حتى لا تغلبنا .. العاطفة

Husam12 نوفمبر 2023آخر تحديث :
حتى لا تغلبنا .. العاطفة

 

عوض ضيف الله الملاحمه

نتابع بشغف ، لكن بدون الحذر او التحوط او التفكير العقلاني المطلوب ، ودون ان ننظر للنهايات . وهذا قد يُفقدنا فرحة يوم ١٠/٧ . ويُنسينا بطولات المقاومين المناضلين في غزة العِزة .

وعليه ارجو ان تسمحوا لي بطرح بعض المعطيات التي تشير الى نهاية مأساوية لغزة شعباً وأرضاً ومقاومة . وهذا بالتأكيد ليس تفكيراً إنهزامياً ، بل طرحاً عقلانياً أراه ضرورياً .

على ما يبدو لي من معرفتي المتواضعة لأنني لا أمتلك أية خبرة عسكرية . يضاف الى ذلك بُعدي عن دهاليز السياسية ، وهي مهنة لا أخلاقية . من الواضح ان النتن ياهو عازم على الإنتهاء من الصداع الذي يسببه له قطاع غزة . خاصة بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ، ورؤساء وساسة أوروبا ، ودعمهم اللامحدود للكيان الصهيوني . كما ان الصمت و الخذلان العربي المُعيب يجعل الظروف مواتية دولياً وإقليمياً للنتن ياهو للذهاب الى اقصى الحدود بتنفيذ مخططاته ضد غزة العزة .

وهنا لا بد من مقارنة موجزة جداً بين وضع المقاومة ، ووضع جيش الكيان . فالمقاومة محدودة العدد ، والعدة ، ومساحة التحرك . ومع الإجتياح بدأ العدو يُضيّق الخناق عليها . والدعم العربي للمقاومة مفقود تماماً في ساحة المعركة . يضاف الى ذلك قطع الماء والكهرباء والطعام ، وحتى التراب أصبح ملوثاً وكذلك الهواء . علينا ان نكون متأكدين بان إطالة أمد الحرب ليس في مصلحة المقاومة .

يضاف الى ذلك ان العدو لم يكتفِ بالقصف ، بل عمل على تهجير أهل غزة من الشمال الى الجنوب ، ويلاحقهم في الجنوب لإيقاع أكبر عدد من الضحايا لترهيب الناس وإجبارهم على الهجرة من الشمال الى جنوب غزة . وربما تكون هناك هجرة ثانية الى سيناء داخل الحدود المصرية . عندها تتهيأ الفرصة للعدو لمحو غزة عن الوجود تماماً . وفي النهاية فانها مقاومة وليست جيشاً مجهزاً . فهناك عدم تكافؤ في القوة بسبب الفارق الكبير بين قوة المقاومة وقوة جيش العدو . فإلى متى يمكن ان يصمد المقاتل الذي يخصص له حبة تمرٍ واحدة في اليوم ، يتناول نصفها صباحاً والنصف الثاني مساءً !؟

في المقابل ، فإن الكيان لديه جيش جرار ، مُجحفل ، عظيم العدد ، والعتاد ، والعُدة . وإمداده وتزويدة مستمر بلا إنقطاع او توانٍ . ويتناوب الجنود في الميدان ، ليرتاحوا ويجددوا نشاطهم . ولديهم سلاح الطيران ، والمدفعية ، والدبابات .. وغيرها من ادوات الفتك والقتل والتدمير . فيقصف بالطيران والمدفعية ، ليمهد ساحة المعركة لتتقدم قواته البرية .فتبدأ قواته بتدمير كل شيء أمامها . وهنا تصبح الارض خالية ومكشوفة . فيعيث فيها تدميراً ليسويها بالأرض . وكما يبدو فان العدو لن يتوقف في حربه على غزة ، الا بعد تهجير السكان الى مصر ، وغيرها .

كما ان قطع المياة ، والطعام ، والكهرباء ، إضافة الى
تدمير المستشفيات ، ودور العبادة ، والمدارس فإن هذا دليل اكيد على انه لا ينوي الإبقاء على شيء من متطلبات الحياة في غزة ليجبر الناس على الهجرة . لذلك ارى انه اصبح في حكم المؤكد ان العدو جازم على تفريغ غزة من سكانها .

وعليه أرى ان الحل الوحيد لإيقاف مشروع العدو يتمثل في الوصول الى وقف إطلاق النار ، والوصول الى هدنة دائمة وليست مؤقتة . واذا لم يتم الحصول عليها فانني اعتبر ان غزة قد إنتهت من الوجود . اما اذا تم التوصل الى هدنة دائمة فان غزة ومقاومتها قد إنتصرت ، وتعزز موقف المقاومة على الأرض .

غزة مهددة وجودياً . وسكانها مُهجرون قسرياً . والمقاومة قدمت أكثر مما يتصوره العقل . لكن الغلبة للأقوى في ميدان المعركة . وعلينا ان لا نتأمل كثيراً ، وان لا ( نطيش على شبر ماء ) ، وان لا يغيب عن بالنا الفارق الكبير في ميزان القوة ، الذي يعتبر مُختلاً بسبب عدم التكافؤ . والأمل الوحيد الذي يُرتجى بعد رب العباد عز وجل ، يكمن في تمكن المقاومة من إثخان الجراح في العدو ، بإيقاع ضربات عديدة موجعة لجيش العدو لدرجة تجبره على الإنسحاب والتراجع عن الإجتياح البري .

وما دامت الأقطار العربية قد فشِلت ، او مُنِعت من عقد القمة العربية . والأمل مفقود في أي دعم او مساندة عربية مطلقاً . أتمنى على الأقطار العربية ان يتحركوا دولياً للضغط على العدو الصهيوني وحليفته امريكا لوقف اطلاق النار الذي ينادي به أحرار العالم من كل الشعوب وإستغلال حركة الشارع الأمريكي والبريطاني الملتهب لوقف دائم لإطلاق النار .

أما أردنياً ، فعلينا ان نصل لقناعة أكيدة لا يكتنفها اي شكٍ ، او أي أملٍ بأي تهاونٍ من العدو الذي حاولنا — مخطئين خطأً وطنياً قاتلاً — كسب وده بربط إحتياجاتنا الاستراتيجية به ، بانه لن يتوانى عن الإلتفات الى تهجير سكان الضفة الغربية الينا ، اذا حقق العدو الصهيوني أهدافه في غزة .

على الصعيد الشخصي اتمنى ان يُهزم العدو ويندحر ، وتنتصر المقاومة ، لان إنتصارها في هذه المعركة يبشر بتحرير فلسطين من البحر الى النهر . لكن هناك فارق شاسع بين التمني والواقع .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه