الشيخ / راشد الخزاعي .. وطنيٌ وعروبيٌ.. واعٍ

Husam17 أبريل 2022آخر تحديث :
الشيخ / راشد الخزاعي .. وطنيٌ وعروبيٌ.. واعٍ

افاق الاخبارية

الشيخ / راشد الخزاعي .. وطنيٌ وعروبيٌ.. واعٍ

بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
(( الجزء الثالث والأخير ))

بعد تأسيس إمارة شرق الأردن ، قَدِم اليها أعداداً كبيرة من أحرار العرب ، واتخذوا من شمال الأردن – وخاصة جبل عجلون – قاعدة لهم ، وذلك لصعوبة تضاريسها ، وكثافة غطائها النباتي ، وصعوبة إجتيازها او ضبطها من الناحية الأمنية . وقد شكلوا فيما بعد حزب الإستقلال ، الذي كان يهدف الى مقاومة الإحتلال الأجنبي بالسلاح ، وقد شارك عدداً من أبناء عجلون في دعم هذا الحزب وذلك بإنضمامهم اليه كأعضاء ، ومنهم :— راشد الخزاعي / سليمان السودي / سالم الهنداوي / وتركي الكايد .. وغيرهم . نشِط الإستقلاليون في عام ١٩٢٤ ، ببعض الأعمال الثورية ، على الحدود الشرقية الأردنية ضد القوات السورية ، مما أدى الى إحتجاج الحاكم العام الفرنسي في سوريا الى حكومة الإنتداب البريطاني بالضغط على إمارة شرق الأردن بمنع أعمال الثوار السوريين من أراضيها ، وهدد بإجتياح شمال الأردن إذا إستمر عملهم من الحدود الأردنية . ووجهت الحكومة البريطانية في ١٩٢٤/٨/١٩ إنذاراً الى حكومة إمارة شرق الأردن لوقف النشاطات الثورية ضد فرنسا في سوريا من أراضيها ، وإبعاد زعماء حزب الإستقلال السوريين . فانصاعت حكومة علي رضا الركابي للإنذار وقامت بإبعاد الزعماء السوريين الى معان . وعلى إثر ذلك قامت المظاهرات في الإمارة بتشجيع من الزعماء الوطنيين ، وتعرّض رئيس الحكومة للإعتداء من قبل أحد المواطنين ، فقامت الحكومة بإعتقال بعض الشخصيات الوطنية ومنهم الشيخ / راشد الخزاعي . وعندما قامت الثورة السورية في جبل العرب وقف الوطنيون الأردنيون ومن ضمنهم الشيخ / راشد الخزاعي مع الثورة السورية وساندوها . مما دفع قائد الجيش الأردني ممثَلاً بالجنرال / فريدريك للإجتماع مع الزعماء الوطنيين في الأردن ، وطلب منهم التزام الحياد تجاه الثورة السورية ، إلاّ أنهم لم يأبهوا بحديثه ، وإستمروا بمساندة إخوانهم السوريين . كما شارك الشيخ / راشد الخزاعي في مؤتمر بلودان في سوريا ، الذي عُقد دعماً للثورة الفلسطينية بتاريخ ١٩٣٧/١١/١٤ ، وعلى أثر ذلك تم إعتقاله وإبعاده الى العقبة وسجنه في قلعتها .

الشيخ / راشد الخزاعي أمير عربي أردني ، وزعيم ثوري ، وهو سليل شيوخ وأمراء وجاءت إمارته كابراً عن كابر حيث ينتمي الى بني عوف أمراء عجلون منذ زمن صلاح الدين الأيوبي وهم من قُضاعة الأردن التي كانت من أقوى قبائل الأردن وظهر منها عدد من الملوك الأردنيين ، الذين حكموا الأردن قبل الغساسنة وكانت جرش عاصمة مملكتهم الأردنية . لذا ورث الأمير / راشد الخزاعي المجد عبر الجينات والدم الممزوج بتراب الأردن منذ زمن الوثنية الى يومنا هذا . وقد حكم الأمير / راشد الخزاعي منطقة الأردن وسهول حوران وأجزاء من فلسطين حتى نابلس غرباً ، وذلك قبل قدوم عائلة الشريف حسين بن علي للأردن . حيث عُرف عنه معارضته وثورته علناً ضد الأمير عبدالله .

حاول الأمير عبدالله بالتنسيق مع الإحتلال البريطاني تصفية الأمير راشد الخزاعي وإغتياله وذلك بقصف موقعه بالطائرات حيث قُتل عدد كبير من رجالاته ، لكنه لم يُصب بأذى مما دعاه للمغادرة الى السعودية .
كما عارض الشيخ / راشد الخزاعي فرض العثمانيين للضرائب الباهظة جداً على الأردنيين . بعد ان تعمدوا بسياساتهم إفقار وإذلال العرب وقتل أي أمل للتحرر . حتى وصل الأمر بأهل عجلون الى طحن البلوط وخبز الشعير ، بعد ان كانت عجلون مزدهرة في العهد المملوكي ، وما سبقها من العصور ، حيث كانت قلعتها صرحاً علمياً عالمياً يُخرِّج الأطباء والجراحين . وكان العثمانيون يتحاشون الإصطدام مع الشيخ / راشد الخزاعي . وكانوا يعتبرونه خصماً ونداً قوياً . وفي أحد الإجتماعات قال للوالي العثماني : [[ أنا عندي ( ٤,٠٠٠ ) إمباردي – أي رجال مسلحون بالبنادق – ومش المهم قديش عندنا أراضي وقديش إلنا وقديش إلك ، المهم عندي انه بلادنا ما فيها صحة والأمراض سارية ومنتشرة ، وتعليم ما فيه ، ومحاولاتكم في التتريك مستمرة ، والضرائب بدون مقابل أرهقت الشعب ، كل فترة تفرضون ضريبة جديدة ، والأشجار تم تقطيعها ، ولو أردتم إدراك الأمور فيجب عليكم إصلاح الحال ]] .

شارك الشيخ / راشد الخزاعي في تأسيس العديد من الأحزاب الوطنية الأردنية منها : حزب أنصار الحق / حزب اللجنة التنفيذية / حزب التضامن / حزب مؤتمر الشعب الأردني / الحزب الوطني الأردني . كما شارك في المؤتمر الوطني الذي عُقد عام ١٩٢٨ ، مع زعماء يمثلون كل مناطق الأردن منهم : [[ علي خلقي الشرايري / عبدالمهدي الشمايلة / عيسى المدانات / عطا الله الطراونة / زعل المجالي / ناجي ابو نوار / حسين الطراونة / عضوب الزبن / سليمان السودي / حديثة الخريشة / سالم الهنداوي / وشمس الدين سامي .

عندما كبُر الشيخ / راشد الخزاعي في السن وقارب على المئة عام من عمره إعتزل العمل السياسي وإكتفى بالدور الإجتماعي من خلال إصلاح ذات البين والقضاء العشائري وبقي كذلك الى ان توفي بتاريخ ١٩٥٨/١١ ( ١٩٥٧ ) ، عن عمر ناهز ال ( ١٠٨ ) أعوام . عاش الأمير الشيخ / راشد الخزاعي الفريحات حياته ثرية من تاريخ جهادي طويل إمتد لأكثر من ( ١٠٠ ) عام ، في حياة حافلة بالنضال ودعم ومساندة المناضلين في فلسطين ، وبلاد الشام وليبيا بالمال والرجال والحماية من الإستهداف والتصفية من المستعمرين أعداء العروبة .

القراء الكرام ، هل لاحظتم هذا الثراء في العطاء !؟ وهذا يطرح سؤالاً هاماً ، وهو : لماذا لا يظهر في عصرنا الحاضر شخصيات أردنية بهذا الوزن والتأثير !؟ وهل الأمهات الأردنيات أصبحن عقيمات لا يقدرن على إنجاب أردنيين يحملون جزءاً من جينات رجالات الأردن المؤسسين الأشاوس !؟ طبعاً الرد بديهي لمن يفهم الواقع الحالي ، وتتمثل الإجابة بان هناك إستراتيجية خبيثة مُبيتة لتهميش كل أردني حرّ يحمل من جينات رجالات الأردن المؤسسين الأوائل ، وعدم إعطائهم أية فرصة لإظهار قدراتهم وتمدد شخوصهم ، حتى يقدمون الدليل الزائف على ان الأردنيين شعب متخلف ، غير قابل للتطور ، وليس لدية قدرات قيادية تؤهلهم لقيادة أنفسهم .(( إنتهى بحمد الله وتوفيقه )). والى لقاءٍ مع أسدٍ آخر من أشاوسنا المؤسسين ، مصدر فخر لكل أردني شريف لم يستمرأ العبودية والذِّلة .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه