إسقاط الصواريخ .. هل فيه مصلحة أردنية ؟

 

عوض ضيف الله الملاحمة

بداية ، لعنة الله على الجغرافيا ، والتاريخ كمان . الجغرافيا كما الجار السيء — طبعاً جار بيت الحجر — اما جار بيت الشعِر ، فلا يوجد أسهل من ( هَدّْ ) بيت الشَعِر والرحيل ، للبحث عن ديار وجيران جُدد ، يسرون الخاطر ، ويبهجون الصدر . وكذلك بيت الحجر ، للخلاص من الجار السيء ، يمكن بيعه ، والبحث عن جار طيب في مكان آخر . أما الجغرافيا التي تجمع بين جيرة الدول ، فلا حلّ لها . وهذه الجيرة تفرض نفسها على الجار الآخر . ومعضلة الأردن تعدد جيرانه ، وكلهم لا يعرفون الإستقرار والأمان . أما ان يصبح الكيان المحتل جارك — بعد إحتلاله الأراضي الفلسطينية ، فهذا الكارثة بعينها .

طبعاً ، لن يهدأ النتنياهو ، ولن يرتاح وهو يرى ان الفرصة مواتية له لتحقيق احلامه الصهيونية . وهناك أسباباً تدعوه للإصرار على الإستمرار في حربه ، منها :—

١ )) الصمت الإنهزامي للنظام الرسمي العربي ، الذي لم ولن يسبق له مثيل ، لدرجة ان تلك الأنظمة لم تجرؤ على إصدار بيان شجب وإستنكار كما تعودنا خلال ال ( ٧٥ ) عاماً التي مرّت على الإحتلال .
٢ )) أشبع النتنياهو جزءاً يسيراً من شهوته للقتل والتدمير في غزة ، فحولها الى ركام . وهنا تكمن مشكلته بانه لم يستطع تحقيق اهدافه التي اعلنها هو من الحرب على غزة . الى ان وصل الى طريق مسدود في غزة ، ولم يستطع الحفاظ على ماء وجهه ، فاستدار الى لبنان .
٣ )) إنهاكه حزب الله بطريقة لم تخطر على بال أحد ، من ناحيتي اغتيال كل قادة الصف الأول ، وتمكنه من تدمير نسبة كبيرة من قدراته الصاروخية .
٤ )) الدعم الأمريكي بشكلٍ خاص ، والأوروبي بشكلٍ عام ، غير المسبوق للكيان .
٥ )) التأييد الجماهيري الكبير في الكيان لنتنياهو في حربه .
٦ )) التأييد الكبير لنتنياهو من اعضاء حكومته ، وعلينا ان لا نأخذ بما يُشاع عن خلافات بين اعضاء حكومته ، لأن ما يحدث بين اعضاء الحكومة هو إختلاف في الآراء وليس خلافاً على النهج العدائي .
٧ )) كلما طال امد الحرب كلما إبتعد النتنياهو عن محاكمته .
٨ )) يخطط النتنياهو بإستمرار الحرب لحين وصول ترامب الى الرئاسة في امريكا . لان ترامب يتفنن ويبدع ويفكر خارج الصندوق في دعم الكيان . ونذكر جميعاً ما حققه للكيان خلال فترة رئاسته الأولى . وعلينا ان نتذكر دوماً ما صرح به قبل اسابيع عندما قال : عندما انظر الى الخارطة ارى ان مساحة الكيان صغيرة جداً ، لذلك يجب توسيعها ، وتوسيعها لن يكون الا على حساب الأردن .

الكيان ، وايران ، يودان إقحام الأردن في الحرب الدائرة ، ولكل طرف أهدافه من ذلك . ونحن لا نملك القدرات والإمكانات التي تؤهلنا لذلك . ولنا أسبابنا العديدة التي منها : ان تحرير فلسطين هو واجب عربي وليس أردني ، فتحرير فلسطين لن يتم الا بتجهيز وإطلاق الطاقات والإمكانيات العربية — ان لم تكن كلها ، فغالبيتها على الأقل ، وحصراً الدول العربية التي تمتلك القدرات المطلوبة — كما انه في ظل الصمت الرسمي العربي ، لا يمكن للأردن ان ينبري ويتصدى منفرداً لهكذا مهمة لا تتناسب مع قدراته .

اذا كان الكيان وايران ان يتصارعان بينهما ، وتكون الأردن ساحة المعركة ، فلا يمكننا فعل شيء . لأن الجغرافيا تُقحمنا قسراً لنصبح ساحتها الأكبر والأخطر . مع ان لدى ايران جبهات اخرى مساندة ومؤيدة للنهج الإيراني ، ويمكن اعتبارها بديلاً للأجواء الأردنية . لكن ايران لا تريد ذلك ، بل تُصر على قصف العدو عبر الأجواء الأردنية . أما الكيان فلا بديل لديه لمواجهة الصواريخ الا في الأجواء الأردنية ، وانا على ثقة أكيدة بأن الكيان سيستخدم الأجواء الأردنية اذا استهدف ايران سواء بالصواريخ او الطائرات .

لكن ، إذا كان الخيار ، والقرار أردنياً ، لماذا نعترض الصواريخ الايرانية ونسقطها لتسقط على رؤوسنا ، بدل ان ندعها تسقط على رؤوس عدونا الصهيوني ؟ ولأنني لم أتشرف بالخدمة العسكرية طيلة حياتي ، وليس لديّ لا معرفة ولا ثقافة في الأمور العسكرية ، أود ان أسأل سؤالاً آخر : هل إعتراض وإسقاط الصواريخ الايرانية في أجوائنا فيه مصلحة للعدو ، وإضرار بالأردن ، ام العكس ؟ او ما الحكمة من إسقاط الصواريخ الايرانية في اجوائنا ؟ ام انه يتم اعتراض تلك الصواريخ من القواعد الأمريكية الموجودة على أرضنا ، ولماذا لم تحمي القواعد الأمريكية الأجواء الأردنية ؟ أصبح ينطبق علينا المثل الشعبي الذي يقول :(( بين حانا ومانا ضاعت إلحانا )) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى