منبر الكلمة

عمليّات خطف وهجمات على قوافل المساعدات الإنسانية تُعرّض سكّان السويداء للخطر

سانتياغو مونتاغ سولير- صحافي تشيلي

يبقى السكّان المدنيون في السويداء عالقين في حالة طوارئ إنسانية واسعة النطاق، بقدرة محدودة على الوصول إلى الإمدادات الحيوية وتحت تهديد دائم.

تخضع السويداء لحصار منذ أكثر من شهر، عقب موجة عنف فجّرتها اشتباكات بين مجموعات بدوية مسلّحة وفصائل درزية في المناطق الريفية. سارعت قوّات الأمن العامّ التابعة للإدارة الانتقالية إلى التدخّل، بزعم وقف القتال— لكنّها بدلاً من ذلك صعّدت وتيرة العنف.

واتّهم سكان السويداء قوّات وزارة الأمن بارتكاب انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك الإعدامات خارج نطاق القانون، وتدمير الممتلكات، والإذلال العلني، ومجازر لا تُوصف.

وقد تمّ التوصّل إلى وقف هشّ لإطلاق النار بعد أيّام من القتال الذي بدأ في 13 تمّوز/ يوليو، غير أنّه كُسِر مراراً من الطرفين. وبينما لا تزال المحافظة تحت حصار يطال الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والاتّصالات، بدأت المساعدات الإنسانية بالتسرّب تحت النار.

يوم الاثنين، 11 آب/ أغسطس، تعرّض خمسة عاملين إنسانيين لإطلاق نار، ثم خُطفوا في محافظة درعا، أثناء توجّههم إلى السويداء لإيصال الغذاء والإمدادات الطبّية. وقع الهجوم في بُصرى الشام بعد أن تجاوزت القافلة آخر حاجز قبل دخول السويداء، قرابة الساعة الرابعة عصراً. وعلى الرغم من الهجمات السابقة على قوافل أخرى، قرّر المتطوّعون المضيّ في مهمّتهم لمساعدة المجتمعات المتضرّرة.

انطلقت القافلة من جرمانا، وضمّت خمس سيّارات تقلّ أحد عشر متطوّعاً محلّياً. تعود إحدى السيّارات للهلال الأحمر العربي السوري (SARC) فيما شغلت الشبكات المجتمعية السيّارات الأخرى، التي كانت تجمع التبرّعات كالطعام والدواء وإمدادات مختلفة، لسكان السويداء الواقعين تحت حصار شبه كامل منذ منتصف تمّوز/ يوليو.

وقد جرى تحديد هوّيات المختطَفين، وهم: عابد أبو فخر، وفداء عزّام، ويامن مأمون السحنوي، وسمير بركات. أما بقية أفراد القافلة فأُفرج عنهم خلال 24 ساعة. ولم تُعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليّتها عن عمليات الخطف، ولا توجد أدلّة واضحة تُشير إلى مرتكبيها.

جميع المختطفين معروفون بتفانيهم في العمل الإنساني، وتقديمهم المساعدة بحياد في خضمّ سنوات من النزاع. ومن بينهم عابد أبو فخر، وهو ناشط إغاثي سوري وعضو في الهلال الأحمر، عُرف خصوصاً بجهوده إبّان حصار الغوطة الشرقية، حيث كان من أوائل من أوصلوا المساعدات الإنسانية والطبّية، وقد سبق أن اعتقله نظام الأسد عدّة مرّات بسبب عمله الإنساني عبر خطوط التماس.

ردّاً على ذلك، أطلق ناشطون في دمشق حملة تُطالب بالإفراج عن عابد أبو فخر وزملائه، وعن حمزة العمّارين، وهو عامل في منظّمة “الخوذ البيضاء” خُطف في السويداء في تمّوز/ يوليو 2025. وتدعو الحملة إلى حماية العاملين الإنسانيين وتأمين عودتهم الآمنة إلى عائلاتهم، واستمرار العمليّات الإنسانية في المنطقة دون عوائق.

حتى الآن، تمكّنت عائلات المختطفين من الحفاظ على تواصل يوميّ مقتضب معهم، وأفادت بأنّهم في حال جيّدة بانتظار احتمال إجراء صفقة تبادل. كما نشر الخاطفون مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، تُظهر الرهائن وهم يتلقّون الطعام ويُعامَلون بإنسانية.

لقد زعزعت الاشتباكات المسلّحة العنيفة بين المجموعات البدوية وقوّات الأمن العامّ والميليشيات الدرزية استقرارَ المنطقة بسرعة. ووفق “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” (SNHR) قُتل ما لا يقلّ عن 814 شخصاً، وأُصيب 903 في الأيّام الأولى من النزاع.

كما ذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن عدد القتلى بلغ 1,677 خلال الاشتباكات، بينهم 452 حالة إعدام. وتقدّر الأمم المتّحدة أن أكثر من 145,000 شخص قد نزحوا، فيما ترفع بعض المنظّمات هذا الرقم إلى أكثر من 170,000.

وأثّر العنفُ بشدّة في البنية التحتية الأساسية: فالمستشفيات مكتظّة، والمشارح فائضة بالجثث، وهناك نقص حادّ في الكهرباء والمياه النظيفة والدواء والغذاء، وفي بعض الحالات، أُبلغ عن وجود جثث لم تصل إلى المرافق الطبية، بسبب عدم توفّر شروط التعامل السليم معها.

وتسبّب نقص الموادّ الطبّية والأدوية الأساسية لمرضى السرطان والسكري في وفاة عدّة أشخاص، من بينهم المتطوّعة السابقة في اليونيسف خزامى الأحمد، التي تسبّب انقطاع الأنسولين بوفاتها، وقد نعتها اليونسيف، ودعت جميع الأطراف إلى الالتزام بالتهدئة، فيما توفيت أيضاً السيّدة شهيرة فيّاض الطرودي عزّام، وهي  مريضة سرطان، بسبب عدم توفّر الدواء، وكانت من الداعمات للحراك في السويداء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى