
آبدأت يوم الأربعاء (24 – 12 – 2025) فعاليات المؤتمر الدولي الثاني الذي تستضيفه وتنظمه جامعة عجلون الوطنية، وكان بعنوان: الذكاء الإصطناعي في الدراسات الآسيوية، تحت رعاية السفير الماليزي محمد نصري عبد الرحمن الذي ألقى كلمة أكد من خلالها على عمق العلاقة بين ماليزيا والأردن، حيث تتمتعان بعلاقات ثنائية مشتركة على مستوى التنمية، والتعليم، وغيرها من المستويات التي تصب في مصلحة الشعبين الأردني والماليزي.
وقد أكد أيضاً رئيس جامعة عجلون الوطنية الدكتور فراس الهناندة على أن المؤتمر يهدف إلى تسليط الضوء على دور الذكاء الإصطناعي في تطوير البحث العلمي في مجالات العلوم الآسيوية، ومناقشة آفاق توظيف التقنيات الحديثة في تعزيز الإبداع، والإبتكار، وتحقيق التنمية المستدامة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين، والباحثين من جامعات محلية، وعربية، ودولية.
أما الدكتور محمد أبو شقير، رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، قال إن المؤتمر يعتبر أحد أنشطة جمعية خريجي الجامعات الماليزية في الأردن، حيث يهدف إلى تعزيز التواصل بين الخريجين والجامعات، ودعم مسيرة التعليم، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع، مبيناً أن برنامج المؤتمر يتضمن محورين رئيسيين: العلوم الإجتماعية، والعلوم التطبيقية، إذ إستقبل المؤتمر عدداً من الأبحاث العلمية التي خضعت للتحكيم وسيتم نشر المتميز منها ضمن وقائع المؤتمر وإتاحة الفرصة لنشرها في مجلة علمية محكمة.
وكان المؤتمر ضم عدداً من الباحثين، والأساتذة من الجامعات الأردنية، قدموا أوراق عمل في العديد من الحقول العلمية، والذكاء العلمي الإصطناعي، وتناول المؤتمر أوراق عمل، وأبحاث كانت تصب في مصلحة دعم البحث العلمي، وتطوير الأداء العلمي، والأدبي، واللغوي، ومختلف المجالات العلمية، وكان طابع اللغة الإنجليزية أحد أهم محاور المؤتمر.
بدوره شارك الإعلامي تحسين أحمد التل والإعلامية فريال أبو لبدة، بورقة عمل تحت عنوان: الشاعر الأردني (مصطفى وهبي) التل أيقونة الشعر الأردني والعربي، قرأها الكاتب التل، وجاءت على النحو التالي:
الشاعر الأردني الوطني (مصطفى وهبي) صالح مصطفى التل، أحد أشهر شعراء الجزيرة العربية، وبلاد الشام، والدولة العثمانية في نهايات حكمها الذي امتد نحو أربعمائة عام، شاعر عربي أردني أصيل مهووس بحب الأردن، وصل عشقه للوطن أن شبهه بجنة الله على الأرض.
وصف عرار الأردن بكل تفاصيله: سهوله، ووديانه، وجباله، وأنهاره، وينابيعه، وأشجاره، ومدنه وقراه، تغنى بكل شيء، وتكاد لا تمر قصيدة أو بيتاً من الشعر لم يذكر فيه شيئاً عن الأردن؛ تحدث عن السلط، وعن عمان، وانطلق من وادي الشتا الى وادي رم فخاطب الصحراء، وجبالها الصخرية، وقبائلها الممتدة في عمق البادية، وعاد الى إربد وعجلون ووادي اليابس ليؤكد أنه ليس بوادي يابس بل وادٍ ريان.
درس عرار الإبتدائية في المدرسة الصالحية التي أسسها والده (صالح أفندي)، وسافر بعد الإنتهاء من المراحل التعليمية الأولى الى مدرسة عنبر في دمشق، وكانت تُعد بمثابة جامعة في ذلك الوقت، وتخرج فيها بعد معاناة كبيرة بسبب المظاهرات، والاعتصامات، وتحريض الطلاب على الثورة ضد الحكم التركي.
عمل الشاعر (مصطفى وهبي) التل في حقل التعليم ولم يتجاوز السابعة عشر، وأكمل دراسة القانون ولم يتجاوز من العمر ثلاثين عاماً، حياته متقلبة بين خمر وصحو، بين وظيفة وعزلة، وبين حبس واعتقال، بين منصب رفيع وبين نفي بعيداً عن الأهل والأحبة والوطن.
عاش عرار حياته ولم يترك يوماً دون أن يستغله في مساعدة الناس تارة، والوقوف الى جانب الفقراء، وطلاب الحاجات، وضد الظلم، ومحاربة الأغنياء، والمرابين الذين وصفهم بأنهم إخوان الشياطين، وقف الى جانب الحق؛ تارات وتارات وتارات.
لقد برع الشاعر في السياسة كما برع في الشعر، وعلاقته بالمجتمع، والوظيفة، والمنصب، ولو نظرنا الى الجانب السياسي سنجده من الجوانب المهمة التي ميزته منذ نعومة أظافره، خلال دراسته في مدرسة عنبر عام (1912) وما تلاها من سنوات وكان لا يتجاوز من العمر ثلاثة عشر عاماً.
شغل (مصطفى وهبي) التل العديد من الوظائف والمناصب: معلم صف – مأمور إجراء – مدعي عام – حاكم إداري – متصرف، وصولاً الى منصب رئيس الديوان الأميري، فأميناً خاصاً للملك، وبين هذه المناصب كان يُسجن، أو ينفى داخل أو خارج البلاد.
خمسون سنة عاش من خلالها متقلباً بين اللهو والجد، والسياسة والشعر، وكان يعلم أن أجله لا بد وأن يأتي في يوم من الأيام، لذلك أعد العدة وهيأ نفسه، وقبل دنو أجله طلب أن يكون قبره في تل إربد تحديداً، حتى يبقى القبر مُشرفاً وحاضراً في مدينته الى عشقها حد الثمالة.
هذا هو الشاعر الخالد عرار الذي ظهر نبوغه الفطري، والوراثي في ذات الآن على حياته القصيرة، إذ لم تتجاوز من عمر الزمن خمسة عقود، ويمكننا أن نسجل بعض العلامات الفارقة في مسيرة حياته:
أولاً: يُعد الشاعر عرار الإبن الأكبر للمحامي والوزير صالح مصطفى التل الذي افتتح على حسابه الشخصي مدرسة أطلق عليها: المدرسة الصالحية، ودرس فيها عرار وعدد من أبناء الشمال الذين أصبحوا فيما بعد وزراء ونواب وأعيان … الخ.
ثانياً: وصل نبوغه الفكري والعقلي حد الذهاب الى دمشق للدراسة في مدرسة عنبر وهو لم يتجاوز الثالثة عشر من العمر، وعاد بعد عدة سنوات ليعمل معلماً في إربد وكان لا يتجاوز سبعة عشر عاماً.
ثالثاً: شارك في عملية إحصاء لقرية إربد عام (1914)، وكان عمره خمسة عشر عاماً، وسجل هو والمرحوم سامح حجازي، ومحمد صبحي أبو غنيمة، وعارف أحمد التل عدد سكان القرية، حيث بلغ العدد الكلي: ألف وخمسة وستون نسمة، أكثر من النصف بقليل من الذكور.
رابعاً: آخر منصب تسلمه كان رئيساً للديوان الأميري، وكان وقتها لا يتجاوز الثالثة والثلاثون عاماً، بعدها عاد الى مهنة المحاماة، ومارسها فترة طويلة من الزمن؛ مدافعاً عن الفقراء، وعن أبناء وطنه الذين ضاقت بهم الأحوال المعيشية الصعبة، بسبب تحكم التجار وبعض الفاسدين.
خامساً: انتقل الشاعر الكبير (مصطفى وهبي) التل الى رحمة الله تعالى عام (1949) وكان لا يتجاوز من العمر خمسين عاماً، مع أن والده المحامي صالح مصطفى التل تجاوز المائة وخمسة عشر عاماً، ويُعد من المعمرين في الأردن، أما ولده الأكبر الشهيد وصفي التل فلم يتجاوز عند استشهاده في القاهرة أكثر من إثنين وخمسين عاماً.
كما قلنا سابقاً؛ أوصى الشاعر الكبير عرار بدفنه في تل إربد، وتم تنفيذ وصيته بعد أن خلد هذه الوصية بعدة أبيات من الشعر، جاءت في قصيدة طويلة كانت بعنوان: بقايا ألحان وأشجان.
يا أردنيات إن أوديت مغترباً فانسجنها بأبي أنتن أكفاني
وقلن للصحب واروا بعض أعظمه في تل إربد أو في سفح شيحان
عسى وعلّ به يوما مكحلة تمرّ تتلو عليه حزب قرآن
التقرير التالي يحتوي على أغلب الأماكن الأردنية التي تغنى بها عرار، ومنها ما قام بإعادة تكراره أكثر من مرة في بعض قصائد ديوانه عشيات وادي اليابس، وسنأتي عليها بالتفصيل، ووفق المعلومات التي بحثنا عنها من خلال عدة مصادر.
ملاحظة: لم نذكر في هذا التقرير القصائد كاملة، بل اخترنا الأبيات التي تتحدث عن الأماكن التي ذكرها الشاعر عرار، إن كانت مدينة، أو قرية، أو عيون ماء، أو نباتات، وما الى ذلك مما جاء في التقرير…
اعتمدنا في هذا التقرير على عدة دواوين صدرت منذ السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وكان أبرزها ديوان عشيات وادي اليابس، وكتاب البدوي الملثم للمؤلف يعقوب العودات، إضافة الى عدة تقارير نشرت على صفحات المواقع والصحف الإلكترونية الإخبارية منذ سنوات.
نبدأ التقرير بشكل متسلسل، وهو على النحو التالي:
قصيدة: يقولون إني إن شربت ثلاثاً، مكونة من سبعة أبيات من الشعر، وكانت نشرت عام (1928)، وذكر فيها وادي الشتا، ووادي السير.
أناشدكم وادي الشتا وظباءه وغزلان وادي السير والأعين الدعجا
يقولون إني إن شربت ثلاثاً فلا خير للأردن من همتي يرجى
قصيدة العلم في عمان أزياء، غير معروف تاريخ نشرها، لكنها جاءت في ثلاثة وثلاثين بيتاً من الشعر.
فالقلب أشهى إليه منك بلقعة من سهل إربد لا عشب ولا ماء
في غير وادي الشتاء في غير أربعه ما تورف الظّلّ للأشواق أفياء
ملاعب خلدت أسماءها غرر من شعر من علمته الشوق زيزاء
وكرم جلعاد ما بعد التي عصروا بالسلط منها تلذّ الشرّب صهباء
وبعد عمان ربع لا تزايلهم بنعمة القيل ذي رغدان آلاء
يا شيخ ما العلم حسب المرء معرفة أنّ الشفاه بوادي السّير لمياء
وأنّ وادي الشّتا حوّ جآذره وأنّ مصطافها موآب أسماء
وأن للجهل فضلاً لست صاحبه بالعلم والعلم في عمان أزياء
قصيدة: أهكذا حتى ولا مرحبا، وهي من أجمل قصائد الشاعر العملاق عرار، وقد نظمها وكان منفياً في العقبة، حيث تذكر زوجته وأولاده ليلة العيد وهو بعيداً عنهم، وقد جاءت في أربعة وأربعين بيتاً، ونشرت عام (1931).
ومما جاء في بعض أبياتها عن المدن والأماكن الأردنية، ما يأتي من أبيات:
عمان ضاقت بي وقد جئتكم أنتجع الآمال في مادبا
فاض بحسبان فهشت له حسما ووادي يتمها رحبا
بالسلط غزلان كما قيل لي هضيمة الكشح حصان الخبا
أرآم هذا الحي من مدين فالبدع فالبتراء حتى ظِبا
يا هند من حسبان قدٌ بارقٌ رف رفيفاً واضحاً مسهبا
قصيدة: براً بالحسين، أيضاً نظم عرار هذه القصيدة، عام (1931)، ونشرت في جريدة الكرمل، وعدد أبياتها مئة بيت من الشعر، وكان منفياً في العقبة، عندما سمع أن الشريف الحسين بن علي انتقل الى رحمة الله تعالى، فحزن عليه كثيراً.
تعد القصيدة من أجمل قصائد الرثاء، وكانت منشورة ضمن مناهج التربية والتعليم في الأردن، وجاءت مقدمتها على الشكل التالي:
لانت قناتك للمنون وقلما كانت تلين
فعفا الحمى ممن أعز وغادر الأسد العرين
ومما جاء في القصيدة عن الأماكن؛ عنوان البحث:
كيف القويرة والشراه وكيف سهل بني عمون
وجبال أيلة هل بها كلأ يسر الناظرين
– قصيدة: توبة، وهي مكونة من أربعة وثلاثين بيتاً، ونشرت عام (1931)، ومما جاء في بعض أبياتها:
كأنا لم نكن بالأمس من سكان عماناً
ولم نسحب لكل هوى بوادي السير أردانا
ولا شم الهيام بغانيات الحصن ريانا
وكم بالحصن فاتنة تذوب أسى لذكرانا
– قصيدة العبودية الكبرى، وهي من أجمل قصائد عرار، وجاءت في ستة وستين بيتاً من الشعر، ونشرت عام (1933)، وكان ذكر الشاعر الكبير وادي رم، وسكانه من بني عطية، وذكر وادي اليتم، وجبل شيحان المنطقة الشمالية من الكرك.
ومما جاء في بعض أبياتها:
قسماً بماحص والفحيص وبالطفيلة والثنية
إن القدود المادبية والعيون العجرمية
يا أخت رم كيف رم وكيف حال بني عطية
وتلاع وادي اليتم ضاحكة وتربته غنية
وسفوح شيحان الأغن بكل يافعة سخية
– قصيدة هب الهوا، وكانت تقع في ثلاثة عشر بيتاً، ونشرت عام (1933)، أما الأماكن فهي، منطقة برما بجرش، وذكر بعض النباتات والأشجار التي تتميز فيها البيئة الأردنية، مثل؛ الزيتون، الشيح والقيصوم.
في نجد حيث المجد ينضح ظله شمماً بأنف الشيح والقيصومِ
زيتون برما رغم أنفك داشر ما زال وهو كذلك منذ قديمِ
– قصيدة: ما ذم شعرك، نشرت عام (1933)، وجاءت القصيدة في إثنين وعشرين بيتاً، ومما جاء فيها بعض الأبيات التي تتحدث عن المدن والأماكن التي زارها الشاعر وكتب عنها، وهي:
تا الله إن الصبا لفح السموم إذا ما فات هباتها من مأدبا أرجُ
والدر إن لم يك الأردن معدنه فمنه خير بعين المنصف السمجُ
أليس لولا سنا رغدان ما انكشفت في ليل عمان عن أضوائها سُرجُ
– قصيدة: مالي وبرفين، عدد أبياتها أربعة عشر بيتاً، ونشرت عام (1933)، وجاء فيها البيت التالي:
فلا أوانس وادي السير تذكرني ولا الكواعب في أرباض عجلونا.
– قصيدة: نور نسميهم، وجاءت في ستة وثلاثين بيتاً من الشعر، وكانت نشرت عام (1933)، ومما جاء في بعض أبياتها:
هيهات ما بعد الصريح وأهلها للحصن لا شرقي سال مغيرُ
فأقم في إربد لا تغادر ساحها إلا الى القبر الذي به تُقبرُ
– قصيدة يا جيرة البان، تم ذكر المدن والمناطق التالية في القصيدة، وجاءت في (30) بيتاً، ونشرت عام (1934):
يا جيرة البان ليت البان ما كانا ولا عرفنا بوادي السير خلانا
وكيف أصبحت لا أهتم هل نزلت عمان أم غادرت لمياء عمانا
من ماء راحوب لم يشرب وليس له ربع بجلعاد أو حي بشيحانا
ولا تفيأ في عجلون وارفة ولا حدا بهضاب السلط قطعانا
ولا أصاخ إلى أطيارنا سحراً بالغور تملأه شدواً وألحانا
ولا بوادي الشتا تامته جؤذرة ولا رعى بسهول الحصن غزلانا
ولا تأردنه يوماً بمحتمل ولا لتقديسه الأردن إمكانا
– قصيدة: تذكارات، نشرت عام (1935)، وتكونت من تسعة عشر بيتاً من الشعر، ومما جاء فيها عدد من الأماكن والمدن التي أقسم بها الشاعر الكبير عرار، وهي على النحو التالي:
هذي القدود المأدبية والعيون العجرمية
للسلط تنسب أم تراها عند حزرك إربدية
قسماً بماحص والفحيص وبالطفيلة والثنية
ودم ابن شهوان الزكي ومصرع النفس الأَبية
كان الإله بعون قومك يا فتاة بني عطية
إذ رمّهم هضباته شم وديرتهم عذية
وسفوح شيحان الأغن بكل مكرمة غنية
– قصيدة تسول شاعر، نشرت عام (1939)، وتتكون من تسعة وعشرين بيتاً من الشعر، وجاء فيها بيتاً واحداً؛ يتحدث فيه الشاعر عرار عن وادي السير كعادته.
ظبيات وادي السير هل نفرت من سربكن الظبية السمرا.
– قصيدة: بين الخرابيش، نشرت عام (1939)، وتتكون من أربعة وسبعين بيتاً من الشعر، ومما جاء فيها:
ليت الوقوف بوادي السير إِجباري وليت جارك يا وادي الشتا جاري
كم خلت بغداد إذ جئنا مضاربهم شرقي ماحص عني قيد أشبارِ
بنت وادي الشتا هشت خمائله لعارض هل من وسمي مبدارِ
وسهل إربد قد جاشت غواربه بكل أخاذ من عشب ونوارِ
خداك يا بنت من دحنون ديرتنا سبحانه بارىء الأردن من باري
– قصيدة: يا مي، وكانت نشرت عام (1939)، وتقع في أربعة وستين بيتاً، ومما جاء في بعض أبياتها، ما يأتي من الشعر:
يا مي جلعاد الأشم كعهده ما زال يربض جاثماً بمكانه
والغور ما انفكت غدائر نبته وزهوره تحنو على غدرانه
– قصيدة: ليالي الكوخ، عدد أبياتها أحد عشر بيتاً، نشرت عام (1945)، والكوخ هو ما كانوا يطلقون عليه؛ كوخ الندامى، كان عرار ورفاقه يجتمعون فيه كل يوم تقريباً، للسهر، وقراءة الشعر والأدب، والحديث عن السياسة، أو كما قال عرار، هو حديث ذو شجون أو ذو سجون.
دحنون وادي السير من جناته لا تنكري أتضرجاً خداكِ
يا ظبية الوادي وما الوادي إذا لم تؤنسيه ومن أنا لولاكِ
– قصيدة: لهثات وأنفاس، نشرت عام (1946)، وجاءت في سبعة عشر بيتاً من الشعر، قال في بعض أبياتها شاعرنا العملاق عرار:
هبلتك أمك والحديث شجون ظبيات وادي السير حور عين
سلمى بماحص قد تألق موهناً برق وبلَّ ثرى الفحيص هتون
رابعاً: قصيدة: بقايا ألحان وأشجان، وجاءت في ثلاثة وتسعين بيتاً من الشعر، وقد نشرت في نهاية الأربعينات، وهي من أجمل القصائد العرارية.
يا بنت، وادي الشتا صرت جنادبه ورجّعت جلهتاه الغرّ ألحاني
فلا عليك إذا أقريتني لبنا وقلت: خبزتنا من قمح حوران
ليلاي قيسك قد شالت نعامته إلى فلسطين من غور ابن عدوان
قالوا ذوو الشأن في عمان تغضبهم صراحتي ولذا أفتوا بحرماني
يا أهل يافا لقد بالأمس أرقني برق تألق في أجواء حسبان
ما زال وادي الشّتا دفلاه مزدهر مالي ومالكم يا جيرة البان
مالي وزمزم ماء غير سائغة فأسقني جرعة من ماء حسبان
جيران وادي الشّتا كانوا وما برحوا برغم أنفك … جيراني
قفا بعمواس يا ابنيّ وانتظرا لو ساعة فهوى وصفي تحداني
وسائلا كلّ ركب مرّ عن ولدي وسائلا الركب عن دحنون أوطاني
قالوا تدمشق، قولوا ما يزال على علاته إربدي اللون حوراني
وأنّ وادي الشتا حوّ جآذره وأنّ زمزم والأردنّ صنوان
يا أردنيات إن أوديت مغترباً فانسجنها بأبي أنتنّ أكفاني
وقلن للصّحب واروا بعض أعظمه في تلّ إربد أو في سفح شيحان
– قصيدة: إذا داعبه الهوا، وهي مكونة من سبعة عشر بيتاً من الشعر، وغير معروف تاريخ نشرها.
ودع عمان يُسكرها الرياء الوقح والكذبُ
بأدغالك يا زيتون بُرما استأسد الذئبُ
– قصيدة: منية المتمني، عدد أبياتها ستة أبيات من الشعر، وغير معروف تاريخ نشرها.
فما للعشيات التي منيت بها لياليه في سهل العريف سبيلُ
فيا حبذا من ماء راحوب رشفة وظل بجرعاء السريج ظليلُ
وفي دار قسيس القرية ليلة تقضى وفي حضن الصريح مقيلُ
– قصيدة: إنه الغور، وجاءت في ستة أبيات من الشعر:
رويدك إنه الغور به دوم وزعرور
وخرفيش ومرار وعين تخسأ الحور
دع القطمون واللطرون فالدنيا طبر بور
قصيدة: حنين، وجاءت مناسبة القصيدة عندما التقى بصديقه الشاعر الدكتور ابراهيم ناجي، وعرض ناجي على عرار أن يبقَ في القاهرة ولا يعود الى الأردن، فأنشد قائلاً:
لكن ذكراك يا وادي الشتا وهوى جآذر السير رأس الكوم في رأسي
فوا حنيني لعطف الواردات على ماء الموقر أو بئر ابن هرماس
وواحنيني الى كأس مشعشعة بماء راحوب والدنان بتراسي
فرب رس من الحمر يعاودني لما تذكرت في عمان جُلاسي
وكان الشاعر الكبير (مصطفى وهبي) التل برع في نظم وصياغة الأمثال الأردنية المعبرة، إذ قال:
علمي بعمان قرية، البراطيل خربت جرش، شباب نحلة واصبحوا بريمون، وغيرها الكثير من الأمثال.
وجاءت الأبيات على الشكل التالي:
علمي بعمان من بعض القرى فإذا بعمان عاصمة الأردن تحميه
إن البراطيل قدماً خربت جرشاً والحاكم الفذ لكام لشانيه
شباب نحلة في ريمون طالعهم ضوء الصباح ومستهم أياديه
خاتمة البحث.
ملاحظات مهمة على التقرير:
أولاً: ذكر الشاعر العملاق عرار المدن والمناطق والأماكن التالية في هذا البحث:
– الأردن، جاءت في البحث ثمان مرات، عمان (العاصمة)، ثمان عشرة مرة.
– إربد: ثمان مرات، السلط: ثلاث مرات، وادي الشتا أربع عشرة مرة، وادي السير إحدى عشرة مرة، جلعاد ثلاث مرات.
– الحصن والصريح ثمان مرات، مأدبا أربع مرات، حسبان سبع مرات، شيحان ست مرات، الفحيص وماحص مرتان.
ثانياً: جاء على ذكر المدن والقرى والمناطق التالية بشكل متفاوت:
– الطفيلة، معان، مؤاب، البتراء، أيلة، الثنية، أذرح، زيزياء، وادي اليتُم، القويرة، والشراه.
– عجلون (الربض)، جرش (برما، ريمون)، الشونة، الغور، غور نمرين، المشتى، بيت راس، راحوب، الزعتري.
– ناعور، الموقر، البلقاء، طبربور، الحُمّر.
– سهل العريف، منطقة السريج، سهل بني عمون، بئر ابن هرماس.
– ذكر أسماء بعض القبائل والعشائر، مثل: العدوان، العجارمة، بني عطية، عشيرة التل.
– ذكر مجموعة من الأشجار والنباتات تشتهر الأردن بوجودها، مثل: شجرة الزيتون، شجرة الزعرور، الشيح، القيصوم، الدفلى، القرصعنة، العكوب، الدوم، المرار، الخرفيش، الدحنون.
ثالثاً: قال عرار إن ماء نبع حسبان أفضل من ماء زمزم بالنسبة له، وفي بيت شعري آخر شبه الأردن بزمزم.
مالي وزمزم ماء غير سائغة فأسقني جرعة من ماء حسبان
وأنّ وادي الشتا حوّ جآذره وأنّ زمزم والأردنّ صنوانِ
يمكن أن نقول إن أشعار عرار لا تتحدث فقط عن الأردن، بل تعتبر قاموس يضم الكثير من المدن والقرى، إضافة الى الأماكن والنباتات والأشجار التي يحتوي عليها الوطن الذي نفتديه بالمهج والأرواح.
انتهى البحث، أرجو أن أكون قد وفقت في تقديم إضاءة وجانب بسيط من تاريخ هذا الشاعر الأردني العملاق، أيقونة الشعر الأردني والعربي، وما قدمه من قصائد استثنائية وطنية.








