الآثار في جريدة الشرق العربي : الجريدة الرسمية لحكومة (شرق الأردن)

الخاطرة 54

زيدان كفافي

احتفلت المكتبة الوطنية في المملكة الأردنية الهاشمية تحت رعاية معالي الأستاذة هيفاء النجار يوم الأثنين الموافق 20/ 2/ 2023م بصدور ثلاثة مجلدات توثق الأعداد (212 عدداً) التي صدرت في الفترة بين 28/ 5/ 1923م و 15/ 12/ 1928م من جريدة “الشرق العربي”، الجريدة الرسمية لحكومة شرق الأردن . وبهذه المناسبة دعى الأستاذ الدكتور  نضال ابراهيم العياصرة / مدير المكتبة ثلاثة من العلماء الأردنيين الأفذاذ، وهم: الأستاذ الدكتور على المحافظة، والأستاذ الدكتورة هند أبو الشعر، والأستاذ الدكتور سمير الدروبي للحديث حول فحوى هذا المنجز الهام، وأدار الحفل المؤرخ النشطالدكتور جورج طريف. وكان من حسن الطالع أن أدعى لحضور هذه الفعالية، علماً أنه لا ناقة ولا بعير لي بالإعلام، لكني وددت أن أتعلم من هذه النخبة من الباحثين الأفاضل علّني أدخل باب معرفة جديدة في كتاباتي، وهذا ما كان بالفعل.

صورة تجمع المتحدثين ومسيّر الجلسة

وحيث أنه ليس من هدف هذه الخاطرة تقديم دراسة حول ما تفضل به المتحدثين في دراساتهم حول موضوعات الجريدة، لكن ما لفت انتباهي هو أن هذه الجريدة الرسمية تناولت في أعدادها مجموعة من القوانين والدراسات المتعلقة بالآثار والسياحة الأردنية. ومن نافل القول، أن أشير إلى أنني كباحث في الآثار لم يخطر ببالي على الإطلاق أن أطرق هذا الباب بحثاً عن معلومات أثرية مطلقاً في السابق، لظني، أولاً ، أنها لا تهتم بهذه الموضوعات، وثانياً، اكتفى الباحثون الآثاريون في آثار الأردن بما كان ينشر في المجلات الأجنبية المتخصصة والمؤرخة لتلك الفترة ، مثل، مجلة استكشاف فلسطين (Palestine Exploration Quarterly).

بعد أن عدت للبيت متأبطاً المجلدات الثلاثة، والقرص المدمج (CD)الذي يحوى صورة لمحتويات كل عدد منها، حصلت عليها على سبيل الإهداء من الأستاذ الدكتور نضال العياصرة – الذي يشهد له كل من زار المكتبة الوطنية بأنه نقلها نقلة نوعية، وأسس فيها متحفاً يقدم تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية للزائرين– قررت أن اتنقل بين صفحات المجلدات الثلاث باحثاً عن المواد التي تخص الآثار والعلوم المتعلقة بها، خاصة التاريخ.  وكانت النتيجة على النحو المبين في الجدول أدناه:

يمكن للمدقق في الجدول أعلاه أن يتبين بأن المجلة نصف شهرية، وأن محمد الشريقي هو الذي كان مهتماً بنشر معلومات حول آثار الأردن والتاريخ الحضاري للعالم. وقدم في مقالته “بين الماضي والحاضر” دعوة إلى ضرورة قيام وعي عربي بأمجادنا المجيدة ، وضرورة التعاون والإيثار بين الناس من أجل نهضة عربية قومية.كما تقدم الجريدة معلومات بسيطة حول عمان وتصفها كما يلي” ترتفع عمان عن سطح البحر 2745 قدماً، وتعد أطلالها وآثارها القديمة من أجمل الآثار الموجودة في بلاد شرقي الأردن. وهي تبعد عن محطة السكة الحديدية نحو ثلاثة أميال إلى الغرب وقد كانت عاصمة للعمونيين…”. أما وصف جبل القلعة فيذكر كاتب المقالة  ما يلي “قلعة عمان  هي بناء قائم على قمة جبل  واقع في شمال البلد يمتد إلى الجنوب الغربي فتتألف منه زاوية ، وينفصل في الشمال عن القمة بانحدار قد يكون صناعياً. تحتوي القلعة على ثلاثة أبراج وبابها في الجهة الجنوبية، وحيطانها مشادة من حجارة ضخمة، ويوجد في أعلى أبراجها (البرج الغربي) آثار معبد لا تزال ظاهرة حتى الآن، وفي الحائط الجنوبي يوجد حصن متين، وكل هذه الأبنية يرجع تاريخها إلى عصر الرومان…”.  كما يشمل الوصف جميع المباني على جبل القلعة والأخرى المبنية على ضفاف سيل عمان.لكن يتبين من الوصف أن منطقة المحطة الحالية كانت خارج مدينة عمان. وأن العاصمة عمّان كانت لا تتعدى ضفاف سيل عمان، وجبل القلعة.

وقد اهتمت  إمارة شرق الأردن، وبتوجيه من الملك المؤسس عبد الله الأول، بالمحافظة على الآثار، فقد  نشرت جريدة “الشرق العربي في العدد 16 قانوناً بشأن إدارة الآثار القديمة. إذ تليت مذكرة الوكيل المالي رقم 1941 تاريخ 7 حزيران سنة 1923م ” ومؤداها أن صيانة الآثار القديمة التي تركها لنا الأسلاف شاهداً عادلاً على مدنيتهم وعظمتهم التي ينظر إليها العالم المتمدن بكل الإعجاب تقتضي بتأليف مديرية للآثار …”.

وكما يظهر في الجدول أعلاه، وإضافة للآثار فقد أولت الصحيفة اهتماماً بالمرافق السياحية خاصة الحمامات المعدنية في ماعين والحمة، وأصدرت  الحكمومة في شرقي الأردن قوانين في عام 1926م لتحصيل الرسوم من زوارهما. كما نشرت سلسلة من المقالات التاريخية حول حضارات الأمم الغابرة  عبر سلسلة من المقالات تحت عنوان “ممالك الشرق”.

خاتمة القول، إن إطّلاع الباحثين على ما كانت تنشره الصحف الأردنية يعدُّ أمراً هاماً  للحصول على مزيدٍ من المعلومات من مصدر محلي لمقارنة ما نشر فيها مع ما نشرته المجلات العالمية المتخصصة في مجال الآثار والتاريخ الحضاري.  والشكر للمكتبة الوطنية ممثلة بمديرها ولجنة الجمع والتنسيق والمتابعة المكونة من السيدة نوال رجا العقيل، والسيد طلال سامي مشعل والسيدة سوسن ابراهيم معطي، الذين يسّروا لنا سهولة الحصول على المعلومات الواردة في جريدة “الشرق العربي”.

زيدان كفافي

عمّان في 24/ 2/ 2023م