أ.د. عاطف البواب
تطالعنا مواقع التوظيف والصحف بين الحين والآخر عن حاجة الجامعات الأردنية إلى أعضاء هيئة تدريس في مختلف التخصصات والرتب الأكاديمية، ويسارع الكثير من المحتاجين لها بالتقدم للوظيفة وتوفير كافة الشروط والوثائق المطلوبة وتبدأ عملية الانتظار للمقابلات، ولكن يكون الانتظار طويلا وتبدأ الدراسة وتكتشف لاحقاً أنه لم يتم تعيين لهذه الوظائف وكأن الموضوع فقط أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتبرير أن الجامعة قد أعلنت ولم يتقدم أحد في تخصص ما يلبي الشروط المطروحة، وربما تكون هناك شروط غير ظاهرة في الاعلان حيث يتم فقط تجميع الطلبات وحفظها، فلا أعلم ما هذه الاعلانات وما الغاية منها؟ أعتقد أن الكثير منها هو فقط لتبرير وجود أعضاء هيئة تدريس من غير الأردنيين موجودين في الجامعة ولهم كل الاحترام والتقدير، وتكون الحجة هي أنهم يمتلكون مؤهلات وخبرات معينة ولم تتوفر في المتقدمين الأردنيين ولكم أن تشاهدوا ذلك في العديد من التخصصات. وكثير من الأحيان يكون بإضافة عبارات تفصل الاعلان على شخص بعينه بغيةً في استبعاد أي طلب توظيف لا تنطبق عليه تلك العبارة ولا أقول شروط التوظيف، والغريب في الموضوع يعاد طرح الاعلان بين الفترة والاخرى، وتجد أن الجامعة لم تقم بعملية التوظيف، ويصبح الاعلان هو ترويج للجامعة ليس أكثر من ذلك، ويكون الاعلان سِتار أمام التعليم العالي والبحث العلمي بأن الجامعة أعلنت عن الوظيفة ولم يتقدم أحد يلبي شروط الاعلان.
إنَّ متابعة وزارة العمل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لهذا الاعلانات غير موجودة حيث أن الطلبات لا تصل إليهم وحتى وإن قاموا بزيارة الجامعة، ويبقى الحال في الكادر الموجود في الجامعة كما هو، أضف إلى ذلك أن التفاوض على الراتب عند مقابلة المتقدم للوظيفة دون المستوى المناسب، مما يجعل المتقدم للوظيفة مستنكفاً ويبقى غير الأردني موجود في الوظيفة، علماً أنه يُكلف الجامعة أكثر من الراتب المدفوع للأردني، فهناك رسوم تدفعها الجامعة عن عضو هيئة التدريس مثل تصريح العمل ورسوم الاقامة وبدل السكن وغيرها، ناهيك عن أن الراتب نفسه المدفوع للوافد يكون أعلى من الراتب المعروض على المتقدم للوظيفة من الأردنيين، ويكون خريج دول غير عربية ولا دول ناطقة باللغة الانجليزية كما تشترط تلك الاعلانات. والسؤال هو لماذا لا يتم أردنة الوظيفة في هذا القطاع أسوة بمعظم دول العالم؟ فتنظر في دول الخليج على وجه الخصوص كيف تقوم بتوظيف المواطن الأصلي قبل النظر في توظيف الأجنبي (وهذا حق) وخصوصا في الوظائف الأكاديمية، فنرى ما يسمى سعودة الوظيفة في المملكة العربية السعودية وكوتنة الوظيفة في الكويت ويمننة الوظيفة في اليمن وغيرها، وهذه ابسط حقوق المواطنة.
إنَّ الاستفادة من خبرات الآخرين وأعني غير الأردنيين شيء جيد ومفيد ولكن إن توفرت الخبرات مع الأردني يصبح الأمر غير مرضي ويعمل على زيادة البطالة في صفوف الأردنيين، ويطرح السؤال ما هي الجدوى من التمسك بغير الأردني في ذلك؟ إنَّ العديد من الدول تشترط في التوظيف أن يكون المتقدم من أبناء الوطن وليس هذا فحسب بل أنَّ الأولوية تكون من خريجي جامعاتها قبل النظر إلى أن يكون من خريج جامعات الدول الأخرى، فترى أن مصر مثلاً من شروط التوظيف لديها بالدرجة الاولى مصري ومن خريج جامعاتها وإن لم يتوفر يجب أن يكون مصري الجنسية وأن يكون خريج جامعة غير مصرية شريطة توفر المؤهل والخبرة المطلوبة. وما يحدث هنا أن الأردني إذا كان خريج الجامعات الأردنية وأقصد على وجه التحديد الدراسات العليا تقل فرصته في التوظيف حيث يخبرك الاعلان أنه من المفضل أن يكون من خريج جامعات من دول ناطقة باللغة الانجليزية أو غيرها. مما يشكل عائق آخر أمام الأردني في الفوز بالوظيفة، علما أن جامعتنا والأساتذة الكبار فيها تخرجوا من جامعات أجنبية ونقلوا المعرفة إلى طلاب الجامعات الأردنية وبالذات طلاب الدراسات العليا. وعليه فإني أرى أن تتابع وزارة التعليم العالي اعلانات التوظيف التي تطرحها الجامعات وتتابع تجديد عقود غير الأردنيين لما في ذلك مصلحة وطنية أسوة بالدول الاخرى.
ان إلزام الجامعات بتوظيف الأردني ومن خريجي الجامعات الأردنية هو حس وطني بالدرجة الأولى ويعود بالنفع على الاقتصاد الأردني وبعكس ذلك هو اعتراف صريح بأن الخريجين هم ليس بالمستوى المطلوب وهذا يدل على أن من تتلمذوا على أيديهم هم غير واثقين من خريجهم ولا ينم عن مواطنة حقة.