بيروت

Stocks10 أغسطس 2020آخر تحديث :
بيروت

آفاق الاخبارية

د.رنا البحش

هل يمكن أن يكون انفجار مرفأ بيروت القشة التي ستقسم ظهر البعير؟

قد يكون ما حدث في بيروت محض صدفة وقد يكون عملًا مدبرًا. لكن في جميع الأحوال، ما من شك في أن فساد الفئة الحاكمة في لبنان ومنذ عقود قد أضعف الدولة في مواجهة الوضع الاقتصادي مؤخرًا وزاد العبء على كاهل المواطن كالعادة حتى حدث انفجار مرفأ بيروت ليكون القشة الثقيلة التي قد تقسم ظهر البعير.

فلبنان كان يتجه إلى وضع كارثي أصلا. فمديونية الدولة نسبة إلى الناتج القومي قد وصلت إلى 125% وهي الأعلىعلى مستوى العالم بعد اليابان واليونان. ونسبة البطالة ارتفعت إلى 25% ما أدى إلى ارتفاع نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى الثلث.

أما الحكومة وكالعادة- كانت تتخبط في إدارة الدولة ومواجهة الأزمات لتضيف عبئًا على لبنان فوق الأعباءالتاريخية التي سببها فساد الفئة المسيطرة على الحكم والتي كانت دائمًا تستأثر مصالحها المادية على الاستثمار في اقتصاد البلد ورفع مستوى معيشة الشعب أو على الأقلأن تقدم خططا واصلاحات لحل مشاكل الدولة المتراكمة. وكان نتاج ذلك فشلًا ذريعًا في تقديم الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه النظيفة والخدمات الصّحية وخدمات الانترنت. فالكهرباء لا تتوفر في البلاد على مدى 24 ساعة والمياه الصالحة للشرب والخدمات الصحية محدودة جدًا،حتى خدمات الانترنت، فإنها تُعتبر من الأسوأ على مستوى العالم.

ومنذ أكتوبر 2019 بدأت الليرة اللبنانية بالانهيار وكالعادة حاولت الحكومة أن تفرض ضرائب جديدة على التبغ،والوقود، وخدمات الاتصال على الواتس آب ولكنها لم تفلح.فقد خرج عشرات الآلاف من اللبنانيين من كافة الطوائف متحدين لأول مرة منذ الحرب الأهلية (1975-1989) ما أدى إلى استقالة حكومة سعد الحريري. ولم تكن بالطبع حكومة حسّان دياب الجديدة أفضل أداءً، فقد وصلت العملات الأجنبية في الخزينة إلى مستوى متدنٍ بحيث لا تستطيع الدولة استخدامها إلا لاستيراد المواد الضرورية للبلد. كما قام البنك المركزي بالاقتراض من البنوك المحلية بمعدلات فائدة أعلى من معدلات الفائدة السائدة في السوق لسد عجز الحكومة ولمحاولة الحفاظ على سعر الليرة مقابل الدولار، ولكن بعد فوات الأوان، فقد فقدت الليرة خلال 10 أشهر 80% من قيمتها.

جائحة كورونا كانت ما ينقص لبنان حتى يزيد الطين بلة. فمع أن الحجر الصحي الذي طُبِق منذ منتصف شهر مارس أراح الحكومة من تواجد المتظاهرين في الشوارع لكنه بالطبع زاد من حدة الوضع الاقتصادي, فقد بدأت العديد من الشركات بتسريح موظفيها أو إعطائهم إجازات بدون رواتب. وزادت الفجوة في سعر صرف الليرة بين السوق الرسمي والسوق السوداء. وزادت البنوك من الضوابط على عرض الأموال. ثم ارتفعت الاسعار بشكل كبير أظهره اللبنانيون بشكل مرِح في العديد من وسائل التواصل الاجتماعي دون أن يعرفوا ما كان ينتظرهم بعد.

ولكن ما الذي حدا بلبنان الوصول إلى هذه الحالة؟

قد تكون الأسباب عديدة, ولكن من المتفق عليه أن فساد الفئة الحاكمة والمنافسة بين الطوائف السياسية لتحقيق مصلحة كل طائفة وتقويتها على حساب غيرها من الطوائف سواءً أكان ذلك بشكل قانوني أو غير قانوني, ما أدى إلى أن تُصنف لبنان ال 137 من 180 دولة ضمن مؤشر الفساد العالمي عام 2019, حيث يستشري الفساد في كل مرافق الدولة وعلى مختلف المستويات خصوصًا ضمن الفئات السياسية الحاكمة والبرلمانيين وقطاع الشرطة والأمن.

فساد قد ضاق به اللبنانيون أخيرًا, وبعد انفجار مرفأ لبنان, هل يمكن أن ينقلب السحر على الساحر؟ وهل سيكون التغيير الآن حقيقيًا يرتقي لمستوى التضحيات التي قدمها الشعب اللبناني في الماضي والحاضر؟ وهل ستكون هذه هي الصفحة الأخيرة في سجل الحكومات المستبدة والطائفية الأنانية خصوصًا مع ما نشهده من تشبث غريب يرقى إلى مستوى الوقاحة بالمناصب وإلقاء اللوم على الآخر دون أدنى فكر بما أوصلوا إليه لبنان وشعب لبنان؟  

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه