منبر الكلمة

عكاريت من حملة العُبي…؟!

كتب تحسين أحمد التل
فيما مضى؛ كان الحصول على لقب شيخ معترف به من الديوان، أو من وزارة الداخلية، يجب أن يكون بموافقة العشيرة، وكان ذلك يُعد من الأمور التي تحتاج الى موافقات أمنية، وشروط شبه تعجيزية، أهمها؛ الإقرار بموافقة مئة إسم، وتوقيع، ورقم وطني لأبناء عشيرة (المتمشيخ) الذي سيحمل لقب شيخ، ليتحدث باسم العشيرة ويمثلها في كل المناسبات الوطنية، الرسمية وغير الرسمية.
كان صاحب العباءة يضطر الى تقديم المناسف والحلويات كي يجمع الأسماء المطلوبة، وبعد تقديم الطلب، يأتي مندوب من المحافظة للاجتماع عشوائياً مع بعض الأسماء الموقعة على الموافقة، إذ ربما يقوم البعض بكتابة الأسماء دون الحصول على موافقة أصحابها، لذلك يجب التأكد قبل الموافقة على منح فلان أو علان لقب شيخ.
اليوم، أصبحت المشيخة في متناول اليد، وصار بعض الهمل، والزعران، وصغار القوم، أو ممن لديهم قدرة على التلون، والاستخفاف بعقول الآخرين، والضحك هنا على البعض صار صنعة، وشطارة، وفهلوة، وفوق هذا وذاك؛ عباءة ثمنها لا يزيد على عشرة دنانير، وربما أرخص من ذلك بكثير.
عباءة الشيخ يا سادة؛ أقصد؛ شيخ (بحق وحقيق)، لا تقدر بثمن، لأن من يضع العباءة يُقدر قيمتها المعنوية، إذ يمكن أن يصل الثمن المعنوي في بعض الأحيان أكثر من مئة ألف دينار، وربما أكبر من هذا الرقم بكثير.
تابعت خلال ثلاثة عقود من عُمري، عشرات الجاهات، والعطوات، والدخالات، إن كان داخل ديوان عشيرتي، أو دواوين ومضافات عشائر أردنية محترمة، وأذكر أن عشيرتي عملت على حل أصعب القضايا العشائرية، بين عشائر وقبائل لها وزن وثقل كبير في البلد، وما خابت وساطة، ولا تقطع وجه التلول في أي دخالة، مهما كانت صعوبتها، بفضل الله أولاً وأخيراً، وبفضل المركز المحترم الذي تتمتع به عشيرة التل في الأردن، وفي أي مكان آخر.
علينا أن نفهم، ويفهم البعض، أن ارتداء العباءة لا يمنح صاحبها صفة الشيخ الذي إن تدخل في جاهة عليه أن يكون مقبولاً لدى العشيرة التي حلت عليها مصيبة اجتماعية، لأن قبول وجه فلان شرط أساسي للتدخل، وإلا فإن تقطيع الوجه عند العرب وأبناء العشائر فيه إهانة للشيخ، ولأفراد عشيرته بين العشائر، ويمكن أن يصل تقطيع الوجه الى فضيحة لوجه العشيرة، ومشاكل بين العشائر.
للتخلص من عملية تقطيع الوجه، على الشيخ أن يوجه طلبه للعشيرة المستهدفة، فإن وافقت على قبول دخالة الشيخ، وقتها يمكنه أن يجمع حوله رجال العشائر والقبائل، ويدخل بمعيتهم الى ديوان، أو صيوان العشيرة المستهدفة، ويطلب الصلح، وفيما بعد يتم كتابة صك الصلح العشائري بين جميع الأطراف.
البعض يعتقد أن ارتداء عباءة يمكن أن يمنحه ثقل عشائري، ويكون وجهاً يُسمح له بحل المشاكل العشائرية، وأزيدكم من الشعر، أن بعض الهمل ممن يرتدون العباءة ويتزيّون بهذا الزي، يطلبون مصاريف، ومبالغ من الدخلاء حتى يستطيعون تعبئة سياراتهم بالبنزين، ودفع ما تيسر من دنانير على طاقم الشيخ المزيف.
الشيوخ الذين كان لهم ثقل عشائري ماتوا من زمان، والشيوخ عددهم قليل، ممن لا زالت مضافاتهم ودواوينهم مفتوحة، اليوم لم يبقَ سوى حفنة عكاريت، وفطريات ظهرت في غياب المشيخة الحقيقية، يتكسبون من خلال مصائب الناس، وثمنهم في سوق الشيوخ لا يساوي ثمن العباءة بأكثر من عشرة دنانير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى