الدولار الأمريكي يفقد هيمنته شيئا فشيئا

المستشار الاقتصادي الدكتور محمد عبدالستار جرادات

هيمن الدولار الأمريكي على التجارة العالمية وتدفقات رأس المال على مدى عقود عديدة. فبعد الحرب العالمية الأولى، في عشرينيات القرن التاسع عشر،بدأ الدولار في إزاحة الجنيه الإسترليني كعملة احتياطية دولية، وأصبحت الولايات المتحدة متلقيا مهما لتدفقات الذهب في زمن الحرب.ثم اكتسب الدولار دورا أكبر في عام 1944، عندما وقعت 44 دولة على اتفاقية بريتون وودز، مما أدى إلى إنشاء نظام تبادل عملات دولي جماعي مرتبط بالدولار الأمريكي والذي كان بدوره مرتبطا بسعر الذهب. وبحلول أواخر الستينيات، أصبحت الصادرات الأوروبية واليابانية أكثر قدرة على المنافسة مع الصادرات الأمريكية،وكان هناك معروض كبير من الدولارحول العالم، مما جعل من الصعب دعم الدولار بالذهب.

توقف الرئيس نيكسون عن التحويل المباشر من الدولار الأمريكي إلى الذهب في عام 1971. وقد أنهى هذا المعيار الذهبي والحد الأقصى لكمية العملة التي يمكن طباعتها، على الرغم من بقاء الدولار العملة الاحتياطية الدولية، إلا أنه يفقد قوته الشرائية بشكل متزايد منذ ذلك الحين. ففي عام 1981، بعد سنوات من التضخم المفرط، خسر الدولار ثلثي قيمته الشرائية. وفي الأعوام 2002-2004، خسر الدولار أكثر من 30% من قيمته.

اليوم، ومع فرض الولايات المتحدة ودول غربية أخرى عقوبات اقتصادية على روسيا ردا على غزوها لأوكرانيا، تعاونت موسكو والحكومة الصينية لتقليل الاعتماد على الدولار وإقامة تعاون بين أنظمتهما المالية.إذ زادت تجارة الروبل واليوان ثمانين ضعفا. ناهيك عن اتفاقية “البترويوان” التي عقدت في آخر قمة للدولتين في موسكو. كما تعمل روسيا وإيران معا لإطلاق عملة مشفرة مدعومة بالذهب، وفقا لوكالة الأنباء الروسية Vedmosti. علاوة على ذلك، اشترت البنوك المركزية (خاصة الروسية والصينية) الذهب بأسرع وتيرة منذ عام 1967 مع تحرك البلدان لتنويع احتياطياتها بعيدا عن الدولار.

في الأشهر الأخيرة، ناقشت البرازيل والأرجنتين إنشاء عملة مشتركة لأكبر اقتصادين في أمريكا الجنوبية.كما عقدمؤتمر في سنغافورة في يناير،تحدث العديد فيه من المسؤولين السابقين في جنوب شرق آسيا عن جهود إزالة الدولرة الجارية.

أما الآن فتجري الإمارات والهند محادثات لاستخدام الروبية في تداول السلع غير النفطية في تحول جذري بعيد عن الدولار، وفقا لرويترز. وقالت المملكة العربية السعودية، لأول مرة منذ 48 عاما، إن الدول الغنية بالنفط أصبحت منفتحة على التداول بعملات غير الدولار.

حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.