علي خُلقي الشرايري .. وخُلُقِه الراقي (( الجزء الأول ))

Stocks30 أكتوبر 2021آخر تحديث :
علي خُلقي الشرايري .. وخُلُقِه الراقي (( الجزء الأول ))

افاق الاخبارية

علي خُلقي الشرايري .. وخُلُقِه الراقي
(( الجزء الأول ))

بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه

علينا جميعاً ان نُعلِّم اولادنا سيرة رجالات الاردن الحقيقيين . لذلك أَخذتُ على عاتقي ، ان أتفاخر ، وأُقابل التجهيل ، بالتعريف برجالات الاردن ، المؤسسين الأوائل ، وان أُذكِّر بهم ، وان أُخرج أسمائهم من النسيان المبرمج ، الممنهج ، الى ذاكرة شبابنا الذين لا يعرفون عنهم شيئاً ، ولو بمقال مختصر ، لا يفيهم حقهم ، لكنه يعطيهم جزءاً يسيراً من واجبِهم علينا . أكاد أخال انهم ، حتى وهم في قبورهم ، بان ارواحهم تتطوف حولنا ، وتلومنا على تقصيرنا امام ما قدموا لنا وللوطن . واثبتوا انهم رجال صناديد ، يَفِلُّون الحديد بجرأتهم ، وشجاعتهم ، وعدم سكوتهم على الضيم والقهر . فتصدوا بكل جرأة الى كل غبنٍ حاول الاخرون كيله للوطن .

من الشخصيات الأردنية المتميزة ، التي لعبت دوراً في أحداث بلاد الشام ، وتمدد الامبراطورية العثمانية ، وبدايات تأسيس الدولة الاردنية ، إنه المناضل اللواء / علي بن حسين بن علي بن سلامه بن محمد بن بشر بن عمرو بن بلي ، وبلي من قُضاعه ، من عرب الخزرج ، وكنيته الشرايري ، نسبة الى جده الرابع محمد الذي لُقب (( بأبي شرير )) ، الذي إعتُمد كمؤسس لعائلة الشرايري ، في مدينة إربد . ولد علي خلقي الشرايري عام ١٨٧٨ ، بمغارة تعود الى جدِّه ، وتوفي عام ١٩٦٠ .
.. وهم الذين تغنى بهم الأعشى بقوله :-
واستكثر من الكرام بن بلي / وأصلهم من قُضاعة الخزرج .
هاجرت عائلة الشرايري من تبوك الى فلسطين فاستوطنت في مدينة نابلس ، ثم رحلت الى قرية دورا التابعة الى الخليل ، ثم هاجر جدهم الى الاردن ، وسكنوا الغور ، ثم أقاموا في قرية (( كفر أسد )) .

المناضل / علي خلقي الشرايري ، من المناضلين العرب الشرفاء الذين دافعوا عن هويتنا القومية ، ووحدة بلاد الشام ، وعن تهويد فلسطين ، وعن وحدة تراب الاردن .
كما ساهم القائمقام / علي خلقي الشرايري في صُنع اول دولة عربية مستقلة في سوريا بعد خروجها من حكم الامبرطورية العثمانية ، بعد ان نفّذ جمال باشا التركي السفاح سلسلة من الاجراءات ضد الحركة العربية ، في سوريا الطبيعية ، وكان اشدُّها اعدامه لعدد من قادة القوميين العرب ، وخلال هذه الحرب عقدت بريطانيا وفرنسا اتفاقية سايكس – بيكو عام ١٩١٦ ، لتقسيم واستعمار البلاد العربية ، وكذلك وعدت الصهاينة بإقامة دولة لهم في فلسطين . كما ساهم في نشوء الاردن الحديث ، هو ومعه عدد من مشاهير التاريخ الاردني ، الذين ناضلوا ضد الاتراك لوحدة البلاد العربية واستقلالها . وهناك الكثير من الادلة على قومية فكره ، حيث قاتل / علي خلقي الشرايري في جِبال وبِطاح اليمن . كما قاتل في الزوية ، والقنيطرة ، ومرجعيون ، والنبطية . وقاد اول ثورة ضد القوات الفرنسية عام ١٩١٩ .

لم يعش حياة مرفهة ، بل عاش حياة الشقاء ، حيث ولد في مغارة ، كان يقتنيها كل فلاح اردني ، شارك والده باعمال الزراعة وفلاحة الارض وهو في سن السابعة ، لكنه اكتشف في نفسه الرغبة في التعليم ، وكان له ذلك بعد موافقة والده بصعوبة ، فتم تسجيله في المدرسة ، واكمل دراسته الاولية بتقدير امتياز . عندها طلب من والده ان يرسله لاستكمال تعليمه في المدرسة الرشيدية في دمشق ، فرفض والده طلبه بشدة ، وطلب منه الاشراف على زراعة اراضيهم الواسعة ، لان والده كان من كبار الملاكين . وعندما لم تنجح كل الوساطات لاقناع والده ، أخذ (( البَغّْلة )) التي كان يستخدمها والده لحراثة الارض ، الى درعا ، وباعها ، ليذهب الى دمشق ، لتنفيذ رغبته ، وتلبية طموحه بمتابعة دراسته في المدرسة الرشيدية المشهورة في دمشق ، وتخرج منها عام ١٨٩٢ ، بتقدير إمتياز ، مما أهله للذهاب الى استانبول . ساندته قيمه النبيلة ، وقوة شخصيته ، وصلابة ارادته ، وعصاميته ، ورقي اخلاقه ، والتزامه بالمثل العليا ، والقيم والتقاليد العربية لأن يكون محبوباً ومتميزاً بين اقرانه . بعدها عرض على والده ان يسافر الى استانبول ، ليلتحق بمركز المدارس العسكرية الوحيدة في الامبراطورية العثمانية الكبيرة ، فوافق والده . فسافر الى الاستانة عام ١٨٩٥ ، وقُبل بكلية الاستانة الحربية ، وتخرج منها عام ١٩٠٢ ، برتبة ملازم ثاني . وعندما ترقى الى رتبة رئيس ( نقيب ) ، تزوج من ابنة الفريق شكري باشا ، القائد العام للجيش التركي .

وفي عام ١٩٠٥ خدم مع الجيش العثماني في قلاع الدردنيل ، والقوقاز ، وتركمانستان ، التي كانت تحارب الجيش الروسي ، حيث ابلى بلاءًا حسناً ونتيجة ذلك مُنح وسام الشجاعة وتم ترفيعه الى رئيس أول .
وفي عام ١٩٠٦ خدم في القوات التركية المتمركزة في لبنان وسوريا والاردن . وفي عام ١٩٠٨ تم نقله الى اليمن ، وعلى اثرها شارك في المفاوضات بين الامام يحيى والاتراك لإخماد الثورة اليمنية ، وبعدها تم نقله الى ليبيا لمحاربة الايطاليين . وكان برفقته القائد / نجيب سعد البطاينه ، الذي استشهد في ليبيا عام ١٩١١ . كما شارك في الحرب العالمية الاولى ، بقيادته للفرقة ( ١٧ ) ، لتحرير قناة السويس من الانجليز ، فهزمهم ، وطرد الانجليز من قناة السويس ، وكان معه في المعركة ( النقيب نوري السعيد ، والنقيب وعزالدين القسام وغيرهما . ثم عاد الى استانبول في اجازة حيث التقى القائمقام / علي خلقي الشرايري الأمير فيصل العائد من دمشق ، فتباحثا معاً في احوال الولايات العربية . وارتاح الامير فيصل بعد ان عرف ان علي خلقي الشرايري ينتمي الى جمعية العهد التي معظم افرادها من الضباط العرب . ثم توجه للعراق لمحاربة الانجليز . حتى انه قضى على لواء انجليزي في معركة كوت العمارة . وعندما عرف الانجليز ان قائد المعركة عربي ، وليس من الاتراك ، خططوا لقتله مهما كلف الثمن . وعندما احتل الانجليز بغداد تم أسره ، وتم ارساله الى المعتقل في الهند . وعندما عرف الانجليز انه حوراني من الاردن ، عرضوا عليه الخدمة معهم برتبة اعلى ، فتظاهر بالموافقة ، فاطلقوا سراحه ، والتحق بالجيش العثماني بأزمير . ونقله وزير الدفاع التركي الى مكة المكرمة كحاكم عسكري وذلك في عام ١٩١٦ ، اي قبل أربعة أشهر من اعلان الشريف حسين بن علي ثورته العربية الكبرى . (( يتبع الجزء الثاني )) .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه