مجتمع لا يحب نفسه

Stocks13 مايو 2020آخر تحديث :
مجتمع لا يحب نفسه

آفاق ألاخبارية

مجتمع لا يحب نفسه

بلال حسن التل

قد يكون لبعض هواة السياسة, بعض العذر في الإصرار على نقد كل قرار أو إجراء من الحكومة, والتحريض عليه او التفلت منه لسبب أو بدون سبب, وقد يكون لبعض رجال المال من ضعاف الإنتماء الوطني اسبابهم للتهرب الضريبي, لكن ماهو المبرر لكي يخالف الإنسان قراراً أو إجراءاً يهدف الى حماية صحته, كما فعلت شرائح واسعة في بلدنا أثناء كورونا التي قدمت الآف الأدلة على أننا مجتمع يؤذي نفسه.

أول هذه الأدلة, الحرص على الحصول على تصريح للحركة, منذ اليوم الأول لفرض الحظر, دون أن يكون لهذه الحركة ضرورة إلا المباهة, وممارسة الواسطة التي قدمنا خلال الجائحة, صوراً سيئة لتفشيها في مجتمعنا, حيث حصل من لا يستحق على تصاريح, بينما حرم منها من يستحقون, وكل ذلك تعبير عن عدم الاحساس بالمسؤولية في لحظة الخطر.

ثاني الأدلة هو أن نسبة عالية كانت تتفلت من إجراءات الحظر, بدليل الآف السيارات التي تم حجزها, لمخالفتها لتعليمات الحظر, فإذا أضفنا إليها السيارات التي كان يُغض الطرف عنها, او تلك التي كانت تتحرك في الاحياء والشوارع الخلفية, لتضاعف الرقم كثيراً, مما يؤشر على حجم التفلت لانعدام الوعي, الذي تم التعبير عنه بآلاف صور الازدحام في الشوارع والاسواق, والأعراس, وفي الولائم التي كانت تقام ويجري التسلل إليها, حتى ممن يصنفون على أنهم عيلة القوم.

ما هو أخطر من ذلك, هي طريقة تعاملنا مع الوباء, واستهتارنا بالوقاية منه, فالبعض أخفى أصابته بالفيروس, وتجول بحرية فشكل بؤراً للوباء كلفتنا كثيراً, أما الغالبية فلم تأخذ إجراءات الوقاية على محمل الجد, ابتداءاً من عدم أحترامنا لمبدء التباعد الاجتماعي, الذي يكاد يكون معدوماً بدليل الازدحام في الشوارع والاسواق, وصولاً إلى عدم الالتزام بوضع الكمامات ولبس الكفوف, فصور التحايل على هذا الالتزام كثيرة, حتى عند النسبة القليلة من الملتزمين, فالكثرين منهم يضعون الكمامة اسفل الفك, دون ان تغطي الانف والفم, وبعضهم يضعها على الفم دون ان تغطي الانف, وهي أوضاع تفقد الكمامة فائدتها.

فعلى ماذا تدل كل هذه الممارسات المنتشرة في مجتمعنا؟ إلا انها تعبيراً عن عناد في غير محله, والذي هو صورة متقدمة من صور الجهل, كما انها تعبير عن أن الكثيرين في هذا المجتمع لا يحبون أنفسهم, فيمتنعون عن حمايتها, مما يؤذيها , ومن لا يحب نفسه, دون ان يتحول هذا الحب إلى أنانية, لا يستطيع ان يحب غيره, ومن ثم لا يهمه ان يحمي هذا الغير, ومن لا يحب نفسه باعتدال, ولا يحب غيره لا يحب مجتمعه حكماً, فمن يحمي المجتمع منه غير قوة القانون, وهي قوة كانت غائبة فعلياً عن ملاحقة هذا الأذى المتجول بيننا, فخلال الأيام الأخيرة كان رجال الأمن منشغلين بالتدقيق على أرقام السيارات, من حيث الزوجي والفردي, عن متابعة ما هو أهم, أعني به الالتزام بلبس الكمامة والكفوف, تنفيذاً لأمر الدفاع رقم “11” وحماية المجتمع ممن لا يحبونه!.
Bilal.tall@yahoo.com

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه