ماذا تعرف عن أولى الملاحم العثمانية التي انتصر بها المسلمون -معركة قوصوه أو كوسوفو –  ( فيديو )

اَفاق الإخبارية –

معركة قوصوه أو كوسوفو

أولى الملاحم العثمانية التي انتصر بها المسلمون والتي كانت بوابة عبور العثمانيين الى أوروبا فمنها بدأت الفتوحات وسُجلت الانتصارات ، فماذا تعرف عن هذه المعركة .. وكيف ارتبط لون العلم العثماني والهلال من هذه المعركة ؟

في شهر تشرين الأول / أكتوبر من عام 1389 للميلاد، وقعت معركة “كوسوفو”، إحدى أشهر المعارك التي شهدها التاريخ الحديث وأكثرها شراسةً والتي شكّلت منعطفًا حاسمًا ومحورًا مفصليًا في تاريخ العثمانيّين من جهة وشبه جزيرة البلقان والوجود الإسلاميّ فيها من جهةٍ ثانية، حين قرّر الملك الصربيّ “لازار” حشد جيوشه والتحالف مع أمراء ألبانيا والبلغار لوقف التقدّم العثمانيّ المندفع بقوّة وسرعةٍ كبيرة نحو البلقان وشرق أوروبا

يمكننا القول أنّ الدولة العثمانية سعت منذ بداياتها للتوسّع غربًا والدخول في القارة الأوروبية. حتى جاء السلطان “مراد الأول” الذي تولّى الخلافة سنة 1360 ونهج نهجًا مدروسًا للغاية في التوسّع لا سيّما مع استغلاله ضعف الامبراطورية البيزنطية شرقيّ أوروبا نتيجة انشغالها في خلافاتها الداخلية بين حكّام البلقان، والبلقان هي البوسنة وصربيا ومكدونيا وألبانيا وكوسوفو  .. فمن هو السلطان الغازي مراد الأول الذي بسطَ سيطرتهُ على دول البلقان ؟

مراد بن أورخان بن عثمان بن أرطغرل، هو حفيد مؤسس الدولة، ولد عام 1326م، تسلم الحكم بعد وفاة أبيه، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، وفي العام التالي لتوليه الحكم فتح “أنقرة” مرة أخرى، ثم قام بفتح “أدرنة” وجعلها العاصمة بدلا من “بورصة” .

وقام بفتح “فيليبا” أحد المراكز الحيوية في البلقان، حتى يتسنى له جعْل مدينة القسطنطينية محاطة بالأراضي العثمانية، وبفتوحات السلطان مراد صارت الإمارة العثمانية متاخمة للصرب والبلغار وألبانيا.

أثارت فتوحات مراد الأول مخاوف الدول الأوروبية، فقام البابا أوربانوس الخامس بتعبئة الجيوش الصليبية التي هاجمت “أدرنة” في غياب مراد والذي كان محاصِرًا لمدينة أخرى، لكنه عاد ليواجه الجيش الصليبي فهزمه.

قام ملك الصرب الجديد وقتها بتكوين جبهة صليبية مع الأمير البلغاري ضد الدولة العثمانية، إلا أن الجيش العثماني قام بدحر هذا الجيش الصربي البلغاري، وعلى إثره قام ملك الصرب وأمير البلغار بتوقيع معاهدة مع السلطان مراد، يلتزمان بموجبها بدفع جزية سنوية للدولة العثمانية.

عهِد مراد الأول إلى وزيره “تيمور طاش” بتكوين سلاح للفرسان، فقام الأخير بفتح العديد من البلدان، منها مدينة صوفيا العاصمة الحالية لبلغاريا.

أقلقت انتصارات تيمور تاش في شرق أوروبا أمير الصرب لازار، وهو أحد أقوى أمراء الصرب. كان لازار قد قبِل السيادة العثمانية سابقاً، لكنّ تقدّم تيمور طاش أقلقه أكثر، فاعتبر أنّ تقدمه لن ينتهي إلا بالقضاء على لازار نفسه، وهكذا بدأ لازار في تكوين حلفٍ من بلاده وبلاد البوسنة وكذلك بعض الإمارات الأخرى التي إما هُزمت من العثمانيين أو أقلقها التقدُّم العثماني.

وقد باغت لازار وحلفاؤه قوات تيمور تاش عام 1388 في منطقة بلوشنك، وهزموه هزيمة ساحقة وأجبروه على التقهقر والتخلِّي عن الأراضي التي كان قد ضمّها في جنوب صربيا. لكنّ هذه الهزيمة لم تمرّ مرور الكرام على السلطان مراد الأول.

مثّل انتصار ملك الصرب لازار في هذه المعركة أملاً لبقية الإمارات والممالك في شرق أوروبا، وهكذا بدأ تحالفه يتّسع لحلفاء جدد. فأصبح حلفه يضمّ الصرب والبلغار والبوسنة والأفلاق وبولندا وبعض الألبان من الذين كانوا قد قبلوا السيادة العثمانية سابقاً.

وجّه مراد الأول جيوشه مرةً أخرى نحو شرق أوروبا، وقد ترك قوةً من جيشه في الأناضول لمواجهة القلاقل التي كانت تثيرها بعض الإمارات التركمانية هناك. فقد كانت أولويته هي الردّ على تلك الهزيمة وإثبات سيطرة دولته على ما كان تحت سيطرتها من أراضٍ في شرق أوروبا.

استطاع أولاً هزيمة البلغار وبعض الإمارات الأخرى، مواصلاً طريقه لمقابلة حلف لازار الشرق أوروبي. وهكذا كانت شرق أوروبا على موعدٍ مع معركة كوسوفو الأولى.

وقعت المعركة يوم 10 أغسطس/آب عام 1389 في كوسوفو، جنوب صربيا.  كان قائد الجيش الأوروبي هو لازار، ملك الصرب. بينما اشترك معه من أمراء البلقان تورتكو ملك البوسنة، وفوك برانكوفيتش، ومركيا أمير الأفلاق، وجورج  كاستريوتا أحد أمراء ألبانيا .

وعندما بدأت المعركة كانت كفة المعركة لصالح الجيش البلقاني، بعدما بدأ الجيش الصربي هجومه القوي. استطاعت المقدمة العثمانية امتصاص هذا الهجوم الضخم مدعومين بالنبّالة، وفي لحظةٍ مواتية هاجم الجيش العثماني، فاستطاع تفريق جيش الشرق الأوروبي وأسر ملك الصرب لازار وبعضاً من قادته، كان جزاء لازار القتل هو وقادتُهُ .

لكنّ فرحة النصر العثماني تعكّرت بما حدث للسلطان العثماني، فبينما هو يسير في أرض المعركة بعد انتصاره الكاسح، اقترب منه أحد النبلاء الصرب معلناً إسلامه ورغبته في الحديث مع السلطان، وعندما اقترب .. عاجله بطعنات من خنجره، وهكذا فارقت روحه الحياة بعد وقتٍ قليل .

وهناك روايات تاريخية على هامش المعركة تقول إن ما يرتبط بهذه المعركة الفاصلة، أنّ العلم العثمانيّ أو التركيّ استمدّ لونه الأحمر تيّمنًا بدماء الشهداء التي سقطت جرّاء معركة كوسوفو. إذ يروي محمد حرب في كتابه “العثمانيون في التاريخ والحضارة” أنّ العلم العثمانيّ ارتبط منذ بداية ظهوره بأسطورة شهيرة عن انعكاس القمر على دماء الشهداء التي كانت مثل البحيرة في معركة كوسوفو، فمن هنا جاء اللون الأحمر ومعه الهلال قبل أنْ تُضاف إليه النجمة لاحقًا

 

ختامًا ،،

كانت نتيجة هذه المعركة هو كسر شوكة المنافس القوي المُمكِّن للدولة العثمانية في شرق أوروبا، وهكذا اعتبر المؤرخون تلك المعركة أول انتصارٍ ساحق للعثمانيين في أوروبا. وهكذا فُتحت أبواب الصرب على مصراعيها للتوسع العثماني .

https://www.youtube.com/watch?v=6yjrfCyN7IU&ab_channel=AFAQOnlineTV

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى