الأمير الحسن يرعى فعالية مجمع اللغة العربية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية ومرور مئة عام على تأسيس المجمع العلمي في الشرق العربي

اَفاق نيوز –  رعى سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي، الاثنين، فعاليات مجمع اللغة العربية الأردني، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية ومرور مئة عام على تأسيس “المجمع العلمي في الشرق العربي” في مقر المجمع بعمان.

وأكد سموه، في كلمة له، أن اللغة ليست وسيلة تعبير فقط، إنما هي فضاء تحليلي موضوعي يأخذ في الحسبان الظروف المعيشية مع تأكيد القيم النهضوية.

وقال سموه إن “اللغة العربية تعتبر حاضنة حضارية بكل تجلياتها، واللغة الأم من أعمدة أي مشروع نهضوي، فعند الحديث عن الأمة لا بد من ذكر اللغة الأم لتحفيز مفهوم الوطنية الجامعة والقواسم المشتركة بعيداً عن الاقصاء”.

وجدد سموه الدعوة إلى وضع استراتيجية قومية لتعزيز اللغة العربية ونشرها والحفاظ عليها، مشيراً إلى ضرورة إنشاء هيئة حكماء للإشراف على وضع هذه الاستراتيجية.

ولفت سموه إلى أن القوميات الأربع، التي تشكل أعمدة الأمة من عرب، وفرس وترك وكرد، هي عصب الثقافة في المشرق، “وقد أغنى وجود هذا التعدد القومي والتنوع الديني واللغوي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الإقليم المشرقي وفي الجزيرة العربية”.

وبين سموه أن التكامل بين الثروة ورأس المال الإنساني بين المشرق والجزيرة العربية هو أساس لقيام النهضة.

ونوه إلى ضرورة استخدام مفاهيم مبسطة في الدراسات تعزز مفهوم الوطنية الحقيقية وتعمق القناعات في الانتماءات.

ودعا سموه إلى مواجهة التحديات أمام المجامع العربية من خلال تعزيز العمل المؤسسي الرصين في وضع المعاجم العربية الحديثة وتفعيل دور اللغة العربية عالمياً مع التركيز على الأسلوبية الملهمة والمبدعة في مخاطبة الآخر، والعناية بتعليم اللغة العربية على جميع المستويات، إلى جانب “الاهتمام بلغة الإعلام والسعي لزيادة المحتوى العربي على الانترنت بلغة سليمة وتكثيف نشر نصوص مختارة من الشعر العربي ونثره تكون موجهة إلى كافة الفئات العمرية”.

وكان رئيس مجمع اللغة العربية الأردني الدكتور محمد عدنان البخيت لفت في كلمة ألقاها في مستهل الفعالية إلى أن رحلة المخطوط العربي بدأت في أنحاء المعمورة بعد الاعتماد على النُسّاخ في بداية التدوين بالعهود الإسلامية المبكرة لتوفير نسخة أو أكثر من النص في مختلف فنون الثقافة العربية-الإسلامية.

وأشار الدكتور البخيت إلى ظاهرة الطباعة الحجرية التي كانت معروفة في الأديرة خاصة في لبنان وحلب، وفي المغرب الأقصى، وصولا إلى مرحلة محمد علي باشا حينما انطلقت الطباعة في الوطن العربي عشية تأسيس مطبعة “رملة بولاق” في مصر، وفي 1834 عندما نقل المبشرون الأميركان مطبعتهم من مالطة إلى بيروت.

ونوه بدور المغفور له بإذن الله جلالة الملك فيصل بن الحسين حينما قامت الدولة العربية الفيصلية في دمشق في الفترة من 1918-1920 والتفت إلى منزلة اللغة العربية وأهميتها، فأسس أول مجمع للغة العربية؛ المجمع العلمي العربي بدمشق، وبعد ذلك بـ 3 سنوات أسس المغفور له بإذن الله جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين المجمع العلمي العربي في الشرق بعمان في 1923، والذي أدى دوراً ملحوظاً في نهضة الإمارة.

ولفت إلى أنه في 1961، تأسست في وزارة التربية والتعليم اللجنة الأردنية للتعريب والترجمة، وبقيت تؤدي دورها حتى 1976، فقام على آثارها مجمع اللغة العربية الأردني في عهد المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال وهو المجمع الذي يحمل الرسالة العربية المقدسة حتى يومنا هذا، منوها بدور المجمع الأردني في النهوص باللغة العربية وحمايتها إلى يومنا هذا.

وفي الجلسة العلمية الأولى التي حملت عنوان: “المجمع العلمي العربي في الشرق العربي” وأدارها عضو المجمع الدكتور عبدالمجيد نصير وشارك فيها عضوا المجمع الدكتور سمير الدروبي الذي قدم قراءة موجزة عن كتابه الموسوم “المجمع العلمي العربي في الشرق”، والدكتور يوسف بكار معلقا على الكتاب.

وقال الدكتور نصير مفتتحا الجلسة إنه من حق لغتنا العربية علينا أن نحتفل بها، لافتا إلى أن الاحتفال لا يكون بالخطب فقط وإنما بإتقانها بالفصحى أيضا.

وفي تقديمه لكتابه أشار الدكتور الدروبي إلى أن كتابه يعد امتدادا لكتاب “مجامع اللغة العربية في دمشق وعمان في عهود الهاشميين” الذي تناول موضوع نشأة المجامع العربية منذ تأسيس مجمع دمشق.

وبين أنه في كتابه الجديد تناول السياقات والإرادات التي رافقت تأسيس المجمع في عمان آنذاك علاوة على أهدافه، لافتا إلى أن أهم النتائج التي وصل إليها بأن تأسيس المجمع العلمي العربي في الشرق يمثل سعي المغفور له الملك المؤسس للنهوض في البلاد.

كما بين الدكتور الدروبي أن من أهداف تأسيس المجمع آنذاك توحيد المصطلحات وتجويد لغة موظفي القطاع العام في عملهم، لافتا إلى أن نهاية المجمع العلمي العربي في الشرق كانت بتخطيط المستعمرين في تلك الحقبة الزمنية من التاريخ.

وخلص الى أن المجمع العلمي العربي في الشرق يعد من أهم إنجازات الملك المؤسس وأن ما بناه المجمع يعد أساسا للنهضة الثقافية والعلمية في الأردن.

من جهته، بين الدكتور بكار في تعليقه على الكتاب أن المجمع العلمي العربي في الشرق أُريد له أن يكون مجمعا علميا غير قطري.

ونوه بأن الكتاب أصيل وعلمي ويختزن تاريخاً شمولياً استقصائياً استهله المؤلف بمرحلة تأسيس المجمع ثم عمل على تفصيلاته المختلفة، مستعرضا فصول الكتاب وما تناولته وأبرزته وكشفت عنه.

 

وفي الجلسة الثانية التي قدمها وشارك فيها سمو الأمير الحسن بن طلال، قال الباحث العماني الدكتور محمود بن مبارك آل سليمي إن اللغة العربية مقدسة بالنص القرآني ومحفوظة وشامخة في كلماتها ومفرداتها واستطاعت أن تتغلب على التحديات والصعوبات، منوها بدور مجامع اللغة العربية في المحافظة على اللغة العربية وصونها.

ودعا آل السليمي إلى ضرورة إيجاد جهود تنطلق من وعي حقيقي في مواجهة العولمة.

ولفت في مداخلته الى مسألة التدريس في الجامعات العربية بغير اللغة العربية.

وقال وكيل الأزهر سماحة الدكتور محمد عبدالرحمن الضويني إن رؤية إنشاء مجمع الشرق هي رؤية ملكية ذات بصيرة.

وتطرق سماحة الدكتور الضويني الى ما يحدث في غزة الآن من عدوان، قائلا “إن القرآن والسنة يشهدان أن الأمة منصورة والتاريخ ينطق بحق العرب في أرض فلسطين”.

وتابع “إن من فضل الله على الأمة أن ميزها بأجل عقيدة وأفصح لسان وأشرف هوية، وإذا كانت اللغة العربية أحد أركان الأمة فإن المحافظة عليها من الدين، وإن العلاقة بين الدين وبين اللغة والهوية لا تنفصم عراها”.

وأكد أهمية الالتفات إلى أن ثمة صراعا خفيا يجري في العالم هو صراع الألسن والثقافات، مؤكدا أن اللغة تعد من أهم عناصر الصراعات التي يلتفت اليها المحتل والباغي.

وقال إن المحافظة على اللغة العربية مسؤولية وطنية ودينية ومجتمعية وتقع على الجميع كل في مجاله ومكانه وتخصصه، وهي مفتاح الهوية والاعتزاز بها اعتزاز بالهوية.

ونوه بأن الأزهر الشريف اعتنى باللغة العربية وأنشأ أقساما ومراكز تُعنى بها وتؤكد حضورها وتحافظ عليها.

بدوره، لفت الباحث الموريتاني عبدالله ولد أباه، إلى أن الرموز اللغوية ليست مجرد إشارات تواصل، وإنما هي مسكن نعيش فيه ويعيش فينا.

ودعا ولد أباه إلى إنشاء رابطة الدول الناطقة باللغة العربية أسوة برابطة الدول الفرانكفونية، بحيث تضم دولا تتحدث كليا أو جزئيا اللغة العربية.

وتحدث عن مفهوم “الضيافة اللغوية”، رائيا أن ما يقوم به المترجم من نقل للمضامين اللغوية يعد شكلا من هذا المفهوم كونه لا توجد ترجمة للغات لوجود مصطلحات ثقافية وأدبية في لغات كثيرة لا مقابل لها بلغة أخرى.

وثمن آخر المتحدثين رئيس المجمع العلمي العربي العراقي الدكتور محمد حسين آل ياسين ما طرحه سمو الأمير الحسن في مداخلاته، واصفا إياها بأنها تعد منهج عمل يجب أن تستأنس به مجامع اللغة العربية.

وقال الدكتور آل ياسين إن الله خص اللغة العربية بما لا تختص بها لغات أخرى.

وقال إن اللغة العربية لغة مكرمة ببدء نشأة الإنسان على الأرض وهي أغنى لغات البشر بالنحو والقواعد وليس بعدد الجذور وحسب، لافتا إلى التقديم والتأخير في اللغة العربية والتي لا تجعل الكلام يتأثر، ولا توجد في لغة أخرى سواها، وأن اللغة العربية قادرة على الإحاطة من خلال غناها الإيمائي.

وقال إن الله عز وجل كرّم اللغة العربية بأن جعل كتابه بها وكذلك إعجاز النبوة من خلالها وإنه سبحانه تعهد بحفظها.

وتسلم سمو الأمير الحسن بن طلال في ختام الاحتفالية التي حضرها عدد كبير من المثقفين والأكاديميين والمتخصصين والمعنيين بشؤون اللغة العربية درع المجمع التكريمي من رئيس المجمع الدكتور محمد عدنان البخيت.

كما سلم سموه دروع المجمع التكريمية على المشاركين في الفعاليات .

Related Articles

Back to top button