احتفال العالم الاسلامي بشهر رمضان ..؟

Husam22 مارس 2023آخر تحديث :
احتفال العالم الاسلامي بشهر رمضان ..؟

احمد ابودلو –الاردن

الواقع ان الصيام كان مشروعا لدى الاقوام القديمة مثل الصائبة والمجوسية ومعروفا عند قدماء المصريين وعند الوثنيين والمشركين وان كان صيامهم قائما على تعذيب النفس وأماتة حظوظ الجسد لتوهمهم ان ارضاء آلهتم التزلف اليها لا يتم الا بذلك ، وقد انتشر عنهم هذا الاعتقاد الى الرومانيين واليونانيين ولا يزال وثنيو الهند يصومونه الى الان بنفس طريقتهم خذ صيام غاندي مثلا .
وهذا يؤكد ان الصيام كان شريعة كل دين وانه فرض على المسلمين كما فرض على الذين من قبلهم وهم اهل الكتاب والملل السابقة منذ آدم حتى محمد لانه من اقوى العبادات . وكان الله سبحانه وتعالى كلما اراد من نبي او من صاحب قدر كبير لديه ان يأمره بالصيام توطئة لظهور هذا الحدث العظيم ( شهر رمضان ) فقد وصى الله زكريا عليه السلام بأن ينذر الصيام ثلاثة ايام قبل ان يولد له ابنه يحي ، وكان زكريا عجوزا وأمرته عاقرا كأمراة سيدنا ابراهيم عليه السلام .
وهناك صيام الانبياء والرسل مثل ( نوح) عليه السلام وصوم مريم ابنة عمران ، وثبت ان صيام رمضان كان مفروضا على بني اسرائيل وان نبيهم موسى كان يصوم ثلاثين يوما من كل عام ، غير ان اليهود تركوا صيام رمضان الى صيام يوم واحد في العام كله ( يوم عاشوراء ) وهو اليوم الذي انجاء اله فيه موسى وبنى اسرائيل من الغرق واهلك فيه فرعون وجنوده ، قال تعالى في سورة الاعراف (142) :
ووعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فت ميقات ربه اربعين ليلة . صدق الله العظيم .
اما النصارى فقد ظلوا يزيدون صيام رمضان حتى فيه خمسين يوما فشق عليهم صيامه في زمن الحر ، ونقلوه الى زمن نزول الشمس برح الحمل . فقد روى الطبراني والنحاس وابن حنظلة رضى الله عنهم ان رمضان كان مفروضا صيامه على النصارى ، وحدث ان احد ملوكهم اصيب بمرض عضال فلما يئسوا من شفائه نذروا صيامهم الى اربعين يوما . واصيب ملك اخر من ملوكهم بمرض مماثل تيجة افراطه في أكل اللحوم ولما عجزوا عن علاجه نذروا لشفائه زيادة صيامهم رمضان الى 47 يوما , ثم تولى عليهم ملك اخر فأمرهم بأكماله خمسين يوما على ان يكون صيامهم في الربيع .
وفي مكه مهوى الافئدة الصالحة المؤمنة ، حيث غار حراء كان محمد رسول الله يصوم رمضان قبل ان ينزل عليه الوحي ، حيث كان يتعبد كل سنة شهرا وهو شهر رمضان وفي عام مبعثه في الاربعين من عمره خرج الى غار حراء للتعبد والخلوة على عادته في رمضان جاءه الوحي بقوله تعالى أقراء بأسم ربك الذي خلق …. فقرأها عليه الصلاة والسلام . وهذا يدل على ان الصيام كا ن مفروضا على الناس قبل البعث ونزول القرأن .. وانه كان شريعة قديمة حيث جاء قوله تعالى … كما كتب على الذين من قبلكم .
وفي المدنية ارض الهجرة ودار الايمان وقبلة الاسلام كتب الصيام على المسلمين وكانت فريضة هذا الشهر الكريم في يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة حيث نزل جبريل عليه السلام مبعوثا من عند الله الى رسةله الكريم بقوله العزيز : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .
وخرج سيد المرسلين الى المسجد وخاطب اصحابه ومبشرا جميع المسلمين بفرضية الصيام عليهم منوها بفضائل ونفحات هذا الشهر بقوله : أتاكم شهر رمضان شهر خير وبركة يغشاكم الله فينزل فيه الرحمة ويحط الخطايا ويسنجيب الدعاء فأروا الله فيه م انفسكم خيرا فان الشقي من حرم فيه رحمةالله عزوجل .

أتى رمضان مزرعة العبدهاد لتطهير القلوب من الفساد
فأد حقوقه قولا وفعلا وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادما يوم الحصاد

ولهذا كان العالم الاسلامي يحتفل بشهر رمضان في صورا متعددة ، ولكن الجميع يتفق على الاحتفال برؤية الهلال واضاءة المأذن وختم القرآن وصلاة التراويح .
واستقبال شهر رمضان الذي عني به المسلمون في سائر الاقطار بالاحتفال به واحاطته بكل صنوف التكريم واحيوه بالعبادة واغدقوا خلاله الخير على الفقراء والحق يقال ان مشرق العالم الاسلامي لم يختلف عن مغربه في كثير من العادات والتقاليد المصاحبة لهذا الشهر ويقول القضاعي عن الاحتفال بقدوم شهر رمضان في مكة وطرسوس بانه من عجائب الدنيا واتنه لا تبقى في هاتين المدينتين زاوية ولا ناحية الا وفيها قارئ او مصل فترتج المساجد لاصوات القراء من كل ناحية ومن عادات اهل الشام في رمضان اذا ختم احد ابنائهم القراءان بحضور القاضي وجماعة من العلماء ان يحتفل بعه في المساجد وتوقد الشموع والاضواء حول المحراب وفي وسط المسجد. وقال الشاعر :
اذا رمضان أتى مقبلا فأقبل بالخير يستقبل
لعلك تخطئه قابلا وتأتي بعذر فلا يقبل

كم ممن امل ان يصوم هذا الشهر فخانه امله فصار قبله الى ظلمة القبر ، وكم من مستقبل يوما لا يستكمله ، ومؤمل غدا لا يدركه ، انكم لو ابصرتم الاجل ومسيرة لابغضتم الامل وغروره حيث يقول شاعرنا:
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب حتى عصى ربه في شهر رمضان
فاحمل على جسد ترجوه النجاة له فسوف تضرم اجساد بنيران
كم كنت تعرف ممن صام في سلف من بين اهل وجيران واخوان
افناهم الموت واستبقاك بعدهم حيا فما اقرب القاصي من الداني
ومعجب بثياب العيد يقطعها فأصبحت في غد اثواب اكفان
حتى متى يعمر الانسان مسكنه يصير مسكنه قبر لانسان

وشهر رمضان كانت تسبقه استعدادات عديدة… فقد كان نظار الاوقاف ومنذ بداية شهر شعبان يشرفون على تجديد الحصر ونظافة المساجد وطلائها ، وزيادة الاضاءة فيها واعداد القناديل لانارة المآذن طوال ليالي رمضان.
ويذكر المؤرخون ان اسواق حلب وحمص وحماة ودمشق كانت تزدحم في رمضان، وكان يعلق على واجهات الحوانيت وعلى جوانبها انواع من الفوانيس المتخذة من الشمع . وكانت الحوانيت تزخر بالشموع الكبيرة والصغيرة، حت بلغت اوزان بعضها قنطارا… كانت هذه الحوانيت تظل مفتوحة طيلة الليل وذلك لكثرة ما يباع من الشموع في تلك الفترات .
ومن الاسواق التي تزدهر ايضا بقدوم شهر رمضان اسواق الياميش والتي كانت بلاد الشام مركزا هاما لها. وكانت توضع امام الحوانيت هي وقمر الدين وكان تقدم للضيوف، وتوزع على الاطفال حين يطوفون على على الدور بفوانيسهم الموقد وينشدون الاناشيد للترحيب بشهر رمضان. وكانت بلاد الشام تصدر الى مصر في شهر شعبان القناطس من الياميش لاستعمالها في شهر رمضان ، ويذكر المؤرخون ان وكالة قوصون عند باب النصر بالقاهرة كانت مقر تجار الشام ينزلون فيها تجارتهم من الزيوت والصابون والفستق والجوز .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه