مدن التراث العالمي والاستثمار السياحي المنشود

Husam28 سبتمبر 2023آخر تحديث :
مدن التراث العالمي والاستثمار السياحي المنشود

كريستين حنا خليل نصر
مهندسة معمارية

انطلاقا من أهمية التراث الانساني بكافة اشكاله المادية والروحية، تقرر استحداث منظومة مؤسسية دولية تُعنى بحماية التراث الانساني، تحرص على نقل التجربة الانسانية الحضارية بكافة عناصرها واشكالها الفكرية والمعمارية إلى الأجيال، للاطلاع على التجارب الغنية للأمم التي سبقتهم، اضافة الى محاولة ايجاد نوع من الذاكرة او الثقافة الانسانية الجمعية التي تنشر قيم العيش المشترك والتسامح .
ولأن العمارة واحدة من مظاهر الفكر الانساني فهي تجمع معايير الفن والاعتقاد والتنمية، لذا حظيت باهتمام دولي واسع والذي ساهم في الحفاظ عليها من جهة، كما ساعد في صياغة استراتيجية عملية للدفع بها نحو التطور من جهة أخرى، وفي اطار هذا التعاون الدولي قرر المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، المنعقد في باريس من 17 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 1972، في دورته السابعة عشرة، اعتماد اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، والتي تكونت من 38 مادة عالجت جوانب التراث الانساني وطرحت استراتيجية للحفاظ عليه ورعايته وحمايته من التحديات المختلفة التي تهدده، وفي ضوء ذلك جاءت قائمة منظمة اليونسكو المعروفة باسم ( قائمة التراث العالمي)، والتي تضم الكثير من دول العالم، ومنها الاردن حيث ادرجت فيها العديد من المواقع الاردنية وهي ؛ البترا وقُصير عمرة عام 1985م، وأم الرصاص عام 2004م ومحمية وادي رم عام 2011م وموقع المعمودية عام 2015م ومدينة السلط مدينة التسامح والضيافة الحضرية عام 2021م، وهذا يعكس عبارة عميقة الدلالات وهي : ” الاردن متحف انساني حضاري ثري”، فجميعها معالم اثرية ضاربة الجذور التاريخية، تعبر عن اصالة التاريخ وجمالية الطبيعة وتنوعها، مما يجعلها وجهة سياحية مطلوبة، باعتبارها توفر مادة استقراء ومشاهدة ممتعة للسائح، الذي يجد نفسه أمام رحلة سياحية ثقافية وترفيهية جميلة.
ان السؤال الهام هو كيف يمكن ان نحول المدن والمواقع التراثية في بلدنا العزيز الى استثمار سياحي؟ ، ربما تحتاج هذه الاجابة الى الكثير من العمل والتخطيط الذي بذل الاردن ممثلاً بالقطاعين العام والخاص شوطاً كبيراً فيه، ولكن تبقى الحاجة الى الاطلاع على التجارب العالمية ومحطات النجاح التي برزت فيها، وما يهمني هنا هو الاشارة الى ثقافة المسارات السياحية باعتبارها توفر للسائح والزائر مخطط رحلة مشاهدة تساعده على تحديد ما يمكن مشاهدته من كنوز الموقع التراثي، وهذه المسارات تحتاج غالباً الى ثقافة ودراية في تصميمها من جهة و عناية رسمية بتوفير الخدمات المختلفة لتحقيق اهدافها من جهة أخرى.
واخلص للقول بأن السياحة العالمية في مفهومها المعاصر تشمل مصطلحات تذوب فيها الفردية في الجماعة العاملة التي تسعى لخدمة الوطن والانسان والثقافة… .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه