هل مواجهة كورونا ستكون طويلة الأمد؟

Stocks3 مايو 2020آخر تحديث :
هل مواجهة كورونا ستكون طويلة الأمد؟

آفاق الاخبارية :
هل مواجهة كورونا ستكون طويلة الأمد؟

د. رنا البحش

مع انتشار وباء كورونا COVID-19)), قامت الدّول كافة بتنفيذ مجموعة واسعة من الإجراءات تراوحت أهدافها ما بين “وقف الوباء نهائيًا” أو “الإبطاء من وتيرة انتشاره“. ومع أن الأبحاث الاجتماعية التي تتابع موضوع وباء كورونا ما زالت في بداياتها إلا أنها أجمعت على أن الفرق بين الهدفين هو أن هدف “وقف الوباء نهائيًا” يتطلب إجراءات صارمة ستعطل وتغير أوجه الحياة الاجتماعية أكثر من هدف “إبطاء انتشاره” فقط، فمثلا قامت الصّين بكافة التّدابير الصّارمة لوقف الوباء نهائيًا من خلال عزل الحالات المصابة في مدينة ووهان وتنفيذ التّباعد الاجتماعي على مستوى كافة السّكان فيها. ومع أن العديد من الدّراسات قدرت أن الإجراءات الصينية كانت تهدف الى تخفيض نشر الشّخص المصاب العدوى إلى 115 شخص آخر على الأكثر، الا أن نجاح تطبيق سياسة التباعد الاجتماعي مصحوبة بإجراءات إغلاق المدارس والجامعات كانت كفيلة بأن تقلل من انتقال المرض من الشّخص المصاب إلى شخص واحد 1 غير مصاب فقط بدلًا من ال 115 شخص السّابقة.

ويجدر القول هنا أنه حتى وعلى فرّض نجاح تطبيق سياسات العزل والتّباعد الاجتماعي في المنازل، فإنه وبعد انقضاء فترة العزل، يجب الانتباه الى احتمال حدوث انتعاش جديد للعدوى، وهذا ما يحدث الآن في الصين، لهذا فانه من المهم أن يتبع فترة العزل الأولى فترة ثانية تطبق فيها سياسات أخرى وذلك لتّجنب حدوث انتعاش جديد للوباء، وهذا مرهون إلى حدٍ ما بمدى تبني السّكان للسّلوك الصّحيح الذي يحد من مخاطر العدوى خلال فترة العزل أو ما بعدها لحين توفر مخزون كبير من اللقاحات لتّحصين السّكان الأمر الذي سيتطلب من الناس التغيير الكبير في السلوكيات والعادات التي اعتادوا عليها ما قبل بدء الوباء.

وقد لا تكون سياسة وقف الوباء نهائيًا على المدى الطّويل خيارًا عمليًا في العديد من البلدان، إلا أن نجاح فترة العزل والتّباعد الاجتماعي في المنازل متبوعا بسّياسات التّخفيف الأخرى المرتبطة بسّلوك السّكان للحد من المخاطر قد تقلل من معدل الوفيات بسبب الوباء بالإضافة إلى تقليل ذروة الطّلب على الرّعاية الصّحية بنسبة بنسبة كبيرة. لذلك فإن الجمع بين عزل الحالات، والحجر الصّحي المنزلي، والتّباعد الاجتماعي لمن هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بنتائج وخيمة ( الأفراد الأكبر سنًا والذين يعانوا من ظروف صّحية أخرى) هي مزيج السّياسات الأكثر فعالية للتّخفيف من الوباء.

وكما شهدنا, فان استراتيجية “وقف الوباء نهائيًا” يتطلب العمل المبكر والتّدخل السّريع قبل أن تطغى أعداد المصابين على القدرة الاستيعابية للرّعاية الصّحية في المستشفيات، حيث لوحظ أن التّأخير عن الإبلاغ عن حدوث العدوى في بدايتها قد تزيد من تّطور الحالة أو نشرها مما قد يؤدي إلى زيادة الضّغط على وحدات الرّعاية الحرجة في المستشفيات وهذا بحد ذاته قد لا يكون متوفرًا إذا ما كانت حالات التّأخير عن الإبلاغ كثيرة، ولنا في ذلك عبرة لما حدث في العديد من دول أوروبا عندما تجاوزت الحالات الطّارئة القدرة الاستيعابية لأنظمة الرّعاية الصّحية فيها.

على العموم، إن عملية الرّصد الدّقيق للوضع في الصّين وأوروبا سيساعد على إثراء الاستراتيجيات في الأردن والبلدان الأخرى، مع التّأكيد على أن الحد الأدنى لنّجاح سّياسة “وقف الوباء نهائيًا” هو التّباعد الاجتماعي على مستوى السّكان بالإضافة إلى عزل للحالات المصابة وإغلاق المدارس والجامعات.

إن “وقف الوباء نهائيًا” هو الاستراتيجية التي يجب تطبيقها في الوقت الحالي، ورغم أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية لتّطبيق هذه الاستراتيجية ستكون كبيرة، إلا أن العديد من الدّول قد تبنت هذه الإجراءات بالفعل. ونهايةً, فإنه ليس من المؤكد على الإطلاق أن هذه الاستراتيجية ستنجح ما لم تكن استجابة السّكان والمجتمعات واضحة وداعمة لحكوماتها.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه