تركيا .. نموذج ديمقراطي .. يُحتذى

Husam29 مايو 2023آخر تحديث :
تركيا .. نموذج ديمقراطي .. يُحتذى

 

عوض ضيف الله الملاحمه

أكاد أنفجِرُ غيضاً . وتكاد دموعي تنهمر قهراً وحسرة . ويكاد قلبي ان ينفطر غِلاً . وأكاد ان أخجل من عروبتي أحياناً .

لا أدري لماذا نحن العرب هكذا !؟ نُحلِّل ، ونُقيِّم ، ونستخلص النتائج ، ونذهب لإستنتاجات عميقة ودقيقة ، ونعود لقهرِنا ، وذِلّتنا ، وحسرتنا ، دون جدوى تُرتجى ، او أملٍ يلوح في الأُفق . إعتدنا ، حتى أدمنّا الذل ، والخنوع ، وأهدرنا قيمتنا كمواطنين ، نعيش في حرمان ، لم نتذوق طعم الحرية ، والديمقراطية التي تُشعِر المواطن بهيبته ، وأهميته ، وإحترامه لذاته .

نعم ، لماذا نحن العرب هكذا !؟ أنظمة مُتجبرة ، متغطرسة ، مُكبِّلة لمواطنيها ، ناهبة لخيرات أوطانها ، تعيث فساداً ، وإفساداً ، وتعذيباً ، وإذلالاً ، وتعنيفاً ، وسجناً ، وتحقيراً لشعوبها . ولا تكتفي بنهب خيرات أوطانها ، بل تتفنن في تحقير شعوبها .

عندما أرى دول العالم الديمقراطية وهي تنتخب ، ونحن ننتحب كما النساء على ( حظنا المايل ) . أقول كما غيري : لماذا يا ربي !؟ والله لسنا أقل من شعوب الأرض في شيء ، إن لم نَبُزُّهم في صفات عديدة . عندما ألمس ان للمواطن في تلك الدول قيمة ، وله صوت مؤثر ، وهو مؤشر على تعديل مسارات تلك الدول ، بإفشال محاولات منهم ليسوا أهلاً لتولي زمام أمور السلطة في أوطانهم ، وتقف أصوات الشرفاء في تلك الأوطان سداً منيعاً ، عظيماً أمام الفاشل ، والفاسد للوصول لمنصب قد ينحدر بأوطانهم ، ويوقف مسيرة تطورها ، وتقدمها ، ونموها ، وإزدهارها ، وإرتقائها سُلّم المجد بين دول العالم .

ها هي تركيا ، تخوض إنتخابات ديمقراطية حقيقية ، أراها أفضل كثيراً ، ومتقدمة كثيراً على بعض دول الغرب التي تقود حضارة العالم ، التي تُموَّل إنتخاباتها من أموال الدعارة والقمار . تنافس الذين ترشحوا للانتخابات في تركيا برجولة ، وصراحة ، وإقتدار ، ونزاهة ، ووضوح ، حيث أوضح كل واحدٍ منهم نهجه ، ومنهجه ، وغايته . ورغم التناقض الشديد ، الذي يصل حدّ التنافر بين برامجهم ، الا ان كل واحدٍ منهم سوّق نفسه ، وبرنامجه بإتباع نهج ديمقراطي ، يعترف بالآخر ، ولا يغمطه حقه في الترشح لمقعد الرئيس ، فأصبحوا كما الخيول الأصيلة في ميدان السباق للرئاسة . مع ان كل واحدٍ من المترشحين متعصب ، ومتشدد ، ويعارض لا بل يناقض نهج الآخر كُلياً ، حتى ان الإختلاف ليس برامجياً عادياً ، بل إختلاف في النهج يصل حدّ التناقض . كما لم يتخلَ أي واحدٍ منهم عن تواضعه ، ولم يغادر موقعه كمواطن بسيط في كل حركة وسكنة ، حتى ان الرئيس الذي ما زالت ولايته مستمرة ، يقف في طابور المواطنين العاديين البسطاء ، دون ان يلتفت اليه أحد ، او يعبأ به أحد ، او يحاول أحداً ان يُقدِّمه على دوره ، او يحتفي به ، او .. او . والأهم ان نسبة المقترعين وصلت الى ( ٩٠٪؜ ) ، والسبب الرئيسي لإرتفاع هذه النسبة هو شعور المواطن بقيمة صوته ، وغياب التزوير . ونحن تراوح نسبة المقترعين بين ( ١٢ — ٢٨٪؜ ) ، ويتعجب الجهلة لماذا !؟ ويلقون باللوم على الشعب .

تصوروا معي لو حصلت معجزة في وطننا العربي ، وتم إجراء إنتخابات رئاسية !؟ لما تجرأ أحد على خوضها من المواطنين ، حتى لو كان يوزن الرئيس الف مرة فكراً ، وقدرة ، وكاريزما . ولتم تلفيق الف تهمة له ، وتم وضع مئات العراقيل والعقبات التي تمنع ترشحه . ولتم اللجوء الى بعض الأشخاص البسطاء ، وطُلب منهم الترشُح بالإمر ، لذر الرماد في عيون الجهلة لإيهامهم بان هناك ديموقراطية ، وتنافس . أما يوم الإنتخاب ، فسيتم إخلاء المنطقة التي سيصوت فيها الرئيس ، ولتحركت كل الاجهزة الأمنية ، لتمشيط المنطقة وإخلائها ، وعند حضور الرئيس لينتخب ، يصطف رئيس لجنة الإنتخاب ، وموظفيه ، بأدبٍ ، وخنوع ، وخضوع ، ولسبق الرئيس الى مكان الإنتخاب وزراء الداخلية ، والدفاع ، والإعلام ، ورئيس الوزراء ، ( وكُل الهَلُمه ) حسب لهجة الأشقاء في مصر الحبيبة .

هنيئاً لتركيا ، التي أتمنى لها كل الخير ، وأكره عثمانيتها ، وإستهدافها للعرب ، الذي لن تحيد عنه . أغبطكم ، ومن حُرقتي على وطني العربي الكبير ربما أحسدكم . والويل للعرب ، الويل لهم ، على صبرهم الذي طال على قبول إمتهانهم ، وذُلِّهم ، وفقدهم لكرامتهم ، وغياب العدالة في أقطارهم . البين طَسّنا ، حتى أنظمتنا الجمهورية اصبحت جمهورية وراثية

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه