الفساد المالي والإداري.. المسلسل الذي لا تنتهي حلقاته

Stocks21 ديسمبر 2020آخر تحديث :
الفساد المالي والإداري.. المسلسل الذي لا تنتهي حلقاته

افاق الاخبارية

بقلم : باسم الحموري

 

صدر مؤخراً تقرير ديوان المحاسبة للعام 2020، متسبباً للجميع بصدمة كبيرة من حجم الفساد الكامن في صفحاته، وطبيعة القضايا التي يعرضها. فسادٌ مالي وإداري، وغيابٌ شبهُ تامٍ للمسؤولية عن أموال الدولة وحفظِ حقوق المواطنين، ما يستدعي ضرورة إنعاش ذاكرتنا ببعض الحديث عن الفساد، تعريفه، أسبابه، أنواعه، وطرق محاربته.

كبشر، أتهمنا بالفساد قبل أن نُخلق على وجه الأرض، حيث قال تعالى في مُحكم تنزيله ((َإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)) سورة البقرة، الآية 30 ، وقال تعالى ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) سورة الروم، الآية 41.
الفساد المالي والإداري ظاهرة عالمية متجذرة، ناتجةٌ عن سوء استخدام السلطة أو الوظيفة العامة، فيها إهدارٌ للمال العام وتحقيقٌ للمنافع الخاصة، من أدواتها قبولٌ للرشوة، تسهيلٌ لإجراءاتِ أشخاصٍ لا حقّ لهم، واسطةٌ ومحسوبية، سرقةٌ لأموال الدولة، إهمالٌ وظيفي وتفريطٌ بالمصالح العامة ودون أدنى إحساس بالمسؤولية.

ظهرت عدة تعريفات للفساد، ففي علم الاجتماع الفساد هو “سوء استخدام النفوذ العام لتحقيق أرباح خاصه”، وهذا تعريفٌ خاص بالرشوة، وهو أيضاً “الخروج عن القانون والنظام العام وعدم الالتزام بهما، من أجل تحقيق مصالح سياسية واقتصادية واجتماعية، سواءً لفرد أو لجماعة معينة”. أما منظمة الشفافية العالمية فقد عرفت الفساد على أنه “إساءةُ استخدامِ السلطة العامة لتحقيق كسبٍ خاص للشخصِ نفسه أو لجماعته”.

إن الخوض في أسباب الفساد لا يغطيه مقال، ولكن يمكن القول إن غياب الديمقراطية الحقيقية هي أبرز مؤشرات الفساد، كذلك غياب مؤسسات المجتمع المدني، وضعف الرقابة الفاعلة والتي – يُفترض – أن يتربع على عرشها دور مجلس النواب، هذا إلى جانب غياب إعلام وطني واضح وداعم لمكافحة الفساد بشكلٍ متواصل وبعيداً عن المجاملات. إن كل ما سبق يُعتبر سبباً للفساد، ولكن هناك أسباب أخرى كالتحزب بالعشائرية، والركون إلى المحسوبية. الفقر، البطالة وغلاء المعيشة تلعب هي أيضاً دوراً كبيراً في تحقيق الفساد، والأهم من كل ذلك، عدم وجود عقوبات رادعة بحق الفاسدين، ما يدفعهم لاعتبار فسادهم طريقة سهلة لجني المال والتكسب الحرام بقلبٍ ميت ودمٍ بارد، وعلى أساس القاعدة القائلة: “من أمِن العقاب أساءَ الأدب”.

يأتي الفساد بأنواع عديدة هي الأساس في بناء منظومته، لكن في هذا المقال يتم تسليط الضوء على بعضها فقط،فهناك الفساد الإداري والذي يرتبط بوجود الترهل، البيروقراطية، عدم المتابعة واللامحاسبية، ومبدأ ” حُكِّللي تا أحُكِّلّك”، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ورد في تقرير ديوان المحاسبة أن موظفاً “فئة ثالثة” تم تعيينه بوظيفة ميكانيكي في إحدى الوزارات، ثم أصبح بعد ذلك رئيساً لقسم الإدارة والمحاسبة في هذه الوزارة، والسؤال هو: كيف؟!! ولماذا؟!!!

ومن أنواع الفساد أيضاً الفسادُ المالي، والذي يَعتبِر المال العام العمود الفقري والمصدر الأساسي لتغذيته، ففيه يتم إهدار هذا المال أو اختلاسه من قبل متنفذين او حتى أشخاص من صغار الموظفين، سواء أكان هذا المال على شكله النقدي أو كممتلكات عامة أو حكومية، والغريب أنه يتم تبرير هذا النوع من الفساد من قبل مرتكبه بأن هذه الأموال للدولة، وأن هذا هو أقل ما يمكن أن تقدمه له في ظل حالة ” القِّل والقهر” التي يُعاني منها إن كان بسيط الحال، أو أنه الأكثر استحقاقاً من غيره إن كان من أصحاب النفوذ والسلطة.
وهناك أيضاً الفساد الاقتصادي والذي تمارسه بعض الشركات سواءً العامة أو الخاصة، وذلك من خلال تأسيس شركاتٍ وهمية واستثماراتٍ كاذبة وتلاعبٍ بعطاءات عامة.
“يتبع….”

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه