عدسات الكاميرات والسياسات تستدير 180 درجة

Stocks25 مارس 2020آخر تحديث :
عدسات الكاميرات والسياسات تستدير 180 درجة

آفاق نيوز :
د.عدلي قندح
استدارت عدسات كاميرات محطات التلفزة العالمية 180 درجة من الشرق الى الغرب بعد أن استطاعت الصين أن تحقق نجاحاً منقطع النظير، هو الأول من نوعه في العالم، سبقت فيه دولاً صناعية متقدمة تعْتبرُ نفسها من الطراز الأول في اعتمادها على العلم والعلماء في ادارتها لدفة صنع واتخاذ قرارتها اليومية. فبعد شهرين من اتخاذ الصين للخطوات، التي اعتبرها العالم مثيرةً، بحجر حوالي 56 مليون شخص في مدينة ووهان ومقاطعة هوبي المحيطة بها، تباطأت العدوى اليوم بشكل كبير داخل الصين، ولم تحدث أي حالات جديدة داخلية في المقاطعة التي كانت بؤرة المرض في اخر ستة أيام متتالية. وهذا الانجاز ترفع القبعات له. فمع تباطؤ معدل الإصابة المحلية في الصين ، كثفت بقية دول العالم من الإجراءات لمحاولة مكافحة الجائحة المستفحلة. وبعد أن كانت الصين هي الدولة المصدرة للوباء أصبحت تستورده من الخارج، وغدت الصين حريصة على عدم تدفق العدوى من دول أخرى، حيث ارتفع عدد الحالات المستوردة بشكل مطرد خلال الأسابيع الأخيرة لتصل الى 350 حالة.
تحدثنا قبل أسابيع قليلة عن “الجدران الصحية” بين الدول، واليوم نتحدث عن جدران صحية وحجر بين المقاطعات والولايات والمدن في الدولة الواحدة وبين الأحياء في المدن وحتى داخل البيوت وبين الغرف. أننا نعيش في زمن وعالم غريب، تتسارع فيه الاحداث كل يوم وتتكشف اجزاء من الحقائق ساعة تلو الساعة.
رأينا كيف كانت ردة فعل حكومات بعض الدول في بداية انتشار فيروس كورونا مستهترة بمشاعر الناس وأرواحهم، ورأينا في الايام القليلة الماضية كيف تحولت سياسات تلك الدول بعد أن فاقت على وقع خطوات انتشار الفيروس بين خلايا اجسام مواطنيها كانتشار النار في الهشيم. وكانت هذه الاستجابات متأخرة كثيراً وستدفع تلك الدول اثماناً باهظةً لتلك السياسات. فبدأت الكثير من الدول بالحديث عن الحجر والعزل وخطط الطوارئ وغلق الحدود واقفال الأنشطة وتوقف العمل واقفال المدارس والجامعات والمصانع والمطارات فوصلنا عند درجة قريبة من تعطل العالم كلياً. فهل يتصرف العالم بحكمة هذه الأيام؟ نرجو ذلك. باعتقادي أن هنالك انشطة يجب أن تستمر والا فكيف سيبقى العالم على قيد الحياة بعد شهور قليلة إذا توقفت حركة الانتاج وخاصة الزراعي والغذائي والدوائي بمختلف أصنافة النباتية والحيوانية وخاصة أننا نعيش الان بفترة الربيع وهو فصل الانتاج الزراعي والحيواني بمختلف أشكاله وأنواعه.

وبدأنا الان نسمع حديث الدول عن حزم تحفيز وانقاذ اقتصادي ضخمة لمواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا. ففي الولايات المتحدة الامريكية يدور النقاش في الكونغرس الامريكي حالياً عن حزمة انقاذ اقتصادي بقيمة 1-2 ترليون دولار أمريكي، وفي بريطانيا واستراليا وكندا وفرنسا وغيرها من الدول يدور الحديث عن مئات المليارات من الدولارات. باعتقادي لا يمكن تقدير حجم حزم الإنقاذ والتحفيز قبل تقدير حجم الخسائر الضخمة التي سيتكبدها الاقتصاد العالمي جراء هذه الأزمة المنقطعة النظير. التقديرات الأولية للخسائر تشير إلى ارقام تصل إلى ترليونات الدولارات. نحن نتحدث عن خسارة الاقتصاد العالمي لربع إنتاجه العالمي على الأقل بافتراض توقف اقتصاديات الدول لثلاثة أشهر تباعا، وهذا سيناريو متفائل مبني على تجربة الصين التي توقفت لمدة شهرين ونصف الشهر ولكنها اتبعت اسلوب مختلف كليا لم تتبعه دولة في العالم.
فيروس كورونا كشف عن هشاشة كافة انظمة العالم الصحية والتعليمية والعمل عن بعد ومن المنزل وكشف أيضا عن ضعف في خطط الطوارىء وإدارة الازمات. العالم يسير وفقاً لسياسة التجربة والخطأ وهذه سياسة لها ثمن باهض لانها تتعلق بأنفس وارواح الناس. نرجو ان لا تطول هذه الأزمة ونرجو ان لا يكون الثمن كبيراً. حمى الله العالم وشعوبه قاطبةً.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه