منبر الكلمة

اربد ..النهضة التي نريدها ، والممازجة بين القرميد والموروث

 

عدنان نصار

أعشق المشي في شوارع اربد القديمة ..وتأخذني الطرقات من ياقة قميصي وتشدني الى حارات المدينة العتيقة وأسواقها ..أتبختر راميا نظري الى بيوتات ونوافذ تحكي عن إرث المدينة العتيقة ، فيساورني الشك أن ثمة “تآمر” على الإرث والموروث ، وربما هناك من يتقصد تغييب ذاكرة اربد القديمة بحسن نوايا أو سوء ، فكلا الحالتين ثمة ضرر يقع على الإرث العمراني الذي أستند الى ذاكرة قد تمتد الى أكثر من 100سنة ..

ولعل المدينة التي شكلت عبر مسارها ومسيرتها ، صورة تمازج بين ذاكرة وطن وأجيال ،انتقلت راهنا الى الحداثة والشيد والقرميد ، حتى صارت المدينة مثل “عروس هبله” يعنيها الجمال ولا تكترث بقيم الذاكرة وقيمتها ..

ما ينطبق على المدينة وإرثها ومحاولة إخراجها من الذاكرة المكانية وإلغاء عبقريتها ، أيضا ينطبق على الحداثة التي تحقق التقدم العمراني دون الإمتثال لشروط المدينة التي من الممكن فرض شروطها المنطقية لإظهار قيمتها الجمالية بملامح تراثية .

المناطق التي يشملها هذا التعبير ،هي بلا شك تعد ثروة للمدينة وما تحققه من عوائد مالية للبلديات ، وهي خطوة حداثوية مطلوبة أيضا وفق مقاييس ومواصفات لرسم مشهد تراكمي للمدينة يضيف لذاكرة الأجيال إنتاج وجداني جميل يجمع بين المدينة والناس .. والمدينة إذا خلت من الروح تظل مدينة بلهاء خارج سياق الفائدة المكانية وذاكرتها ..صحيح أن بلدية اربد الكبرى ورئيسها د.نبيل الكوفحي قد بذلوا ما بوسعهم لإعادة روح المدينة نسبيا عبر نوافير مائية وتخضير إصطناعي وإنارات للطرقات ، لكن هذا وفق تقديري لا يكفي ، فهناك الكثير من إحتياجات المدينة تحتاج الى وقفة جمالية مقدور عليها ماليا وفنيا ولا تحتاج الى نفقات أو منح ..وأظن أن جملة من الأفكار الممكنة والقابلة للتنفيذ قد تضيف جماليات لإربد وهي بالمناسبة إمكانيات متوفرة وتحتاج الى قرار وتنفيذ بأيدي العاملين بالبلدية وآلياتها وإمكانياتها من مثل الصروح الأسمنتية المعبرة عن حكاية أو رمزية ما ..وما يتبع ذلك من أفكار بناءة وغير مكلفة ماليا .

نتفق مع رئيس بلدية اربد الكبرى د.نبيل الكوفحي في مفاصل كثيرة ونختلف في مواقع اخرى لكن في النهاية تمتلك البلدية المرونة الفكرية في بناء حوار وتبادل الأفكار بشكل جيد ..فما تحتاجه المدينة من مشاريع جمالية لا يقف حكرا على إراء أو مقترحات البلدية وحدها بل لا بد من مشاركة مبنية على التفاعل والاخذ بأفكار أخرى يطرحها أبناء المدينة على إختلاف أقكارهم ووحدة ثقافتهم تجاه المدينة التي تعتبر ملاذهم وحصنهم وهي جزء من ملامحهم الطيبة ..

المطلوب أن نجعل من اربد مدينة مرغوبة نهارا وليلا عبر مشروعات جمالية مع الحفاظ على ذاكرة المدينة وتثبيت صمودها في وجه الحداثة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى