هل يستقيم ان تتحالف دولة مع عدوها !؟

Husam7 نوفمبر 2023آخر تحديث :
هل يستقيم ان تتحالف دولة مع عدوها !؟

 

عوض ضيف الله الملاحمه

في ضوء ما تمر به المنطقة من غليان ، وكون الأردن في بؤرة مرجل الغليان هذا . إرتأيت ان أُفكر بصوتٍ عالٍ ، واطرح تخوفاتي على وطني . الذي اتمنى ان لا تكون التسويات على حسابه كوطن حياتياً ووجودياً . مع ملاحظة انني لا امتلك إجابات ، وانما سأطرح تساؤلات .

موضحاً للقراء الكرام ان الغاية غيرتي على وطني ، وخوفي عليه . ولا ارى ضيراً من طرح تساؤلات من مواطن يعشق وطنه . انتقل من مرحلة الخوف الى الرعب والخشية عليه وجودياً .

بداية لا بد من الإنطلاق من حقيقة مطلقة وهي ان علاقات الدول هي علاقات مصالح متبادلة . واذا إختلّت المصلحة المتبادلة ، من الطبيعي ان يتململ الطرف المتضرر ، ويحاول إدخال تغييرات على أسس تلك العلاقة لتميل الكفة لصالحة ، والا فانها تقلب ظهر المِجن لتلك الدولة ، كما يقال . وعندما أقول ان العلاقة علاقة مصالح ، فهذا لا يعني بتاتاً ان تكون المصلحة مالية او تجارية فقط . صحيح ان مصلحة بعض الدول تتمثل في الحصول على مساعدات مالية او غيرها ، لكن الطرف الآخر ربما تكون مصالحة سياسية ، او توسيع نفوذ ، او الحصول على تبعية تلك الدولة لتدور في فلك الطرف الذي يقدم تلك المساعدات ، حتى ربما يصل نفوذ الطرف الذي يُقدِّم المساعدات الى إصدار الأوامر للدولة المستفيدة وتكون مُجبرة على الطاعة والإنصياع حتى لو كان ذلك ضد مصالحها الوطنية . لأنها تكون مُسيّرة وليست مُخيرّة . كما انها تكون قد تخلّت عن استقلالها جزئياً او ربما كُلياً نتيجة لتبعيتها هذه .

إذاً لا مكان للمبادئ في علاقة الدول ، بل هي علاقة مصالح فاقعة ، لدرجة الوقاحة أحياناً . وعليه أود التطرق تحديداً للعلاقات الأردنية الأمريكية . طبعاً لابد من الإنطلاق من أنها ليست متوازنة ابداً . لا بل هي علاقة مُختلّة . لا بل انها علاقة الضعيف مع القوي الفاجر المتغطرس . علاقة التابع مع المتبوع . لا بل علاقة الآمر مع المأمور . وهنا لا أجد نقاط التقاء في تلك العلاقة بتاتاً ، بل علاقة متنافرة من حيث المباديء والمصالح التي تكون متضاربة في الغالب .

وهنا يتم طرح العديد من الأسئلة ، منها : إذاً ما الأسباب الحقيقية وراء نشوء علاقة كهذه !؟ وما السر في ديمومتها لعقود طويلة تكاد تمتد لنشوء الأردن الحديث !؟ ثم ما اللغز وراء إستمرارها رغم إصطدامها مرات عديدة !؟ حيث كان تضارب المصالح واضحاً وخطيراً . وللتاريخ عليّ ان أَذكُر وأُذكِّر بان الأردن تشبث بموقفه ، ولم يستجب للضغوط الأمريكية بتاًتاً في حدثين رئيسيين هما : الأولى : وقوف الأردن الى جانب العراق في الحرب الكونية التي شُنّت عليه عام ١٩٩١ . والثانية : في مقاومة خِطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عندما أصر على تنفيذ صفقة القرن التي هي تصفية للقضية الفلسطينية . لكن الأمريكان بدهائهم السياسي إستمروا في صفقتهم لكن بتجزئتها ، حيث فضّلوا الإلتفاف من وراء الحائط بدل ان تصطدم رؤوسهم فيه .

كل متابع للشأن السياسي يعرف تماماً ان المسيحيين الأنجيليين او المسيحية الصهيونية ، واللوبي الصهيوني هم وراء الدعم الأمريكي المطلق للعدو الصهيوني . حيث يبلغ عدد المسيحيين الإنجيليين في العالم حوالي ( ٦١٧ ) مليون ، وفي امريكا يشكلون حوالي ( ٢٥٪؜ ) من السكان . والمسيحية الصهيونية تنطلق في دعمها للكيان من مبدأ عقائدي يتمثل في سعيهم لبناء هيكل سليمان مكان المسجد الأقصى ، لأن ذلك يمهد لعودة سيدنا المسيح عليه السلام . يُضاف الى ذلك دعم اللوبي الصهيوني المؤثر لأنه متغلغل في كافة مفاصل امريكا خاصة في المال والأعمال والإعلام .

وعليه أطرح سؤالاً مهماً : ما الذي سوف يحصل للعلاقة الأردنية الأمريكية لو اصطدمت مع المصالح الإسرائيلية !؟ ثم ماذا يمكن ان يحصل للأردن فيما لو إرتأت المسيحية الصهيونية ان وجود الأردن ككيان يعتبر عقبة تعيق تمدد الكيان لتنفيذ مخططاته التوسعية وخاصة إعادة بناء الهيكل !؟ هل يمكن ان تُضحي أمريكا في الأردن وجودياً لتحقيق تلك الأهداف المنشودة !؟ او هل امريكا حريصة على التحالف معنا آنياً ، وتتخلى عنا لصالح توسع الكيان في الوقت المناسب !؟ ونصبح نحن مثل خروف العيد ، تتم العناية به وتسمينه لتتم التضحية به يوم العيد .

ثم آتي الى السؤال الأخطر ، وهو موضوع المقال : هل يستقيم ان تتحالف دولة مع عدوها !؟ وكيف !؟ ولماذا !؟ وما الذي يُجبرها على ذلك !؟ أليس تحالفك مع عدوك يشكل خطراً شديداً يهدد وجودك !؟ ثم لماذا لا يغيّر الأردن تحالفاته !؟ ( مقتبس ) . وهل يكمن ضعف الأردن في خطأ إختيار تحالفاته !؟

وما المشكلة لو اقتدى الأردن بنهج بعض الدول التي انتهجت اسلوب الإنتقال التدريجي من حليف الى آخر ؟ وهل يُتقن الأردن هذا الفن السياسي الفطن ؟
وهل الدبلوماسية الأردنية قادره على حمل هكذا ملف ؟ وهل اوضاعنا الداخلية ستكون عوناً او مُثبطاً لهكذا ملف ؟ وماذا يمكن للأردن ان يفعل عندما يجد نفسه في عين العاصفة فجأة !؟ كل هذه الأسئلة أطرحها حتى لا نجد انفسنا وبشكل مفاجيء (( ملزوزين بين حيه وبين طور )) .

كذلك لابد من طرح الأسئلة التالية : ماذا تهدف امريكا من توقيع إتفاقية الدفاع المشترك مع الأردن ؟ وما الهدف الأمريكي من وجود قواعد عسكرية في الأردن ؟ هل هي لحماية الأردن ؟ وممن ستحمي الأردن ؟ وهل هناك عدو يهدد الأردن وجودياً غير الكيان الصهيوني !؟ ونتيجة للتماهي الشديد بين امريكا والكيان الصهيوني في كل شيء ، ما الذي يمنع من دخول جنود ورجال استخبارات صهاينة لتلك القواعد !؟ وما هو حجم الخطر الذي يشكلونه
على الأردن في حال دخولهم !؟ خاصة اذا لم ننسَ او نتناسى الإستهداف الإستراتيجي للأردن من قبل الكيان . ما الدور الذي يمكن ان تلعبه امريكا لو قطع الكيان عن الأردن الغاز والماء !؟ الا تكمن خطورة شديدة عندما تربط دولة احتياجاتها الإستراتيجية مع عدوها !؟

ثم أليس من الأفضل ان نتحالف مع دول لا تستهدفنا !؟ ولا تطمع بنا وجوديا !؟ وان كل ما تنشده علاقة مصالح متبادلة . هل من السهل على الدول ان تغير تحالفاتها ؟ وعلى الأقل : أليس من الأفضل ان تنوع تحالفاتها ؟ ( مقتبس ) .

في ظل العلاقة الأردنية الأمريكية الشائكة ، المتشابكة ، المتشككة ، هل يستقيم ان تتحالف مع عدوك !؟ وكيف لدولة ان تتحالف مع عدوها !؟ وهل يمكن للأردن ان يغير تحالفاته او ينوعها !؟ وهل يُسمح له بذلك !؟ وما المخاطر المترتبة على ذلك لو توجه الأردن هكذا توجه !؟ وهل يقبل المعسكر الآخر بالتحالف مع الأردن ؟ خاصة في ظل المخاطر التي يمكن ان تترتب على ذلك ؟ وما هي ردود فعل الحليف الحالي المتوقعة فيما لو إنتهج الأردن هذا النهج ؟

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه