليتها أيضا ملف كورونا الشائك وانعكاساته على كافة القطاعات في المملكة وأهمها قطاعا التعليم المدرسي والجامعي الذي يدار عن بعد، والقطاعات الاقتصادية بكل مكوناتها. فإلى أين سيسير بنا القارب في المرحلة القادمة، أم أننا سنبقى مكانك سر؟!

بقلم الدكتور : عدلي قندح

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه