إختلالات الضمان .. هل الضمان .. بأمان ؟

Husam10 مايو 2023آخر تحديث :
إختلالات الضمان .. هل الضمان .. بأمان ؟

 

عوض ضيف الله الملاحمه

 

هلكَتنا ، وأرعَبتنا ، مؤسسة الضمان الإجتماعي ، وهي تُكرِّر إجراء الدراسات الإكتوارية خلال العقود الأربعة الماضية ، وتُرعبنا على مستقبل قوت الغلابة من الأردنيين ، وتُهددنا بإفلاس الضمان اذا لم تُتخذ قرارات جراحية مؤلمة ، يتضور على أثرها الفقراء جوعاً ، وعوزاً فوق عوزهم الذي هم فيه ، الذين يَتكِلون بعد رب العباد على معاشاتهم التي لا تكفي لحياة كريمة او مستورة بِحدِّها الأدني . فَصمَتَ المواطن على ضيم قرارات سَلبت حقوقاً ضمنها قانون الضمان الإجتماعي وتعديلاته ، ومنها :—

١ )) الزيادة السنوية التي تم خفضها ( بإستخفاف ) الى ( ٧٠ ) قرشاً في العام الماضي ، وفاض الكرم الحاتمي علينا هذا العام لتصبح ( ٤,٧٠ ) أربعة دنانير وسبعين قرشاً — وكأن المتقاعد يتسول — بينما كانت قد وصلت الزيادة في حدها الأعلى في سنوات ماضية الى ( ٢٠ ) عشرين ديناراً ، ولا نعرف ما الذي قلّصها وحجّمها !؟ ولماذا ( كشّت ) لهذا الحد مع ان ( خامة ) القانون تتميز بالجودة والمحافظة على حقوق المتقاعدين المكتسبة وفق القانون !؟ حيث نص القانون على ربط الزيادة السنوية بنسبة التضخم . وأتابع مثل غيري ، نسبة التضخم التي يُعلنها البنك المركزي بداية كل عام ، حيث كانت في معظم السنوات الماضية تقل قليلاً عن ال ( ٤ ٪؜ ) ، وعندما يقترب موعد إقرار زيادة المتقاعدين يتم الإعلان عن نسبة متدنية للتضخم تزيد قليلاً عن ( ٢٪؜ ) ، بطريقة ( خبيثة ) تستخف بعقول المواطنين . مما يعكس ويؤكد عدم إحترام أصحاب القرار لأنفسهم ، وإستخفافهم بالمواطنين . فتصدر قرارات وضيعة بعدم إستحقاق إقرار زيادة على رواتب المتقاعدين لعدة سنوات ، او التكرم عليهم بزيادة قدرها ( ٧٠ ) قرشاً .

٢ )) يضاف الى ذلك المماطلة المُعيبة وغير المبررة لإقرار قانون التأمين الصحي ، الذي ينتظره كل متقاعد على أحرّ من الجمر ، لأن غالبيتهم لا يتوافر لهم أي تأمين صحي ، فتأتي كُلف المعالجة والأدوية لِتُجهز على رواتبهم الضعيفة أصلاً .

٣ )) هذا عدا عن الإستثمار في العديد من المشاريع الفاشلة التي تفرضها عليهم الحكومات الفاشلة ، ويوافق عليها ( الإمعات ) . وهذا يذكرني ببيتٍ من الشِعر يقول :-إذا كان الغُراب دليل قومٍ / سَيهدِيهِم الى دار الخرابِ .

٤ )) كما يوافق الإمعات ، ويخضعوا لقرارات حكومات فاشلة بالسطو على مدخرات الضمان حتى زاد ما سلبوه عن ( ٨ ) مليارات دينار !؟

والأدهى ، ما أفصح عنه مدير عام الضمان الإجتماعي الدكتور / محمد صالح الطراونة ، في مؤتمره الصحفي الأخير ، حيث تبين أن إدارات الضمان المتعاقبة هي التي تُضيّع مدخرات الغلابة الأردنيين ، وتُنهك موازنات الضمان بتعيينات زائفة لا حاجة للضمان لأغلبها ، لإرضاء المتنفذين ، وكبار المسؤولين . كيف لعقلٍ سويّ ان يُصدّق ان كادر الضمان يضم حوالي ( ١,٦٠٠ ) موظف منهم ( ٨٠٠ ) مديراً ورئيس قسم !!؟؟ هل هذا الأمر سويٌ إدارياً !؟ وكم الكلفة المترتبة على تعيين هذا العدد الهائل من المدراء سنوياً !؟

للتحديد ، والإلتزام بما أفصح عنه مدير عام الضمان الإجتماعي في مؤتمره الصحفي ، سوف أُوجز لكم ليس أهم ، بل أخطر ما تفضل به وأعلنه :— [[ للأسف ان الهيكل التنظيمي للمؤسسة العامة للضمان الإجتماعي يعاني من تشوّه كبير من حيث الرُتب الإشرافية . حيث ان العدد الإجمالي لكادر المؤسسة ( ١٦٠٩ ) موظفاً . منهم ( ٨٦٥ ) موظفاً عادياً — أي لا يحملون مسمى وظيفي إشرافي . و ( ٨٣٨ ) موظفاً يحملون مسمى إشرافي وظيفي منهم : ( ٥١٥ ) موظف برتبة رئيس قسم ، و ( ٢٤٥ ) برتبة مدير مديرية ، و ( ٧٨ ) برتبة مدير إدارة . وعليه يمكن إعتبار نصف كادر المؤسسة يحمل رتبة إشرافية ، بين رئيس قسم ، ومدير مديرية ، ومدير إدارة — نصفهم شيوخ — ، لا تتخيلون حجم القيود التي تُفرض على المدير العام في تحريك كادر المؤسسة ، لأنه إذا وددت ان تنقل موظفاً من مكان لآخر ، يتوجب عليك ان تجد له مكاناً كمدير مديرية مثلاً ، وهذه تشكل قيوداً رهيبة ، ومصيبة المصائب ، عندما تود نقل موظف يأتي ( ١٠ ) نواب للتوسط . وختم بقوله : انه تم تشكيل لجنة لدراسة الهيكل التنظيمي للمؤسسة ، وإن شاء الله سنحاول ان نُصلح من هذا الوضع في المستقبل ]] . إنتهى الإقتباس الحرفي .

أنا شخصياً ، أعتبر ان مجرد إعلان المدير العام عن هذه الإختلالات الخطيرة ، هي جرأة غير معهودة لدى كبار المسؤولين الأردنيين ، كما ان مُجرد إعلانه هذا يعتبر رفضاً من قِبله لهذه الإختلالات ، وتهيئة لعدم سكوته عليها ، لا بل يتبدى انه سيعمل المستحيل لتصويب هذه الإختلالات ، والدليل تشكيله لجنة خاصة لدراسة الهيكل التنظيمي للمؤسسة محاولة لإصلاح هذه الإختلالات .

وهنا أوجه رسالتي هذه الى المدير العام الحالي للضمان الإجتماعي ، وأقول له :— من البديهي انك لا تتحمل وِزرَ ومسؤولية تلك الإختلالات الإدارية وغيرها ، لأنك ورثتها مُكرهاً من الإدارات السابقة . لكنك اذا لم تصوبها بعد ان حددتها بحصافتك وخبراتك المشهود بها عالمياً ، فإنك تشاركهم المسؤولية ، لا بل تتحمل مسؤولية أكبر ، لأنك عرفت الخلل ولم تصوبه . لأن المدراء السابقين إما انهم شاركوا في إقتراف هذا الخلل ، او أنهم لم يكتشفوه لأي سببٍ كان ، او أنهم إكتشفوه ولم يجرأوا على تصويبه .

الضمان ، يبدو أنه ليس بأمان مُطلقاً . وهو يتأرجح ، ويترنح ، بين مدراء خانعون ، ينقادون بضعف وذِلة لقرارات حكومية فاشلة ، او ان الأولوية لديهم منافعهم الذاتية ، فيحافظوا على مكتسباتهم الشخصية ، لِيُتخِموا حساباتهم بها من الرواتب والمزايا الخيالية ، وما تقتنصه أيادي البعض منهم من حرام ، او انهم ليسوا بمستوى هكذا مواقع ليشغلونها من ناحيتي الكفاءة والقدرات الشخصية .

آمل ، كما غيري من الأردنيين ، ان يكون المدير العام الحالي للضمان الإجتماعي بمستوى ما هو مأمول منه . وأن يوظِّف خبراته المشهود بها عالمياً ، وقدراته العلمية ، ومزاياه الشخصية ، وما عُرِف عنه من مواقف تعكس شخصية نبيلة ، شريفة ، نزيهه ، جريئة ، ان يوظفها بكل أمانة وإخلاص لما فيه مصلحة مؤسسة الضمان الإجتماعي ومتقاعديها .

أعلمُ أنك ستتعرض لحربٍ شعواء قبل وبعد ان تصل اللجنة لتوصياتها . وأعلم أنك ستدفع ثمناً باهظاً لجرأتك وإستقامتك . كما عليك ان تعلم ان الضغوط ستطال أعضاء اللجنة لحرفها عن أهدافها . متمنياً ان لا تتم الإستجابة للضغوط من قبلك ومن قبل اللجنة ، في مهمتكم الوطنية النبيلة . وأختم وأقول : دكتور محمد ، يُحسب لك الجرأة في الإفصاح ، لكنك وطنياً ، وشعبياً ، أنت مُطالب بالتصحيح والتصويب ، أعانك ربي على ثِقل مهمتك .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه