اخر الاخبارمحليات

التعيينات معركة الأسماء لا الكفاءات….

بين مواطن طامح وآخر واصل

 

آفاق نيوز – رصد
محرر الشؤون المحلية

في الأردن، يكاد لا يمرّ خبر تعيين مسؤول أو مدير عام أو عضو في هيئة مهمة إلا ويشعل مواقع التواصل الاجتماعي بنقاشات واسعة. كثيرون يباركون، لكن الأكثرية تُبادر بالتساؤل: هل التعيين جاء عن استحقاق أم أنه مجرد حلقة جديدة من معركة الأسماء التي تتكرر بين نفس الوجوه والمجموعات الضيقة؟

الانطباع العام لدى الشارع أن المناصب تُدار كأنها لعبة كراسي موسيقية، حيث يجلس نفس الأشخاص على مقاعد مختلفة دون أن يُمنح الآخرون فرصة حقيقية. في المقابل، هناك مواطنون كثر يملكون الطموح والجدية والمؤهلات، لكنهم يشعرون أن الطريق مسدود أمامهم، وأن معيار الوصول ليس الجدارة وإنما القرب من دوائر النفوذ.

هذا الانطباع، حتى لو حاولت المؤسسات الرسمية نفيه أو التخفيف من حدته، أصبح واقعًا راسخًا في أذهان الناس فكل تعيين جديد يتحول إلى ساحة نقاش وجدال، ليس حول برامج الشخص وأدائه، بل حول علاقاته وانتماءاته ومحيطه.

والنتيجة أن الثقة بآلية التعيين تتراجع، بينما تتضخم قناعة عامة بأن “النجاح لا يكفي، المهم أن تكون واصلًا.”

الأخطر أن هذه القناعة لا تقف عند حدود الوظائف العليا فقط، بل تتسرب إلى تفاصيل الحياة اليومية: من التوظيف في وظائف عادية، إلى الحصول على فرص تدريب، إلى المعاملات والخدمات.

وهكذا تُصبح المحسوبية ثقافة تنتشر في المجتمع، وتضعف القانون، وتدفع بالكفاءات الحقيقية نحو الإحباط أو الهجرة أو الانكفاء.

إن استمرار هذه الصورة يهدد السلم الاجتماعي والثقة الوطنية فالشباب الذين يرون الأبواب مغلقة أمامهم لا بد أن تتولد لديهم حالة من الغضب أو اللامبالاة، وهو ما ينعكس على مشاركتهم في الحياة العامة وعلى إيمانهم بمؤسسات الدولة.

الإصلاح هنا ليس ترفًا بل ضرورة وطنية المطلوب أن تُعلن الوظائف القيادية بشفافية، وأن تُحدد معايير واضحة ومكتوبة لا تقبل التأويل، وأن تُشكَّل لجان مستقلة تضم خبراء لا أصحاب مصالح، مع توفير آلية طعن ومراجعة علنية لأي قرار الأهم أن يتم تنفيذ هذه الخطوات بجدية لا أن تبقى حبرًا على ورق.

التعيينات في جوهرها ليست قضية أشخاص، بل قضية ثقة وطنية. فحين يقتنع المواطن أن الجدارة هي الطريق الوحيد للمنصب، ستتعزز الثقة وتزداد المشاركة ويقوى الانتماء. أما إذا بقيت المعركة معركة أسماء لا كفاءات، فسنظل ندور في حلقة مفرغة، يخسر فيها الطامح، ويستفيد منها فقط من كان واصلًا.

الأردن لا ينهض بالأسماء المتداولة، بل بالكفاءات الصادقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى