الخاطرة 52
زيدان كفافي
دلت المكتشفات الأثرية التي عثر عليها حديثاً في منطقة السخنه ودوقرة في حوض نهر الزرقاء بأنها تعود لحوالي 2.4 مليون سنة، وبهذا تعدُّ أقدم الأدوات الصوانية التي عثر عليها خارج قارة إفريقيا حتى الآن. هذا في الأردن، أما في فلسطين، فقد عثر في موقع العبيدية الذي يبعد حوالي 5 كم إلى الجنوب الغربي من بحيرة طبرية على أدوات صوانية تعود لحوالي 1.4 مليون سنة من الحاضر. واستمر الناس بعدها بالتجوال في منطقة جنوبي بلاد الشام، حتى استقروا وأسسوا القرى الزراعية قبل أكثر من عشرةآلاف عام، تطور بعضها، أو تأسست مدن جديدة في منطقة إربد والزرقاء والكرك قبل حوالي خمسة آلاف عام، واستمر الناس يسكنون ضفتي الأردن دون انقطاع حتى الوقت الحالي. بطبيعة الحال يبرز السؤال الآتي: من هم سكان بلاد الشام في هذه المرحلة؟ الجواب: لا نعرف لعدم معرفة الناس بالكتابة وتسجيل أسماء قبائلهم وعائلاتهم وأسمائهم.
إذن، هل نستطيع معرفة جنسهم في الأردن وفلسطين (الأرض المقدسة)، بعد اكتشاف الكتابة؟ الجواب نعم، لكن متى بدأ الناس يكتبون ويسجلون أحوالهم في هذه المنطقة؟ بعجالة ، اكتشفت الكتابة في بلاد الرافدين (المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات، وتشمل الجزيرة السورية ومنطقة أعالي دجلة والفرات بجنوبي تركيا) في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد. واستخدم الناس الخط المسماري الرافدي حتى فترات متأخرة، بالرغم من معرفة الأبجدية الأوغاريتية (نسبة إلى مدينة أوغاريت /رأس شمرة الحالية بالقرب من اللاذقية على ساحل المتوسط) المؤرخة للقرن الرابع عشر.
ما هي المعلومات التي قدمتها هذه الكتابات حول المجموعات البشرية التي سكنت بلاد الشام ككل، والأردن وفلسطين بشكل خاص؟ ذكرت الكتابات أن من عُرِف من سكان فلسطين كانوا من الأموريين، والكنعانيين، والآراميين، والفنيقيين، والعمونيين، والمؤابيين، والإدوميين، وإسرائيليين، كما سكن في هذه المنطقة المصريون، واليونان والروم، وتبعهم من خرج مع جيوش المسلمين. وبعدها، ونتيجة لحروب الفرنجة سكنها مجموعة من بقايا الفرنجة، ولا ننسى الأكراد، والمماليك والأتراك العثمانيين. إذن، لم يسكن هذه البلاد جنس أو عرق بشري واحد، بل كانت على الدوام خليطًا من الأعراق والأقوام. لكن الملاحظ أن جميع الأقوام المذكورة أعلاه تنتسب إلى أرض، عدا الإسرائيليين الذين ينتسبون إلى شخص هو “يعقوب”، ولا أريد أن أسرد القصة التوراتية التي ذكرت كيفية إطلاق هذا الاسم على شخص.
شاءت الأقدار أن تكون المنطقة العربية في شرقي المتوسط (الجزيرة العربية، والعراق، وبلاد الشام) ومصر لها ارتباط وثيق بالنصوص الدينية الواردة بالتوراة والإنجيل والقرآن. وعندما قامت الحركة الصهيونية داعية لإنشاء وطن لليهود في فلسطين، حملوا التوراة بيد والمعول بيد آخر للبحث عن بقايا أجدادهم في هذه البلاد. وحتى يتم العمل حسب أسس صحيحة، برأيهم، اعتمدوا على حوادث توراتية لم يتم العثور على أصول لها حتى الآن لا في الحفريات الأثرية ولا في الكتابات القديمة، وهاتان الروايتان ، هما:
برأيي أن إبراهيم -سلام الله عليه– هو أب لإسحق وإسماعيل، ولنقبل بأن إسحق أبو يعقوب (إسرائيل)، وأن اسماعيل أبوالعرب. إذن، للعرب نصيب بالأرض، وهم من نسل إبراهيم. كما يتبادر لذهني سؤال: من هو الرب الذي منح الأرض لإبراهيم؟ فرب اليهود “يهوه” و”إلوهيم”.
إذن هاتان الروايتان التوراتيان لا تزالان بحاجة لإثباتات مادية، لذا بحث الآثاريون اللاهوتيون في المنطقة الممتدة بين وادي الرافدين ووادي النيل، ولم يعثروا حتى الآن على ما يثبت أو يعزز هذه الروايات. طبعاً الهدف وراء قيام المدارس الأثرية اللاهوتيةبالتنقيب عن الآثار، هو البحث عن دلائل مادية تثبت صحة هاتين الروايتين. إضافة لهذا، فقد قسَّم اللاهوتيون التاريخ اليهودي حسب النص التوراتي، إلى مراحل زمنية عدة، لكن من الملاحظ أنه وخلاله لم يكن لهم مكان ثابت، ولا وطن، وهي:
وحتى يتم نسج القصة التورتية وتحويلها إلى أحداث تاريخية،كان لا بد من الاتكاء على مصادر مكتوبة تدعم آراءهم، لذا كان من الضرورة بمكان اختراع مصطلحات وأسماء تتناسب وأحداث القصة التوراتية، ونبدأها على النحو أدناه.
كانت الخطوة الأولى بهذا الاتجاه هو ضرورة نسبة الإسرائيليين/العبرانيين إلى عرق/جنس محدد، يرتبط في نفس الوقت بالقصة التوراتية، ووجد اللاهوتيون باسم “سام” مصدراً. لكن كيف بدأت هذه التسمية؟ الجواب على النحو الآتي:
بدأ الأمر عام 1787م في قسم التاريخ بجامعة غوتنغن/ ألمانيا الذي كان يرأسه “يوهان غوتفريد شلوتسر Johan Gottfried Schloetzer“، ومن بعده “يوهان غوتفريد أيشهورن (Johann Gottfried Eichhorn“، اللذين اشتقا الاسم من اسم أبناء نوح الواردة في سفر التكوين/ التوراة “سام، وحام، ويافث”. فأصبح هناك مصطلح “السامية” و “الحامية”، فأصبحت هناك اللغات السامية والحامية التي ألصقت كل لغة منها لقوم من الأقوام، ربما انتسبوا لجنس أو عرق واحد. إذن المشكلة كانت الربط بين الجنس واللغة. هذه عكازة الصهيونية التي يتعكزون عليها في زعمهم أن فلسطين منحة من الرب.
من هنا، حاول الباحثون الإسرائيليون والتوراتيون البحث عن أصل الإسرائيليين في المصادر والوثائق التاريخية المكتوبة، فتارة يربطونهم بالعابيرو، الذين ورد ذكرهم في رسائل تل العمارنة المؤرخة للقرن الرابع عشر قبل الميلاد؛ وفي أحيان أخرى مع قبائل الشاسو البدوية التي سكنت جنوبي الأردن في القرن الثالث عشر قبل الميلاد. ونقدم أدناه معلومات حول ثلاث مسلات تورد خبراً حول إسرائيل ، يعتقد بعض من الباحثين أنها قد زورت لخدمة القصة التوراتية، وهي:
مسلة مرنبتاح:
إذا ما عدنــا للفتــرة التي سبقت العصر الحديــدي مباشــرة، العصر البرونزي المتــأخر (حوالي 1550 – 1200 ق.م.)، فقـــد نشر البـــــاحث الألمــــاني فيلهلم شبيغلبيرغ (Wilhelm Spiegelberg) في عام 1896 نقشاً يخلد انتصارات الفرعون المصري مرنبتاح (1213 – 1204 ق.م.) على الليبيين وتضم الأسطر الأخيرة في النقش معلومات حول حملات هذا الفرعون على منطقة جنوب غربي آسيا. ومن ضمن المعلومات الواردة في هذا النقش ذكر لإسرائيل شعباً وليس أرضاً. وربط بعض العلماء بين هذا النص وحادثة الخروج من مصر، وحيث إن المعلومة الواردة تقول إن الحملة على ليبيا حدثت في السنة الخامسة من حكم مرنبتاح، فإنهم يرون أن الخروج تم في عام 1225 ق.م. ويرى آخرون أن المعلومات الواردة في هذه المسلة لا تخرج عن كونها تقدم معلومات عن مجموعة بشرية كانت في المنطقة خلال نهاية القرن الثالث عشر قبل الميلاد، لا أكثر ولا أقل. وكما يشككون بمصداقية حدوث حملة عسكرية قام بها مرنبتاح في هذا الوقت على آسيا، لأنّ الأسطر التي تتحدث حول الموضوع جاءت على شكل حاشية للنص وليست ضمنه. أي أنها ربما أضيفت في وقت لاحق.
مسلة مرنبتاح التي ورد فيها ذكر إسرائيل شعباً
وفي الختام، فإننا نشير إلى أن المصادر المصرية المؤرخة للعصر الحديدي لا تأتي على ذكر مملكتي إسرائيل ويهوذا بالاسم.
نقش تل القاضي (دان):
تم خلال العقود المنصرمة نسبة عدد من النقوش المكتشفة مباشرة أو غير مباشرة إلى تاريخ إسرائيل والإسرائيليين القدماء، ومنها نقش “تل القاضي/دان”. يقع تل القاضي في أسفل المنحدر الجنوبي لجبل الشيخ في منطقة تربط جبال الجولان/سوريا ومزارع شبعا / لبنان وشمالي سهل الحولة في فلسطين. وبدأت بعثة أثرية إسرائيلية أعمال التنقيب فيه ابتداء من عام 1966م، بإشراف أفراهام بيران. ومن أهم ما كشف عنه في هذا الموقع ثلاث كسر ، تمثل أجزاء من مسلة مصنوعة من الحجر البازلتي وجدت مكسّرة، وتم إعادة استخدام الكسرة الكبيرة منها في بناء الوجه الخارجي لأحد جدران المدينة بالقرب من البوابة الجنوبية، المؤرخ لمنتصف القرن التاسع قبل الميلاد. ويبلغ ارتفاع كسرة الحجر هذه 32 سنتيمتراً وأقصى عرض له 22 سنتيمتراً. وعثرعلى الكسرة الكبيرة في موسم عام 1993 وعلى كسرتين صغيرتين عام 1994. ولا يزال الجدل قائماً بين الباحثين حول إذا ما كانت هذه الكسر الثلاث من مسلة حجرية واحدة. ويعتقد بعض الباحثين أن هذه الكسر الثلاث هي في الأصل نقشان (Lemche 1998:39). وكتب النص المنقوش على المسلة بالخط الآرامي، ويزعم بعض الباحثين اللاهوتيين أنها تنسب لأحد ملوك مملكة دمشق الآرامية الذي حارب تحالفًا من دولتي إسرائيل وبيت داود (يهوذا) خلال القرن التاسع قبل الميلاد وانتصر عليهما. ونقدم أدناه ترجمة للنص منقولة عن الإنترنت:
ترجمة النقش:
ويذكر المختصون بالنقوش أن شكل الخط واللغة تخص الآرامية المبكرة، أي القرن التاسع قبل الميلاد. ومن الجدير بالذكر، أن هذا الجزء المكتشف من النقش يحوي على 13 سطراً منقوشة بآلة معدنية حادة الرأس، ويفصل بين كل كلمة وأخرى نقطة. وتأتي أهمية هذه المسلة من أنها تذكر اسم بيت داود ومملكة إسرائيل. وعلى الرغم من محاولة بيران ونافه إعادة النقش لمنتصف القرن التاسع قبل الميلاد، إلاّ أن هناك من الباحثين من يشكك في تاريخ النقش، بل نجد أن بعضهم يظن أنه مزور (Lemche 1998: 41. 181).
إذن ورد في هذا النص اسم “بيت داود”، وهذا ما كان يحتاجه التوراتيون لإثبات أن الملك داود من نسل يعقوب. ويذكر الإصحاح الثالث من سفر صمويل الثاني أن هناك صراعاً كان دائراً بين بيت شاؤول وبيت داود ، وعلى النحو الآتي:
1“وَكَانَتِ الْحَرْبُ طَوِيلَةً بَيْنَ بَيْتِ شَاوُلَ وَبَيْتِ دَاوُدَ، وَكَانَ دَاوُدُ يَذْهَبُ يَتَقَوَّى، وَبَيْتُ شَاوُلَ يَذْهَبُ يَضْعُفُ. 2وَوُلِدَ لِدَاوُدَ بَنُونَ فِي حَبْرُونَ. وَكَانَ بِكْرُهُ أَمْنُونَ مِنْ أَخِينُوعَمَ الْيَزْرَعِيلِيَّةِ، 3وَثَانِيهِ كِيلآبَ مِنْ أَبِيجَايِلَ امْرَأَةِ نَابَالَ الْكَرْمَلِيِّ، وَالثَّالِثُ أَبْشَالُومَ ابْنَ مَعْكَةَ بِنْتِ تَلْمَايَ مَلِكِ جَشُورَ، 4وَالرَّابعُ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ، وَالْخَامِسُ شَفَطْيَا ابْنَ أَبِيطَالَ، 5وَالسَّادِسُ يَثْرَعَامَ مِنْ عَجْلَةَ امْرَأَةِ دَاوُدَ. هؤُلاَءِ وُلِدُوا لِدَاوُدَ فِي حَبْرُونَ.“
إذن، هناك شخصيتان تنتسبان إلى أسرتين مختلفتين، وحيث أن التوراة تذكر أن “شاؤول” من سلالة يعقوب، فإلى أي سلالة يتبع الملك “داود”؟
لا أود في هذه الخاطرة أن أسرد قصة اكتشاف مسلة الملك المؤآبي ميشع، والصراع الذي حصل بين قناصل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في القدس للحصول عليها، إذ نشرتها في بحث سابق نشر في “المجلة الأردنية للتاريخ والآثار، العدد الخاص بمئوية الدولة”. لكننا نود القول أن جمعية الكنيسة التبشيرية (Church Missionary Society) بدأت في عام 1851 بممارسة نشاطاتها في فلسطين، وأرسلت المدعو فردريك أوغسطس كلاين (Frederich Augustus Klein) إلى القدس. وقام هذا في عام 1868م بزيارة لشرقي الأردن، وكان أول من رأى مسلة ميشع في ذيبان. وقام بتفحص الحجر البازلتي المنقوش وأخذ قياساته ورسمه، ووصفه، وذكر أن النقش المنقوش على الحجر يتكون من 34 سطراً. لكنه، وللأسف لم يستطع نقل سطور النقش بسبب حلول الظلام وهو في نفس المكان.على أي حال، بعد صراع بين القناصل استطاع القنصل الفرنسي المدعو كليرمونت-غانو (Clermont-Ganneau)، وبالتعاون مع الإنجليزي تشارلز وارن (Charles Warren) الحصول على كسر من النقش وجزازات من الطبعة التي عملت للنقش. وزعم أنه رأى المسلة حتى قبل كلاين، وأنه عمل طبعة للنقش علماً أن الألماني لم يفعلها.
شكل: صورة عن نسخة لمسلة ميشع
استمر في عام 1870م التواصل والتشاور بين كليرمونت-غانو الفرنسي ووارن الإنجليزي، بخصوص الحجر خاصة بعد تلقيهما طبعات لكسرتين كبيرتين من الحجر إضافة لكسر صغيرة منقوشة من الحجر نفسه. كما قام بعدها غانو بشراء جميع (؟) كسر الحجر المنقوشة، وحفظها مع الطبعات التي حصل عليها في القنصلية الفرنسية في القدس، والتي قامت بدورها بشحنها إلى باريس. وهناك، بباريس قام كليرمونت -غانو بإعادة بناء الحجر وترجمة نص النقش بالكامل. ويطرح بعض الباحثين في الوقت الحاضر مجموعة من التساؤلات حول صحة ترميم الحجر، وأصالة النقش المنسوخ، إن كان لم يتعرض للزيادة أو النقصان. ونقدم أدناه قراءة للنقش:
“(1) أنا ميشع بن كمشيـ[ـت] ملك مؤاب الذ(2)يباني. أبي مَلكَ على مؤاب ثلاثين سنة، وأنا ملكـ(3)ـتُ بعد أبي. وصنعتُ المعبد العالي هذا لكيموش بقرحو (منتصرًا؟) (4) … إذ أنقذني من كلِّ الملوك، وإذ أشمتني بكلِّ أعدائي. عَمْر(5)ي ملكَ إسرائيل، وأذلَّ مؤاب أيَّامًا كثيرة؛ إذ غضب كيموش من أر(6)ضه. وخلفه ابنه، وقال هو أيضًا “أُذلُّ مؤاب”، بأيَّامي قال (هكذا). (7) وشمتُّ به وببيته، وبادت إسرائيل بياد الأزل. (وكان) عمري ورث كلَّ أر(8)ض مهدبا، وأقام فيها في أيَّامه ونصف أيَّام ابنه (بنيه)، أربعين سنة وأعا(9)دها كيموش في أيَّامي. وبنيت بعل معون، وصنعت فيها الصهاريج، وبنيـ(ـتُ) (10) قريتان، وكان شعب جاد أقام بأرض عطروت منذ الأزل، وبنى له ملك إ(11)سرائيل عطروت، والتحمت بالمدينة، وأخذتها، وقتلتُ الشعب كلَّه … (12) ريًّا لكيموش ولمؤاب، وأرجعتُ من هناك أرأل دوده، وسـ(13)ـحبته أمام كيموش بقريب، وأقمتُ فيها رجالَ شارون، ورجالَ (14) محرت. وقال لي كيموش: “إذهب، خذ نبُّو من إسرائيل”. وذ(15)هبتُ في الليل، والتحمتُ بها من انشقاق السَحَر وحتَّى الظهر، وأخـ(16)تُها، وقتلتُ كلَّـ[ـهـ]ـا: سبعة آلاف، رجالاً وأحلافًا، ونساءً وجوا(17)ري، وضحَّيتُ؛ إذ كنتُ نذرتها لعشتر كيموش. وأخذت من هناك أ…(18) لي يهوه، وسحبتهم أمام كيموش. وملك إسرائيل بنى (19) يهص، وأقام فيها أثناء التحامه بي، وطرده كيموش من أمامي. و(20)أخذتُ من مؤاب مئتي رجل، كلاً رأسها، وأصعدتهم إلى يهص، وأخذتُها (21) لضمِّها إلى ذيبان. أنا بنيتُ قرحو: سورَ الأحراج وسور (22) الأكروبوليس، وأنا بنيتُ بوَّاباتها، وأنا بنيتُ أبراجها، وأ(23)نا بنيتُ بيتَ الملك، وأنا صنعت أدوات الصهاريـ[ـج للمـ]ـاء بوسـ[ـط] (24) المدينة. ولم يكن ثمَّة بئر بوسط المدينة، بقرحو، فقلتُ لكلِّ الشعب: “اصنعوا لـ(25)ـكم كلَّ رجل بئرًا ببيته”. وأنا قطعت القنوات لقرحو بأسرى (26) إسرائيل. أنا بنيتُ عرعر، وأنا صنعت الطريق بالأرنون. (27) أنا بنيتُ بيت المعبد العالي؛ إذ كان تهدَّم. أنا بنيتُ بصر، إذ كان خرب. (29) [بِرجـ]ـال ذيبان الخمسين؛ إذ كلُّ ذيبان سامعة. وأنا ملكـ(29)ـتُ […] من المدن التي أضفتُها إلى البلاد. وأنا بنيـ(30)ـتُ [مهد]با، وبيت دبلاتَيِن، وبيت بعل معون، وأصعدت ثمَّة معـ(31) […] ضأن البلاد، وحورنون، أقام بها … (32) [ويـ]ـقول لي كيموش “ردْ التحم بحورنون”، فوردتُ (33) [… وأعاد]ها كيموش في أيَّامي …“.
يشكك الباحث الألماني كلاين في أن كليرمونت- غانو ووارن لم يحسنا إعادة بناء النص المكتوب على مسلة الملك ميشع بسبب أنه يعتقد أن الأسطر الثلاث الأولى كانت مختفية بسبب العوامل الجوية، وأن الطبعة التي تم عملها للنص تم تمزيقها ووزعت بين الناس قبل جمع ما جمع منها (أي أنها لم تجمع كاملة).. على أي حال، فإن الأسطر الخمسة الأولى تتضمن معلومات هامة تخص إسرائيل، وهي:
كما أتسائل، هل ورد اسم الملك المؤآبي ميشع في أي نص آخر مكتوب، خارج النص التوراتي؟
أخاف يا سادة، أن يكون من قام باستبناء نص مسلة ميشع قد دس السمَ في الدسم، علمنا أننا نفخر بأن هذا الملك المؤآبي قد استطاع الانتصار على أعدائه. وإليكم أدناه خارطة تبين توزيع القبائل الإسرائيلية حسب ما رسمتها النصوص التوراتية:
خارطة توضح توزيع القبائل الاسرائيلية
ملاحظة: أتقدم بالشكر للدكتور عمر الغول لقراءته للنص وتزويدي بترجمة نقش ميشع.
زيدان كفافي
عمان في 15/ 2/ 2023م
مراجع للقراءة:
كفافي، زيدان 2022؛ آثار الأردن في تقارير المستكشفين والرحالة الأجانب (مرحلة ما قبل تأسيس إمارة شرقي الأردن في عام 1921). المجلة الأردنية للتاريخ والآثار (عدد خاص مئوية الدولة) مجلد 16/ عدد 3: 139- 183.
– Abu Taleb, Mahmoud 2002; The History of Biblical Israel and the Orientalsm: The Case of the Conquest. Pp. 203- 225 in Sami A. Khasawneh (ed.), Conference on Orientalism. Dialogue of Cultures. Amman: The University of Jordan.
Graham, M. P. 1989; The Discovery and Reconstruction of the Mesha‘ Inscription. Pp. 41-92 in A. Dearman (ed.), Studies in the Mesha Inscription and Moab. Atlanta: Scholars Press.
Klein, Fredrick Augustus (1870); “The Original Discovery of the Moabite Stone”; Palestine Exploration Fund Quarterly Statement, January 1869-September 1870, March to June 1870.
Petermann, H. (1870); “Über die Auffindung der moabtischen Inschrift des Königs Mesha”; Zeitschrift des Deutschen Morgelandes Gesellschaft, Vol. 24, pp. 640-644.
Spielberg, W. 1896; Der Siegeshymnus des Merneptah auf der Flinders Petrie-Stele.Zeitschrift für ägyptischen Sprache und Altertumskunde 34: 1-25.
Warren, Charles (1870); “Expedition to East of Jordan, July and August 1867”; Palestine Exploration Fund Quarterly Statement, January 1869-September 1870, March to June 1870.
عذراً التعليقات مغلقة