الــعــيــد وحــلـــوى رمــضـــــــــان

Husam16 أبريل 2023آخر تحديث :
الــعــيــد وحــلـــوى رمــضـــــــــان

 

احمد أبو دلو

قال تعالى ” قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وأخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين” صدق الله العظيم

يــا عـــيد عـفواً فقد ناءت كواهلنا
بالعيش عسراً وكان الضيق يغرينا
حــلت بنا المحن الدهماء ما تركت
فرداً مــن الناس إلا صار محزوناً
عــم الكساد وعــم القحط واحتسبت
خــيــراتـنــا وبــدأ الإفلاس يرديــنا

فالعيد ، أسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد وعائد ، أما بعود ألسنه أو بعود الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك فالعيد يجمع أموراً ومنها يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة وقد يكون لفظ العيد أسماً لمجموع اليوم والعمل فيه ، وهو الغالب كقول النبي عليه الصلاة والسلام ” دعمّها يا أبا بكر – فإن لكل قوم عيد ، وإن هذا عيدنا ” .
ولهذا يكون العيد أسم جنس وتعليل التسمية لأن كل أنسان يعود فيه إلى قدر منزلته ، فهذا يضيف وذاك يضاف ، وهذا يرحم وذاك يرحم وذاك يرحم وقيل كثرة عوائد الله تعالى فيه على عباده ومنها غفران الذنوب .
فالعيد أي كان ما هو إلا لحظات تأتي و تذهب سريعاً ، ولا يبقى فيها إلا ذكرياتها فهي لحظات تختلف ليكون الناس أشد صفاء وأطمئناناً ولتكون المودة والصفاء الروحاني هو عنوانهما ولتمتزج تلك الأيدي في عناق طويل ليتيه لم ينقطع بنهاية الشهر الكريم ، وخلالهما لا يكون مكاناً للحقد ولا ضغائن تعكر هذا الصفاء الإلهي وهنا تكثر أحاديث الناس وأمنياتهم يكون السعيدة وتزداد قلوبهم محبة ونقاء .
ومهما كان الاحتفال في العيد فهو مناسبة الهدايا والرقص والضحك واللعب والصخب والأنوار ، فالعيد هو نسيج وحدة خلال أيام الحياة كلها ويصبح يشكل مناسبة للقاء الناس ومقاسمة الأفراح .

وبهذا المعنى يحمل البهجة والسرور ، لذا فإن الناس ينتظرون حلول الأعياد من أجل أن يغيروا حياتهم وإيقاعها وأن يفعلوا أشياء كثيرة لا تحدث إلا في هذه المناسبات السعيدة .
وتبدأ تباشر الاحتفالات بفترة سابقة لهذه الأيام ، فنرى الناس يخرجون إلى الأسواق لشراء ما يناسب هذه الاحتفالات لأن الأعياد مرتبطة في أغلب الأحيان بالتغيير والتجديد .
وإذا ما انتهى الشهر الفضيل استعد الناس لاستقبال العيد بقلوب فرحة شاكرة ونفوس مستبشرة لأن العيد من أيام السعادة نصلي فيع شكر لله سبحانه وتعالى على ما حباها من توفيق وتأييد ونتمتع فيع بالحرية بعد صيام وجهاد كما قال الرسوم الكريم ” للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ” نراهم قد استقبلوه بما لذّ من طعام وشراب وتفننوا في إعداد موائده الزاخرة بأنواع الكعك والغريبة والبسكويت إلى جانب المكسرات والحلوى .

العرب والحلوى : أمتنا العربية شغفت بالحلواء منذ القدم ، وكان الرسول الكريم يحب الحلواء والعسل وسأله أبن عباس – أي الشراب أفضل ؟ فقال الحلوى البارد أي العسل ، ويقول الطبيب بخيتشوع عن فائدتها – الحلواء كلها حقها أن تؤكل بعد الطعام لأن للمعدة ثوراناً عقب الامتلاء كثوران الفقاع فإذا صادف الحلاوة سكنت ، وكذلك فهناك في المعدة زاوية لا يسدها إلا الحلاوة على أصله والأكل إذا اشتهى الحلاوة ثم فقدها وجد حواسه ناقصة .
وأعتاد الناس على مرّ العصور أكل الحلواء بعد تناول الطعام لفائدتها للجسم وأخذت أهمية كبرى في رمضان لسّد حاجة الجسم من السعرات الحرارية المفقودة خلال الصيام .
وكان الخليفة العباسي يوزع الحلوى على الفقراء والمحتاجين صباح يوم العيد ، والفاطميين كانوا يقيمون أسماطاً من الحلوى على الفقراء والمحتاجين صباح يوم العيد .
ومع أن الكعك والحلوى تؤكل في كل زمان ومكان إلا أن ثلاثة منهم يكثر صنعها وأكلها في شهر رمضان لدى الإفطار خاصة وهي الكنافة والقطا يف والزلابية وكذلك فالكعك والغريبة والفطائر وغيرها عادة قديمة موروثة عند الفاطميين ثم تناولها المماليك والأتراك بالتجديد والتحسين والإتقان وتفننوا في إعداد وتنويع مذاقها ، وتصنع من الدقيق والسكر والمسلي والحشو(( العجمية )) والمكسرات وهي لذيذة الطعم حلوة المذاق يشتهيها الجميع ، ويتمناها الفقير والمحروم والميسور على السواء . وبمرور الأيام أصبح كعك العيد عادة تتوارثها الأجيال ويتفننون في العناية بصناعته بما ينقشون عليه من رسومات جميلة بمناقيش تتحفظ بها الأسرة .
ويحتوي الكعك وغيره من الفطائر على نسب عالية من الكربوهيدرات التي إذا زادت كمياتها تخمرت في المعدة وأفسدت الامتصاص وولدت الغازات فالمغص ، وكذلك تحتوي على نسب مماثلة من الدهنيات وهي كما تعلم تُربك الهضم وتعوقه فضلاً عما يولدانه من طاقات حرارية تؤذي الجسم عند الإكثار من أكلها وخاصة في أيام الصيف القائظة .
وتشير الكتب أن المماليك هم أول من أدخلوا صناعة الكنافة والقطا يف إلى مصر للترفيه عن الصائمين والمحرومين وهي من الحلوى التقليدية التي قلما تخلو منها موائد الصائمين في رمضان ومدحها الشاعر بقوله :
سقى الله أكتاف الكنافة بالقطر
وجاء عليها سكراً دائم بالقطر
ويقال أن الكنافة صنعت خصيصاً لسليمان بن عبد الملك وكان ذلك في أول المائة الثانية من الهجرة ، وقد صنعها الشوام في حلب كما قيل أنها عملت لمعاوية ين أب سفيان وكلاهما كان يتحسر منها ، ولجلال الدين السيوطي رسالة طريفة عنوانها ” منهل اللطايف في الكنــــافة والقطا يف ”

الحلوى والشعراء :الشعراء والأدباء دون غيرهم تأثروا بحب الحلوى في رمضان كونهم لسان حال الشعب وخاصة عندما كانت ترتفع أسعار المواد المصنعة للحلوى والحق أن المصريين من قديم الزمان معرفون بالإسراف في صنع الأطعمة على اختلاف أنواعها وكان الخلفاء في العهد الفاطمي والسلاطين في العهود الأخرى قدوة في ذلك والناس على دين ملوكهم .
ويدلنا على حب المصريين للحلوى واحتفالهم بصنعها وأكلها أنه في سنة 917هـ ارتفعت أثمان الحلوى في رمضان فضاق الناس بذلك ذرعاً فرفعوا شكوى إلى المحتسب ضمنوها أسماء الحلوى التي غلت أثمانها ، وشاءوا أن تكون الشكوى بالشعر لا بالنثر ليكون وقعها أقوى وأشد :

لقد جاد بالبركات فضــــل زمــــاننــا بــأنواع حـــلوى نثـــر يتضوع
حــكتـهـا شفــّاه الغانيـــــات حــــلاوة ألم تراني من طــعمها لست أشبع
فــلا عيــب فـيهــا غـير أن محبهـــــا يبــدد فيهــا مـــالــه ويــــضيــــع
فكم ست حُســـن مــع أصابــع زينب بها كل ما تهــوى النفوس مضيع
وكم كعكــــــة تحكي أســاور فضــــة وكم عقدة حـــلت بها البسط أجمع
وكم قد حلا في مصر مــن قـاهــريــة كذلك ” المشبك ” وصلة لين يقطع
وفي ثوبة المنقوش جــــــاء برونـــق فيـــا حـــــــبذا أنواره حين تسطع
وقد صرت في وصف القطائف هائماً تــرانـي لأبواب الكنــــــافة أقـرع
فيــــــا قــاضــيـــاً محتسـبـاً عــســــى تــــرخص لنا الحلوى نطيب ورتع

ومن العقائد الموروثة أن للحلوى أثراً محموداً في رد قوة الصائم إليه ، والتجارب أكدت ذلك ويقول وهبة بن مبنه : إذا صام الرجل زاغ بصره فإذا أفطر على الحلوى رجع إليه بصره .
ومن الناحية الطبية يقول الأطباء إذا شعر الصائم قرب العصر بشيء من الفتور فيجب ألا يهتم لأن هذا ناتج عن نقص السكر في الدم بسبب الصوم ، وهنا تظهر الحكمة المحمدية في بدء الإفطار على التمر أو على شئ من الحلو وينصح أن يكون دافئاً وليس مثلجاً وعلى الصائم أن يكثر من أكل الحلوى وهذا يفيد العيون عموماً والعيون المريضة على وجه خاص .
وكذلك هناك الخشكنان نوع من الحلوى مصنوع من الرقاق على شكل حلقة مجوفة يملأ وسطها باللوز أو الفستق ، ويعرف في مصر بالخشتنان والبقندود وأصله بالفارسية بشقنده طعام فارسي مصنوع من الدقيق والبلح ولم يرد فيه شئ من الناحية الشرعية ، والطب يقول أن الصوم يجفف الرطوبات غالباً ويعصم فإذا خرجوا من الصوم أفطروا على الكعك الذي يزيدهم جفافاً وإمساكا فيتضرر البدن بذلك وقد يحتاجون إلى الأدوية والأشربة والأطباء والعجيب أن أسلافاً منذ سنين ماضيه عرفوا هذا الكعك الذي نصنعه اليوم وتكلفوا فيه الكثير وزادوا على ذلك أنهم كانوا يبخونه بماء الورد .
والشرع يذكر أنه شئ خارج من معدنه فلا غرابة فيه فبين لنا أن صنعه على الصنعة التي ذكرها قد يصل به إلى درجة الحرمه ولا سيما أنه اصبح عادة يتكلف لها الناس فوق طاقتهم والله لا يحب المتكلمين .
والشيء الذي نستغربهُ الرأي الطبي في الكعك فتبين أنه ضار بالبدن ولا يلائم أكله أناساً خارجين مباشرة من الصيام والحق أن كعك العيد وكذلك الغريبة وهي أشد منه فتكاً بالأجسام وإتلافاً للمال مما عمت به البلوى وبارت مثاراً للشكوى ويحتم علينا التخلص من هذا التقليد الضّار صحياً ومادياً .
ومــن الغريب أن المسحراتي المصري القديم نبه إلى ضرر هذا الكعك فقال ينصح في تسحيره :
جوعوا تصحوا حديث عن سيد السادات
لـــــه الــعــيــان بينـــه والتجربة إثبات
أن كنـت تسمع نصيحتي والنصيحة تفيد
قــلل مــن الأكــل مــا أمكن بدون ترديد
وأككــــــك الكعك بعد الصوم نهار العيد
يـــجيـــب عــيبـــــاً للكبد وتخسر المعدة
وكــل مــا يـزيـد دســم يكبر ضرر ويزيد

وكذلك شكا الشعراء في العهود القديمة والحديثة من هذا الكعك وما يلقي عليهم من تكاليف تنوء بها كواهلهم ويقول الشاعر :

ليت شعري مالي وكعك العــيد أن هذا من الخيال البعــــيــد
أن ظــفرتم بالخبز غير مشوب فــــاجعـــــلوه تحية التعبيد
فـــهو يــــغنــي الــغــداة عن كل كعـــك وهو بقلاوة الزمان

ومن حلويات رمضان ” قمر الدين ” وأصل أسمه ” أمر الدين ” نسبة إلى بلدته باتهشام وقد اشتهرت بتحضيره من ثمار المشمش ثم تحور الاسم بعد ذلك على ألسنة الناس حتى صار كما ننطقه اليوم ” قمر الدين ” ويعد من أحب الحلوى في رمضان سواء كان مطبوخاً أو مشروباً وقد ثبت من البحث العلمي أنه غني بالحديد والأحماض العضوية والأملاح المعدنية ويحتوي على نسب كبيرة من فيتامينات أ + ب + ج وعلى كميات لا بأس بها من البر وتينات الكربوهيدرات اللازمة للجسم .
وإضافة السكر إليه سواء عند طبخه أو نقعه يزيد من قيمته الغذائية ويجعله من ألطف أنواع الحلوى وألذّ المشروبات المرطبة والمغذية الملائمة لشهر رمضان .
وكذلك هنالك الياميش الذي يعتبر من المواد المسّلية لنا في رمضان خلال السهر وبتنا على تناول أكل النقل والمكسرات وهي الجوز ، اللوز ، البندق ، الفستق ، وجوز الهند ، وأبو فروة والخروب والفول السوداني بقصد التسلية وانتقلت هذه العادة إلينا منذ العهد الفاطمي حتى أصبحت هذه المكسرات لا تدخل بيوتنا ولا تروج تجارتها إلا في رمضان ، وتمتاز هذه المسليات بكثرة ما تحويه من مواد دهنية وزلالية ذات قيمة حيوية عالية فضلاً عما تمتاز به من طعم شهي لذيذ ، وتحتوي على مقدار كبير من المواد النشوية والفيتامينات وغنية بأملاح الفسفور والكاليسوم والحديد والمنجنيز ومن هذا يتضح لنا أنه من الخطأ أن تعتبر من المسليات ويجدر بنا أن نتناولها مع الوجبات لا بينها حتى نستفيد بها ولا تربك معدتنا .

المشروبات والمرطبات : ومن المشروبات والمرطبات التي اعتدنا عليها في أيام رمضان مثل الخشاف والمشمشية فعند انطلاق مدفع رمضان يستحسن تناول هذه المواد لما فيها من الصحة والعافية ولأن المرطبات أو ماء الخشاف المحلي بالسكر تمتصها الأمعاء في نحو خمس دقائق فيرتوي الجسم الذي لوعه العطش وخاصة في أيام الحر الشديد وتزول عن أعراض نقص السكر والماء أثناء فترة الصيام .
ولهذا يبقى أثر تغذيتها في الجسم فترة طويلة إذا تناولها الإنسان أثناء السحور لأنها تحول دون الشعور بالظمأ والجوع والتعب وقت الصيام وتفننوا أيضاً في أعداد ألوان الأطعمة وأطيب المأكولات والمشروبات المغذية اللطيفة فيجد منها الظامئون والمحرومون عند الإفطار ما يشبع جوعهم وينسيهم آلام الحرمان وعلى ابتكار أنواع أخرى من الحلوى الرمضانية وجميعها تمتاز بقيمتها الغذائية العالية فضلاً عن لطافة طعمها الشهي اللذيذ والسّر في اعتبارها منن الأغذية المفيدة يرجع إلى ما تحتويه على عناصر التغذية الأساسية .
فالخشاف مثلاً والمشمشية من المرطبات التي ثبت أنها تتجمع فيها خواص مرطبة عظيمة الفائدة لما تحويانه من مواد سكرية وفواكه جافة والمكسرات المغرية وكلها تحتوي على نسب عالية من الأحماض العضوية والأملاح القلوية التي تضيف عليها خواص مرطبة ومنقية للدم .
وكذلك هناك مشروب الخروب قابض للمعدة والسوس يطفئ العطش والتمر الهندي يعدل المزاج فالخروب قابض للمعدة ويساعد على تخفيف عسر الهضم فمثل هذه المشروبات لها تأثير جيد على المعدة ومفيداً جداً في هذا الشهر خاصة ونحن نعرف أن المعدة بيت الداء وأن الكثير من الناس لا يرحمون معدتهم وينصح عدم الإكثار من شراب العرق سوس خاصة للمصابون بالضغط .

وفي نهاية أيام رمضان يحبذ تناول سمك البكالاّة لفائدته وغنائه بالمواد الضرورية للجسم وقديماً اعتاد الناس على أطباق السمك وطواجنه التي جرى العرف على تقديمها في أيام عيد الفطر لأنها من أسهل المأكولات على المعدة هضماً والسمك المقدم فيها إما أن يكون جافاً كالبكالاّة الذي يستورد من بحر البلطيق أو طازج كالبلطي والبوري والقراميط .
ومنذ زمن أقبل المسلمون على تناول الأسماك في عيد الفطر لأنها أكثر فائدة للجسم بعد الصيام وتوصف غذاء للمصابين بعسر الهضم أو للناقهين وتشير الدراسات أن الأسماك بأنواعها تمدنا بنوع من البر وتينات الضروري لبناء الخلايا وفيتامينات أ + ب + د وكلها لها أهميتها من الناحية الصحية وتمدنا بعناصر معدنية (( الحديد والنحاس )) وهما مفيدين لتكوين الدم وكرياته الحمراء وكذلك عنائها باليود الواقي من أمراض الغدة الدرقية .
وأخيراً فالسمك يفيد في إمكانية تخفيض حدوث النوبات الدماغيه والقلبية ، ويقلل من الإصابة بالسرطان ويفيد في التهاب المفاصل ، وصداع الشقيقة النصفي وبالتالي السمك غذاء الدماغ ويزيد من تمتع الإنسان باليقظة الذهبية .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه