هل يتحمل الوزير المستقيل وحده مسؤولية الإخفاق؟

Stocks31 أكتوبر 2019آخر تحديث :
هل يتحمل الوزير المستقيل وحده مسؤولية الإخفاق؟
زيد نوايسة

أرشيف الحكومات الأردنية لا يحتفظ بحالات استقالة انطلقت من فكرة تَحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية وإن كانت بحد ذاتها دليل شجاعة ويستحق من يقدم عليها على ندرتهم الشكر والثناء لأنها تشكل رسالة إيجابية للناس بأن هناك من يملك شجاعة التخلي عن الموقع الوزاري عندما يشعر بالقصور أو التقصير في أداء مهامه التي أقسم على أدائها بأكمل وجه، بالرغم من أن كلفة ترك الموقع الوزاري على ما يحمل من بريق وأهمية استثنائية في ذهنية المواطن الأردني أمر جلل وخسارة كبيرة.

ضمن هذا السياق يمكن فهم وتبرير استقالة وزير التربية والتعليم وزير التعليم العالي من حكومة الدكتور عمر الرزاز ويبدو أن الاستقالة على ما تسرب من مقربين من الوزير المستقيل بالرغم من احتجابه عن التعليق ومغادرة منصات التواصل الاجتماعي قدمت من أسابيع وجاءت نتيجة خلافات متراكمة مع رئيس الوزراء في ملفات مهمة ولعل أبرزها وأهمها ملف اضراب المعلمين الذي استمر لمدة شهر كامل والذي ربما كان أخطر وأكبر أزمة تواجه الإدارة العامة الأردنية عبر 98 عاما من عمر الدولة.

اللافت للانتباه هو تعليق المصدر الحكومي على الاستقالة بصيغة لم تكن معهودة في التعليق على استقالة الوزراء؛ إذ أكد مصدر حكومي صحة الاستقالة ولكنه رد الصاع صاعين للوزير عندما نبه إلى أن استقالته جاءت كحركة استباقية من الوزير نفسه إذ كان في حكم المؤكد أن يغادر في التعديل الحكومي الذي ينوي

د. عمر الرزاز إجراءه خلال الأيام القليلة القادمة نتيجة إخفاقه في التعاطي مع أزمة إضراب المعلمين ونتيجة ازدياد حجم الفجوة بينه وبين زملائه في وزارة التربية والتعليم والقطاع الذي يديره؛ بالرغم من أن مقربين من الرئيس نفسه أشاروا أكثر من مرة بأن فكرة التعديل الوزاري غير واردة في ذهنه وأنه معجب بأداء الوزير.

استقالة الوزير الاستباقية على ما يقول المصدر الحكومي تطرح سؤالاً جوهرياً هنا وهو أن الحكومة تحمل الوزير المستقيل لوحده مسؤولية الإخفاق في حل أزمة الإضراب وهذا يعني أن الوزير تصلب في فرض رأيه في أزمة خطيرة مست كل بيت أردني وحال دون الخروج بتسوية وكأنه صاحب القرار الأوحد في التعاطي مع قضية بهذا الحجم وبالضرورة يعني أننا تجاوزنا المسؤولية السياسية والأخلاقية للمسؤولية القانونية التي تفرض على كل من تصلب وأخفق في حل هذا الأزمة المساءلة وليس الاكتفاء بالاستقالة أو الإقالة فقط إذا ما فهمنا تصريح المصدر الحكومي في السياق الذي جاء فيه.

كاتب هذه السطور من أكثر منتقدي الوزير المستقيل وسبق وأن اشتبك معه على مواقع التواصل في ملفات الثانوية العامة ونتائجها المثيرة هذا العام والتوسع في القبول الجامعي بشكل غير مسبوق. لكن القول بأنه وحده أخفق في حل مشكلة إضراب المعلمين فيه انتقائية واستسهال وتبسيط غير منطقي ولا يحترم عقولنا، فالكل يعلم أن قرارات مجلس الوزراء تؤخذ بالتكافل والتضامن وأن التعاطي مع أزمة المعلمين استدعى تدخلا من كل الفريق الوزاري ومؤسسات الدولة بل إن الشارع الأردني بشخصياته الاجتماعية والسياسية والعشائرية كان حاضرا في إنتاج الحلول التي تم التوافق عليها بجهود استثنائية.

إذا سلمنا بتصريح المصدر الحكومي بأن سبب الاستقالة هو الإخفاق فإن هذا السبب ينسحب على الحكومة فالإخفاق كان مسؤولية الجميع فالمسؤولية السياسية وربما القانونية يجب أن تشمل الجميع والأهم من ذلك أن بقاء الوزير في موقعه كل هذا الوقت طالما أنه وحده المسؤول أيضاً مسؤولية تتحملها الحكومة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه