ضِيقُ الصَدر .. الذي إنتشَر .. بَينَ البشَر

Husam21 أبريل 2022آخر تحديث :
ضِيقُ الصَدر .. الذي إنتشَر .. بَينَ البشَر

افاق الاخبارية

ضِيقُ الصَدر .. الذي إنتشَر .. بَينَ البشَر

بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه

كل الأديان السماوية ، وحتى الوضعية ، وكل علماء الإجتماع أكدوا ، وأثبتوا غير مرة ، بأنه من المستحيل ان يعيش الإنسان وحيداً ، فرداً ، متفرداً لوحده . لذلك يُقال : (( الإنسان مدني بالطبع )) ، ويُنسب هذا القول لإبن خلدون ، مع ان أول من قاله إبن القيّم . ماذا يعني هذا القول !؟ يعني : ان الإنسان لا يُمكن له ان يستقل بمصالحة ، ولتتحقق مصالحة وتستقيم حياته ، لابد له من الإجتماع للتعاون مع الآخرين من البشر لتحقيق مصالحه ، ولابد له ان يعيش مع الناس .

مُنذ عقدين او يزيد من الزمان ، إنتشرت مقولات بين الناس ، تدعو الى ضيق الصدر ، وعدم تَحمُّل من يتعامل معهم الإنسان . والميل لقطع العلاقة مع الطرف الآخر بمجرد إرتكابه الخطأ الأول !؟ حيث يُكرر الكثيرين من الناس عِبارة : (( أنا لستُ مُجبراً على تحمُّل أخطاء الغير ، حتى لو كان خطأً واحداً ، لذلك أقطع علاقتي مع ذلك الإنسان من أول مرة يرتكب فيها خطأً معي )) . وهنا لا يُدرِك هذا الإنسان شيئين :— أولهما :— هل يُدرِك انه لا يوجد إنسان لا يَرتكب أخطاءاً ، او تقصيراً في أداء واجب ما !؟ وثانيهما :— ألا يُدرك انه نفسه لابد ويرتكب أخطاءاً ، ويُقصِّر بحق الآخرين !؟ عندها : هل يحق له ان يَطلب من الآخرين تجاوز أخطائه وتقصيرة !؟

إبن تيمية ، وإبن القيّم ، وإبن خلدون ، وغيرهم كُثر أجمعوا على مقولة أن (( الإنسان مدني بالطبع )) ، وحتى علماء الإجتماع في كل عالم الغرب أجمعوا على مقولة (( Man is Civilised by Nature )) .

أرى انه على الناس ان يتحمّلوا أخطاء وتقصير بعضهم البعض وان لا يتم تَرصُّد أخطاء الغير ، وان يكون الإنسان بطبعه متسامحاً ، ويغفر زلات الآخرين . كما على الطرف الخطّاء الذي تتكرر أخطاءه ان يرعوي ويَعتبر . وان يَضَع حداً لأخطائه مع الغير . أما اذا كان الطرف الذي تتكرر أخطائه وتكون أغلب الأخطاء او الإساءات بقصد وليس لديه إستعداداً للإعتبار ووضع حَدٍّ لأخطائه فانني أرى ان يتم الإبتعاد عنه وقطع العلاقة معه نهائياً ، خوفاً من ان تنزلق العلاقة الى التخاصم . خاصة اذا كان لا يرتدع ولا يرعوي ولا يعتبر ، عندها من الأفضل ، ولمصلحة الطرفين ان يُنتهج أسلوب : (( يسعده ويبعده )) .

أرى ان الإنسان يجب ان يكون مُهيئاً ومُستعداً نفسياً وعقلياً عند إقامة أية علاقة مع اي إنسان — سواء كانت علاقة مفروضة ، كالعلاقة مع الأقارب ، او علاقة إختيارية مع الأصدقاء — أنه لابد ويَصدُر من هذا الإنسان أخطاءاً وعليه ان يتحملها ، وان الإنسان الذي لا يُخطيء غير موجود على الإطلاق في الحياة ، وانه موجود في الخيال فقط ، كما أنه لابد ان يرتكب هذا الإنسان قصوراً في أداء بعض الواجبات وعليه ان يتجاوزها . وذلك لأن الإنسان السوي عليه ان يُدرك بانه لابد ويرتكب هو أخطاءاً وتقصيراً ، ويَطلب من الآخرين ان يتحملوا ذلك ويصفحوا .

أرقى وأسمى سِمة إنسانية هي التسامح ، نعم ولا شيء غير التسامح ، لكن التسامح يكون مع من يستحق هذا النُبل في المشاعر . كما أرى ضرورة الإبتعاد عن العلاقة مع الإنسان الخطّاء ، سواء كانت أخطائه المتكررة بقصد او بغير قصد ، حتى لا تنتهِ العلاقة بخصومة لا يَعرف مداها أحد ، وان يحافظا على الحد الأدنى ، ويُلقيا التحية على بعضهما تجنباً للقطيعة الكاملة .
وأختم برأيي المتواضع بان المتسامح هو المستفيد الأول من تسامحه ، لان التسامح يخلق توازناً في صحته النفسية والجسدية والاجتماعية .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه