بين التمثيل القانوني الوجاهي والتمثيل القانوني الالكتروني

Stocks8 ديسمبر 2020آخر تحديث :
بين التمثيل القانوني الوجاهي والتمثيل القانوني الالكتروني

افاق الاخبارية

بقلم المحامي محمد ابراهيم مطالقة

انقسم المحامون بين مؤيد ومعارض حول نية وزارة العدل بتطبيق وتفعيل الحضور والتمثيل الالكتروني والاستعاضة به عن الحضور والتمثيل الوجاهي الا في حالات الشهود والخبرات والقرارات الفاصلة في النزاع. أما البحث حول قانونية هذا الاجراء واتساقه مع احكام القانون فهذا يحتاج بحثا ونقاشا مستفيضا سأحاول أن أسلط الضوء عليه في مقالة أخرى، وسأحاول في هذا العرض أن أتطرق لمدى سهولة وصعوبة تطبيق هذا الإجراء وما قد يحقق من فوائد أو يؤدي الى نقص أو خلل في انفاذ القوانين وما ينبثق عنها من أنظمة وتعليمات واجراءات ومدى نجاعته وضرورته في التمثيل القانوني ودور المحامي في انجاح أو افشال ذلك. من وجهة نظر شخصية وبناءا على ممارسة عملية لسنوات عديدة أرى في ذلك ايجابيات من شأنها تحسين واسراع ادوار التقاضي وبدء سريان المدد.
اعتقد ان هذه الخطوة قد تشكل انعطافه هامة في تطوير أعمال القضاء والمحاكم ضمن الجهود والسعي الدائم التي تبذل للتطوير والتنظيم ومواكبة الدول المتقدمة في رفع كفاءة العمل وتحسين جودة الأداء، الا انه في ذات الوقت كان يجب على الدولة الانتقال لها تدريجيا وتهيئة البنية التحتية لذلك من انظمة واجراءات وتدريب الطواقم والمحامين قبل فرض التكنولوجيا واسقاطها سقوطا حرا دون تجهيز العدد والعدة حتى لا يكون سقوطنا سقوطا مدويا وانتحاريا لمهنة المحاماة ولرسالة القضاء السامية.

اما بخصوص التبليغ فأنني ارى انها خطوة في الاتجاه الصحيح لتفادي التبليغات والاخطارات الكاذبة والمغلوطة والبعيدة عن الحقيقة على عناوين وارقام وهمية الا انه كان يتوجب على وزارة العدل بناء بنك معلومات طيلة الفترات السابقة ومطابقتها مع وزارة الداخلية ومديريات الاحوال وشركات الاتصال ومؤامة التشريعات لذلك واستمرار تحديث البيانات.

اما اهمية التمثيل الوجاهي ودوره في الاجراءات والانجاز فإنني ارى ان حضور المحامي لا يؤثر على المادة القانونية قي القضية وما تستند اليه الدعوى من اسناد قانونية وبينات وان حضوره لا يؤثر بشكل رئيسي في الدعوى الا ان كان ذلك في مناقشة شهود او خبراء او استجوابهم او في افهام الخبراء المهمة حيث يتعين على المحامي التأثير في اثبات نقاط قانونية وتوجيه الاسئلة واستنطاق الشاهد او الخبير. وعليه فان اغلب حضور المحامين في جلسات المحاكمة وللأسف يدور بين اشكال وانماط متبعة (كلاشيهات) تكون معظمها مطبوعة؛”وان كان هذا لا ينتقص من ادوار المحامي”، وانما اصبحت وخلال السنوات المنصرمة ولقلة الوقت وضغط العمل وقلة الخبرة سببا في نمذجة الحضور والاجراءات وقتل دور المحامي واثبات شخصيته في المحاضر حتى كادت المحاضر تتصارع في ملفات القضايا لتشابهها وتوأمتها ايهما ينتسب لمن وكأننا امام حالة اثبات نسب.
ولما تقدم فأنه كان من الاوجب والاحوط الثبات والتمسك بالادوار الحقيقية الفاعلة حتى لا نقع في نطاق قول الضرورات تبيح المحظورات ونترك حجة ان ما وصل اليه الامر من تدخل المجلس القضائي في سير العملية القضائية وادوار المحاكمة ودور المحامي فيها لزاما للحد من السلوكيات الخاطئة والمماطلة والتأخير في الفصل في النزاعات لغياب دور نقابة المحامين في مخرجات التدريب وعدم الحد من السلوكيات الخاطئة وتكرارها ومخالفة النظام العام ودور المحامي الحقيقي والرسالة التي يقوم بها.

اما بخصوص الكلفة المالية فأن هذا لا بد ان يكون في جانب السلبيات منه اكثر من الايجابيات لطبيعته، حيث الانتقال الى هذا النوع من الاجراءات يشكل عبئا اضافيا على وزارة العدل حيث ان اجهزة المحاكم تحتاج الى تجديد بالكامل حيث انها في وضعها الراهن غير صالحة ولا ترتقي لاستعمالها كآلات طباعة اكثر مما هي كأجهزة حوسبية، كما ان هذه الخطوة تشكل عبئا اضافيا للمحامي يحتاج فيها الى اجهزة حديثة ومتطورة وطابعات وماسحات ضوئية وانترنت بسرعة جيدة تتناسب مع طبيعة الاعمال بالاضافة الى التدريب والتدرب عليها كل هذا في وقت صعب واستثنائي والمهنة فيه تحتضر، وتجدر الاشارة الى ايجابية تخفيف اعباء الانتقال والتنقل بين المحاكم ودوائرها بالاضافة الى تخفيف الاعباء الوظيفية طرديا مع تخفيف اعداد المراجعين من المحامين وغيرهم وتقليل تكرار الجلسات دون اي اجراء جوهري لما هو موجود ومطبق في السنوات السابقة.

وفي الاجراءات الموازية لسير العملية القضائية اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تسطير الكتب اللازمة لاحضار بينات، واجراءات الترسيم والتصديق والتصوير ، الاجراءات المستعجلة والوقتية والطلبات المستعجلة وغيرها الكثير من عمليات مرتبطة في سير العملية القضائية ارتباطا لصيقا سيكون على وزارة العدل التعامل معها جميعا في منظومة داخل منظومتها الجديدة مع غياب الربط الحكومي الالكتروني الحقيقي، في حين ان هذه الاجراءات كانت عبئا يحمله المحامي الوكيل عن مسار العدالة والتقاضي يأخذ جل يومه بين اروقة المحكمة او الدوائر لتأمين المحاكم بها فهل ستكون وزارة العدل ممثلة بمحاكمها وموظفيها جاهزة على التعامل مع هذا الحمل الذي كان ما يقارب خمسة عشرة الف محامي يحملون العبء كاملا عنها.

ان الحديث عن التقاضي عن بعد، يحمل في طياته الكثير من التفاصيل والتحديات التي لا يمكن حصرها في مقال واحد، وان ضرورة مواكبة العصر والحداثة تقتضي الانتقال لها مع ضمان حقوق المتداعين فيه في التمثيل القانوني الحقيقي والفعال دون المساس بالحقوق المدنية التي أقرها الدستور والقانون للجميع واجراء المعادلة فيما بينها، وان اختيار أنموذج يطبق ليس كأختيار قطعة من دور الازياء العالمية وانت تعرف حق المعرفة انها لا تتناسب مع قياسك وتقاليدك وستبدوا فيها مسخا، وانه لكل ولادة صرخة والم وها نحن نصرخ صرخات الم دون حمل او ولادة حقيقية ضمن خطة غير واضحة او فاعلة ونقول لعله يكون خيرا مما سبق.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه