
بقلم: د. ثروت الحلواني
جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين اليوم محمّلاً بمعاني المسؤولية الوطنية، ومؤكداً على أن الأردن، كما كان دائماً، يمضي بثقة نحو الإصلاح والتحديث، رغم ما يحيط به من تحديات داخلية وإقليمية.
لقد قدّم جلالته خطاباً متوازناً يجمع بين الواقعية والطموح، ويؤسس لمرحلة جديدة عنوانها العمل الجاد والنتائج الملموسة، بعيداً عن التراخي أو التردد.
منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الخطاب الملكي لم يكن بروتوكولياً، بل رسالة عميقة في مضمونها، تستهدف تحريك الوعي الوطني وتحفيز مؤسسات الدولة على مضاعفة الجهد. فالملك لم يكتفِ بالتشخيص، بل وضع بوضوح ملامح الطريق:
إصلاح سياسي يعزز المشاركة الشعبية، وإصلاح اقتصادي يضمن العدالة والنمو، وإصلاح إداري يكرّس الكفاءة والمساءلة.
ولم يغفل جلالته عن الإشارة إلى أن نجاح هذه المسارات مرهون بشراكة حقيقية بين السلطات ومؤسسات المجتمع كافة، وبأن الإصلاح لا يُختزل في نصوص وتشريعات، بل يُقاس بما يلمسه المواطن من تحسّن في الخدمات والتعليم والصحة وفرص العمل.
على الصعيد الإقليمي، جدّد جلالته الموقف الأردني الثابت من القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مؤكداً أن الأردن سيبقى الصوت العاقل الداعي إلى العدالة والحرية، والمدافع عن القدس وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية.
بهذه الرسالة، يواصل جلالة الملك حمل إرث الهاشميين في حماية الثوابت الوطنية، وصون مكانة الأردن ودوره المحوري في المنطقة.
لقد جاء الخطاب الملكي اليوم بمثابة تجديدٍ للعهد بين القائد وشعبه، وعنوانٍ لمرحلة تتطلب من الجميع — حكومةً ومؤسساتٍ ومواطنين — أن يكونوا شركاء في البناء، لا متفرجين على التحديات.
فالملك، كعادته، يتحدث بلسان الأردنيين جميعاً: بصدق، وبثقة، وبإيمانٍ بأن الأردن لا يعرف المستحيل.
وفي الختام، يمكن القول إن خطاب جلالة الملك لم يكن مجرد مناسبة وطنية، بل محطة مراجعة واستنهاض، ورسالة واضحة بأن الإصلاح بات التزاماً وطنياً لا يقبل التأجيل، وأن الدولة الأردنية ماضية في طريقها بثباتٍ ورؤيةٍ عصريةٍ تقودها إرادةٌ ملكيةٌ حازمة.







