كِلابُ الغرب .. الآدمية

Husam28 أغسطس 2023آخر تحديث :
كِلابُ الغرب .. الآدمية

 

عوض ضيف الله الملاحمه

الجنون فنون كما يُقال . أذهلني كما غيري ، ظاهرة ، نعم ظاهرة إنتشار الكلاب الآدمية في أوروبا . شيء يضع العقل في الكف . ويثير تساؤلات ربما لا إجابات قاطعة لها . ما الذي دفع هؤلاء الناس لإمتهان آدميتهم ؟ ما الدافع من وراء ذلك ؟ ما الغاية التي يرجون تحقيقها ؟ وأخيراً الى أين هم ذاهبون بأنفسهم ؟ والى أين ستوصلنا حضارة الغرب المُنفلتة ؟

سِرُّ ظاهرة إنتشار الكلاب البشرية لا يزال غير معروف في هذا العالَم الغريب . حيث بدأت هذه الظاهرة بالإنتشار في تسعينيات القرن الماضي في بريطانيا ، ثم بدأ إنتشارها في اوروبا ، وأستراليا ، وكندا ، وامريكا .
وتتمثل هذه الظاهرة في رغبة أعداد كبيرة من ( الآدميين !؟ ) من النساء والرجال البالغين ان يكونوا (( كِلاباً )) . وتُقدّر أعدادهم بمئات الألوف . حيث يزيد العدد في بريطانيا لوحدها عن ( ١٠,٠٠٠ ) كلب يفترض انه آدمياً ، لو كان طبيعياً . حيث يرتدون أزياء الكلاب المصنوعة من اللاتكس والجِلد . ويقول أحد المنضَمين لهم في تصريح لصحيفة الجارديان البريطانية : ( تعيش الكلاب حياة مريحة بشكلٍ لا يُصدّق ، ليس عليهم ان يذهبوا للعمل ، ولا يتألمون بسبب كل انواع المشاكل الإنسانية ، كما انه ليس لديهم إحساس بالمستقبل ، وينامون ( ١٦ ) ساعة في اليوم ) . ويعتقد ان أكثر المنضَمين لهذه الظاهرة هم ممن تعرضوا لمشاكل في صغرهم ، سواء تنمر او عدم ثقة في النفس للبحث عن حياة جديدة ترتكز على الخضوع .


وبعد زيادة الأعداد بهذا الشكل الكبير ، أصبح وجودهم أمراً واقعاً . مما شجع على إفتتاح متاجر عملاقة لبيع أقفاص ، ورؤوس كلاب صناعية مزودة بأجهزة لتحريك الأُذنين ، وأخرى لتحريك الذنب ، ومستلزمات خاصة بهم ، ووجود مدربين لهم ، يوفرون لهم العيش كالكلاب . ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل وصل الى تنظيم مسابقات للنباح ، كما سيتم تنظيم مسابقة اوروبية على مستوى القارة ، تحت إسم ( مستر أوروبا ) لأفضل كلب بشري . كما انهم يأكلون أكل الكلاب ، ويشربون كما تشرب الكلاب ، ويتم وضع السلاسل في رقابهم ، ويجرّهم أصحابهم كما الكلاب ، حتى انهم يجرِّبوا الحياة الجنسية كما الكلاب ، ويقومون بتأدية دور الكلب في مأكلهم ، ومنامهم ، ويتوجهون ليقبع الواحد منهم في قفصه . ويمشون على أربع ، ويلبسون أقنعة ، وألبسة تُظهرهم كما الكلاب . كما انهم خرجوا في مظاهرات في عددٍ من دول الغرب ، وهم يحملون يافطات يُطالبون فيها بالإعتراف بأنهم كِلاب وليسوا آدميين . والغريب ان غالبية هؤلاء هم من المتعلمين فمنهم الأطباء ، والمهندسين ، وعلماء في علومٍ مختلفة متقدمة ، كما ان الكثير منهم من عائلات ثرية .

ويعتقد البعض ان هذا الإنتشار السريع لهذه الظاهرة قد يُصبح الأمر إعتيادياً في المستقبل القريب . ويحاول هؤلاء الرجال في هذه الظاهرة ان يعيشوا حياتين بنفس الوقت ، ما بين حياتهم الطبيعية ، وحياتهم بعد العودة من عملهم بطريقة كلب ، ليتلذذوا بما يشعرون به من ذُلّ خلال ممارستهم تلك الظاهرة الغريبة والشاذة .

فسّر علماء النفس في جامعة لندن ان هؤلاء الأفراد مُصابون ب ( إضطراب الشخصية الإجتنابي ) . ومن أعراضه : القلق ، والكبح الإجتماعي ، والشعور بالعجز والدونية ، والحساسية الشديدة ضد آراء سلبية للآخرين ، والإنطوائية ، والوحدة ، كما يشعرون بانهم غير مرحبٍ بهم من الآخرين .

أرى ان هذه الظاهرة تمثل إنتكاسة للغرب ، تضاف الى إنتكاساتهم الأخلاقية الكثيرة والغريبة مثل الشذوذ بكافة انواعه وأشكاله غير الآدمية . حيث يبدو ان الغرب كلما تقدم تكنولوجيًا إنحط أخلاقياً وإنسانياً . ما هذا السقوط الذي وصلت اليه تلك المجتمعات من شذوذ ، وفواحش وإنحرافات يكاد لا يصدقها العقل السوي !؟

كثير من علامات الإستفهام والتساؤلات تدور حول ظهور هذه الظاهرة . كما ان إنتشارها المتسارع ، يشي بوجود جهة ما ، هي السبب وراء ظهورها ورعايتها وتبنّيها .

لا أدري كيف لإنسان ان ينحط ويتخلى عن آدميته ليتحول الى حياة دون البوهيمية ، بعد ان كَرّمه الله بآدميته !؟ لا ادري لماذا يمتهنون آدميتهم الى هذا الحد الوضيع !؟

قد أسمح لنفسي ، ومن منطلق قناعتي بحرية الآخرين ليفعلوا ما يريدون . لكن المشكلة تكمن في إعتبار الكثيرين منّا في الشرق ان الغرب قدوة في السلوك كما في تطورهم الصناعي . لذلك فان سلوكياتهم المنحرفة الساقطة تجد صدى مذهلاً لدى مجتمعاتنا التي تقلِّد كما الببغاء .

أكرر : لا أدري لماذا يمتهنون آدميتهم الى هذا الحد الوضيع !؟ ربما ان السبب يتمثل في البطر ، والثراء ، والإنفلات بدون قيود وبدون ضوابط في الحياة . حيث ان تجريب كل شيء ، يؤدي الى الملل . عندها يذهبون الى تجريب غير المُجرَّب بحثاً عن متعة تجريب كل غريب شاذ . لكن لا بد من قول : ما أكثر الكلاب الآدمية عديمة الوفاء ، في مجتمعاتنا العربية .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه