الغسل الأخضر وحوافز إزالة الكربون

Husam20 نوفمبر 2022آخر تحديث :
الغسل الأخضر وحوافز إزالة الكربون

د.عدلي قندح

تلعب الشركات دورا كبيرا في التخفيف من تأثيرات تغير المناخ، فانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة عن التكتلات الصناعية الكبيرة تشبه في بعض الحالات الانبعاثات الصادرة عن بلدان بأكملها. وقد بدأت الشركات باتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ، ولكن الأهداف الحالية للحد من الانبعاثات ليست طموحة على نحو كافٍ. فما الذي يبطئ الشركات؟

وفقًا للتقرير التقييمي السادس للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يتطلب الالتزام بالهدف الذي حدده اتفاق باريس تحقيق انخفاض بنسبة 43 في المئة في انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2030 وانخفاض بنسبة 84 في المئة بحلول عام 2040 مقارنة بمستويات عام 2019. وكما نعرف، تواجه الشركات ضغوطًا متزايدة من الجهات التنظيمية والمستثمرين والمستهلكين من أجل المساهمة في جهود إزالة الكربون العالمية.

هنالك عدة مجالات رئيسية يمكن فيها للشركات اتخاذ إجراءات لإسراع وتيرة إزالة الكربون، نذكر منها ما يلي: تقليل استهلاك الطاقة وتأمين الوصول إلى الطاقة النظيفة، وإسراع وتيرة التوسع في استخدام التقنيات النظيفة مع إزالة المخاطر على نحو يتسم بالذكاء، وتقليل الانبعاثات المشتراة من خلال تحديد وإشراك المورِّدين الأساسيين، والحد من البصمة الكربونية للمنتجات من خلال إعادة التفكير في تصميمها ومزيج المواد الداخلة في تصنيعها، وإطلاق العنان لإبداع الموظفين من خلال ثقافة مؤسسية تركز على الاستدامة، وتتبع التقدم المحرز وتحسين مسار إزالة الكربون باستخدام الأدوات الرقمية والذكاء الاصطناعي.

علاوة على ذلك، يلعب القطاع المالي أيضاً دورًا مهمًا في دعم الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون. فوفقا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة، فإن الاستثمار العالمي السنوي في قطاع الطاقة وحده بحاجة إلى مضاعفة حجمه ثلاث مرات بحلول عام 2030 ليصل إلى حوالي 4 تريليونات دولار من أجل الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. وبهدف تحقيق هذا الهدف الطموح ، ينبغي جعل الأسواق المالية توجه التمويل بشكل متزايد نحو المشاريع المستدامة. وبطببيعة الحال، تميل الأموال إلى التدفق نحو تلك الاستثمارات التي توفر أعلى عائد لمستوى معين من المخاطر.

لذلك، فإن أي سياسة تقلل عوائد المشاريع عالية الانبعاث مقارنة بالمشاريع الأقل تلويثًا أو تلك التي توفر الشفافية بشأن المخاطر العالية التي يواجهونها ، سوف تساهم في تخصيص الموارد بطرق أكثر استحسانًا للبيئة.

وبشكل عام، هناك سياستين رئيسيتين لتحقيق هذا الهدف؛ الاولى، تتعلق بمبادرات تسعير الكربون والتي تهدف إلى استيعاب تكاليف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، وتقليل الربحية النسبية للشركات المسببة للانبعاث الكربوني. أما النوع الثاني من السياسات المقترحة هو مبادرات الشفافية التي تزيد توافر بيانات عالية الجودة وقابلة للمقارنة وذات صلة بالانبعاثات وتسمح للأسواق المالية بتعديل الأسعار لتعكس هذه المخاطر. هاتان السياستان – تسعير الكربون والكشف عن البيانات – تدفعان الأسواق المالية لدعم الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.

الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، حقق تقدمًا كبيرًا على كلا الجبهتين في السنوات الأخيرة، حيث كانت الشفافية كبيرة عندما تم نشر معايير الاتحاد الأوروبي المتعلقة بتصنيف النشاطات الاقتصادية بكونها خضراء او مستدامة، ومعيار السندات الخضراء للاتحاد الأوروبي. وإذا ما اخذنا هذين العاملين معا، فان هذه الأدوات لديها إجراءات موحدة للتمويل الأخضر وقلصت إلى حد كبير من احتمالية زيف اظهار الشركات بانها ملتزمة بتقليل التلوث البيئي، أو ممارسة ما يعرف بالغسل الأخضر أو “الجرين ووشنغ”. لذا فمن المتوقع أن يكون لسياسة تسعير الكربون وزيادة شفافية البيانات المناخية تأثير على  أسواق الأسهم بحيث تعاقب أسعار أسهم الشركات ذات كثافة استخدام الكربون وقليلة الشفافية.

وقد أنتقدت قمة المناخ في شرم الشيخ التي انتهت يوم أمس السبت تعهدات الحكومات والجهات الفاعلة من غير الدول التي تتعهد بالتخلي عن استخدام الكربون، لإن معايير الالتزامات بالوصول بالكربون إلى مستوى الصفر تحتوي على ثغرات واسعة بما يكفي “لأن تمرّ شاحنة ديزل عبرها”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه