علي خُلقي الشرايري .. وخُلُقِه الراقي (( الجزء الرابع والأخير ))

Stocks8 نوفمبر 2021آخر تحديث :
علي خُلقي الشرايري .. وخُلُقِه الراقي (( الجزء الرابع والأخير ))

افاق الاخبارية

عوض ضيف الله الملاحمه
وافق المناضل الوطني والعروبي الصلب أمير اللواء / علي خُلقي الشرايري ، على المشاركة  في حكومة حسن خالد ابو الهدى ، لكن بشروط ، لاحظوا انه وضع شروطاً : يامن تتصدرون المشهد الرسمي الأردني (( وضع شروطاً لمشاركته في الحكومة ، وشروطاً وطنية ، ليست نفعية ، ولا مصلحية ))  أين انتم من هؤلاء الرجال !؟  أُوجز منها  : —
١)) تخفيض النفقات العامة ، والعناية بالحالة الاقتصادية .
٢)) إصلاح الضرائب ، وإعادة النظر في طريقة جبايتها وتوزيعها .
٣)) ترجيح تعيين الأكفاء من ابناء البلاد الأردنيين على غيرهم .
٤)) توسيع التعليم ، واصلاح الطرق ، وتطوير الزراعة ، والصحة . سبحان الله : ما أشبه الليلة بالبارحه ، نفس المطالب بعد مرور (( ١٠٠ )) عام ،  لا بل أُضيف لها مطالب كثيرة ، دون إستجابة ، وها هو الوطن ينحدر .
وعندما إطلع الأمير عبدالله على هذه الشروط طلبه للإجتماع به منفرداً وتم تعيينه كناظر للمعارف . حيث قام بانجازات عظيمة يصعب سردها في مقال منها :- إحياء اللغة العربية ، إنشاء مدارس للأيتام والفقراء والبنات ، نشر كتب في الأخلاق ، توحيد المصطلحات العلمية بالعربية ، تبادل الصحافة مع الدول العربية ، إنتخاب أفاضل المستشرقين من علماء الغرب الذين نقّبوا عن المدن العربية ، إلقاء المحاضرات العامة ، إشاء مكتبات عامة في المدن ودور البلديات ، جمع الآثار التاريخية ، إصدار مجلة شهرية .. الخ .
بعدها تحوّل علي خلقي الشرايري الى معارض بسبب مواقفه من الإنجليز ، وإحتجاجه على أسلوب معالجة قضية الشيخ / سلطان العدوان . وبتاريخ ١٩٢٤/٦/١ غادر الى لبنان وتعاقد مع الجامعة الأمريكية في بيروت لتدريس اللغة العربية فيها بعقد لمدة عام . بعدها عاد الى مسقط رأسه إربد ، إربد الخير والعطاء ، إمتداد سهل حوران ، مُنجبة الرجال الأبطال الشجعان ،  وفتح دكاناً بالقرب من منزله ليعتاش منها . الا انه لم يُوفّق في هذه التجربة الجديدة والغريبة على حياته وسلوكة الإجتماعي والسياسي . فتحوّل لزراعة الأراضي التي ورثها عن والده وهي اراضٍ بساحات شاسعة . لكنه بقي مراقباً للأحداث السياسية  في الداخل والخارج ولم ينقطع عن لقاءات كبار القوم في الأردن وفي مقدمتهم الأمير عبدالله . وكان الأمير  يعرض عليه العودة الى موقعه السياسي ، حتى انه عرض عليه ان يكون كبير المرافقين . لكنه رغب ان يكون بعيداً عن العمل الرسمي الى أن أقنعه الأمير في ١٩٣٠ ليعينه كبيراً للمرافقين ، فوافق ،  لكنه لم يبقَ الّا شهوراً ،  وترك موقعه . وزاره الأمير عدة مرات وحاول إقناعه الّا انه وضّح  للأمير بانه  قطع  على نفسه عهداً ما دام الإنجليز في شرق الأردن لن يخدم بمعيتهم .
وعاد الى الزراعة والمعارضة . فكان دائم الإحتجاج على تولي الوافدين أعلى المناصب . لأن الوافدين يمثلون إصبعاً أجنبياً في التمتع بأموال ميزانية الإمارة وانهم مرتزقة ، طفيليون ، لا يهمهم إلّا الكسب ، وبث الشقاق بين الأردنيين . فقاد المعارضة في الشمال ،  حتى عمّت كل مدن وقرى الإمارة . وأرسل عريضة الى عُصبة الأمم بإسم شيوخ الكرك ، وعجلون تناولت كل ما يخطر ببال الأحرار . وبدأ النضال السياسي المنظّم وشرعوا بتأسيس الأحزاب السياسية .  وأول حزب تم تأسيسه سُمي بحزب المؤتمر الوطني بتاريخ ١٩٢٩/٤/١٠ برئاسة  الشيخ / حسين باشا الطراونه .
وعندما بدأت الحرب العالمية الثانية في شهر ايلول ١٩٣٩  أيّد علي خلقي المانيا ، لانها كانت تؤيد القضية الفلسطينية ، ووقف هجرة اليهود ،  ودعى الى مناصرة  الجيوش الألمانية والإيطالية وقام بإتصالات مع دول المحور ( الألماني – الإيطالي ) ليس بدافع الحب والولاء ، ولكن بدافع كراهيته للسياسة البريطانية – الفرنسية تجاه العرب ، وفلسطين تحديداً ،  وللتخلص من السيطرة الانجليزية على الأردن . مما أغضب الأمير ،  وأعلن الأمير تأييده الى بريطانيا العظمى . وبموجب قانون الدفاع ،  تم إعتقال علي خلقي الشرايري  ،  بعد ان خططوا لضرب المصالح البريطانية ونفذوا ضرب وحرق انابيب البترول وقطع اسلاك الهاتف .
قرر الأمير الإفراج عنه شريطة تقديمه اعتذاراً وإسترحاماً  . وأرسل اليه رئيس الحكومة / توفيق ابو الهدى وجلوب باشا . لكنه رفض تقديم الإعتذار  والإسترحام . كما برأته المحكمة شريطة تقديم إسترحام لكنه رفض ايضاً . فقام صديقة / تيسير ظبيان بإعداد كتاب إسترحام وقّع عليه كل من في السجن ووقّع تيسير عن علي خلقي ،  وذهب به الى الأمير الذي كشف انه ليس توقيع علي . فشرح الأمير :- (( إضبط توقيعك حتى نفرج عنك ) ، فرفض علي . بعدها اصدرت المحكمة حكمها ببراءته . عندها كتب رسالة الى الأمير (( السجن موطن الأحرار ، وطالما ان محكمتكم أصدرت أمراً ببرائتنا ، فلماذا وضِعنا للآن في السجن ؟ )) . ويقال انه عندما تسلم الأمير الرسالة دمعت عيناه ،  وقال : اذا ذهبنا غرباً ذهب علي شرقاً ، واذا ذهبنا شرقاً ذهب علي غرباً . والله ان سجنه ليس بيدي ولكن بيد المندوب السامي البريطاني في القدس . وذهب نوري السعيد الى المندوب السامي البريطاني واقنعه بالإفراج عنه . فإستُقبِل إستقبالاً حافلاً في إربد ،  وقرر ترك العمل في السياسة .
بعد خروجه من سجن المحطة قرر العودة للزراعة ثانية .  وعرض عليه اصدقائه تشكيل حزب فرفض ، او الإنضمام الى حزب ، فرفض .  وطلبوا منه الترشح للإنتخابات فرفض . وبعد شهر واحد ،  زاره الامير في بيته وتعاتبا ، وتصالحا ،  وبقي الأمير في ضيافته ( ٣ ) أيام ،  وعرض عليه الأمير ان يشترك بالحكم في أي موقع يريده فاعتذر . وفي عام ١٩٤٨ عرض عليه الأمير ان يتولى قيادة القوات الأردنية المُحارِبة في فلسطين وترفيعه الى رتبة فريق فوافق ،  الّا أن جلوب باشا لم يوافق على التعيين ،  وعُرض عليه وزارة الدفاع ،  الا انه إعتذر . وفي عام ١٩٥٨ عُرض عليه رئاسة الحكومة الإتحادية ( الأردنية — العراقية ) من قبل نوري السعيد ،  لكنه إعتذر أيضاً .
وظل بعيداً عن السياسة ، واكتفى بمراقبة الأحداث حتى توفي بتاريخ ١٩٦٠/٦/٢٥. الى رحمة الله ورضوانه أيها البطل الصنديد ،  الثابت على الحق المنتمي لوطنك وعروبتك .
أود الإشارة الى انني لا أنوي السرد التاريخي عن رجالات الأردن الأوائل ، وانما التوقف والتركيز على محطات متميزة وفاعلة ومؤثرة من حياتهم . وأقول :  يا ريت لو توريث المناصب إنطبق عليهم ، لكنه إنطبق وبجدارة واصرار على الأقزام الفاسدين الساقطين العملاء الخونه  . وأختم ببيتين للشاعر  الوطني العروبي المبدع / حسين الغرايبة :-
إقرأ على زمن الرجال الفاتحه / وعلى المرؤة والخيول الجامحه
وإقرأ علينا سيدي تعويذة / بِتنا نخاف من الكلاب النابحه . (( إنتهى .. بحمد الله وتوفيقه ورضوانه )) .

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه