عَرين الأُسودْ .. تَصَدَّر َ.. ويَسودْ

Tala18 أكتوبر 2022آخر تحديث :
عَرين الأُسودْ .. تَصَدَّر َ.. ويَسودْ

بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه

بداية من المهم ان نعرف من هم (( عرين الأسود )) !؟
هم لاعب فلسطيني جديد . عرين الأسود هم المقاومون الجدد في الداخل الفلسطيني . ظهر تنظيم عرين الأسود في بداية العام الحالي . ويضم التنظيم عشرات المناضلين ، أخذوا من البلدة القديمة في نابلس مقراً لهم . واخذوا على عاتقهم مقاومة الاحتلال أينما وكيفما وجد وبكل أشكال المقاومة ضد الجنود والمستوطنين والعملاء . وقد أعلن تنظيم عرين الأسود ميثاقة وبرنامجه المقاوم على لسان أحد المُلثمين . وأكد البيان ان غطرسة الإحتلال بقتل وسفك دماء الفلسطينيين تفرض عليهم كمقاومين (( معارك متجددة )) قد لا يتوقع الإحتلال شكلها ولا يقرأ طبيعتها مسبقاً . خاصة ان هذه المقاومة (( المنظمة والمدارة ذاتياً )) قادرة كل يوم على تجديد الدماء بعروق المقاومين بأشكال واساليب كثيرة ، من القتال الموحد تحت إسم وشعار (( لا اله الا الله محمد رسول الله )) . ولخص بيان العرين نهجه المقاوم بتأكيده السير قدماً وعدم ترك البندقية تحت اي ظرف وتوجيهها نحو الإحتلال ، ومستوطنيه ، ومن يساندهم من العملاء فقط . أعضاء التنظيم شبان في مقتبل العمر ، يرتدون زياً موحداً لونه أسود ، وغطت فوهات بنادقهم قطعة من القماش الأحمر، لتؤكد ان لا رصاصة تُطلق هدراً . ويعتمدون عنصر المباغتة للإحتلال بمواقعة العسكرية عند الحواجز ونقاط التماس المحيطة بمدينة نابلس . إنهم لا ينتظرون الإحتلال ليقتحم المدينة ويشتبكون معه ، بل يُهاجمون المحتل في مكانه . واتخذ العرين الليل ستراً لعمله المقاوم المنظم . كما انهم لا يظهرون ولا يستعرضون أمام الناس .

وهنا لا بد ان نعرف الأسباب التي أدت الى ظهور تنظيم (( عرين الأسود )) !؟ يبدو ان أسباب ظهور تنظيم عرين الأسود تتمثل في يأس الشباب الفلسطيني في الداخل من المنظمات الفدائية التي (هَرِمت ) ، والسلطة ، والأنظمة العربية ، وحتى الشعوب العربية رغم ثقتهم بأن كل عربي مع القضية ، لكنه لا يلوي على شيء ، وليس باستطاعته تقديم اي شيء للقضية فأصبح العربي الذي مع القضية (( هو وقلته واحد كما يقال )) . يبدو ان اليأس هو مصدر قوة تنظيم عرين الأسود ، وهو يرى التخاذل العربي المُعيب .

يبدو ان طبقة الكريما التي كانت تحجب تفريط الأنظمة العربية قد ساحت وذابت ، وانكشف ما كانت تفعله الأنظمة مع العدو من تحت الطاولة ، ومن خلف ستار
، ثم إنتقل الى الإنكشاف حد التسابق على نيل ود العدو والتبرك (( بعهره وفُجره )) وإحتلاله ، وقتله للشعب الفلسطيني دون تمييز بين طفل او إمرأة او شيخ عاجز ضرير .

أنا شخصيا لم أسمع بتنظيم عرين الأسود الّا قبل أيام عندما طرحه الرجل الذي أحترم الأستاذ / عبدالله عليان ، في جلسة حوارية في الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة . لكنني كنت أُتابع تلك العمليات المتميزة وأتساءل مع نفسي عن الجهة التي يمكن ان تتبناها ، ولم تعلن أية جهة تبني أية عملية نوعية .

فعلاً إنهم أقرب للأسود من الآدميين ، في جرأتهم ، وشجاعتهم ، وإقدامهم ، وبسالتهم ، ومصدر كل هذا عدالة قضيتهم التي عززها إهمال قضيتهم على المستويات الثلاثة : المستوى الفلسطيني ، والمستوى العربي ، والمستوى الإقليمي والدولي . كل ذلك أمدهم بقوة وقدرة وعزم للإعتماد على أنفسهم لتحرير أرضهم .

ألم تلاحظوا الجسارة والشجاعة والإقدام !؟ تميزت العمليات الفدائية الأخيرة بإقدامٍ متفرد ، وهذا يبين ان هناك تدريباً شديداً وقاسياً . ولنستنتج ذلك من بعض العمليات الفدائية البطولية . فمثلاً : الا تتذكرون الشهيد البطل / عمر ابو ليلى ، شاب يافع ، يترصد فريسته المتمثلة في جندي العدو ، المدجج بأحدث الأسلحة تقنية وتطوراً ، ويحمل على ظهره ما يقارب (( ٥٠ )) كغم ، وينقض الأسد الهصور عليه ويقتله بكل سرعة وجسارة وإقدام . كما علينا ان نُحلل إقدام البطل المتفرد لعملية شُعفاط : تتقدم السيارة التي تُقله بدون اي تردد وإحجام ، وينزل كالأسد منتصب القامة ، واثق الخطى ، ثابت الإقدام ، ويصب نار سلاحه على جنود العدو ويمطرهم بجحيم سلاحة ، ويغادر مكان عمليته البطولية شامخاً ، لم ترتجف له يد ، ولم ترتعد فرائصه ، ولم يزدد خفقان قلبه ، وبكل ثبات يختفي من الموقع . كما غيرهما من الأبطال الذين أثخنوا جراح العدو في الفترة الماضية ، وهي عمليات بالعشرات ، لا تتسع مساحة المقال لسردها . لكنني واثق ان كل عربي ما زال قابضاً على جمر عروبته ، وعدالة قضيته ، ولم يبع نفسه في سوق نخاسة العمالة يذكر تلك العمليات البطولية الجريئة ولن ينساها ، لا بل ويستذكرها مع نفسه — على الأقل — كلما إدلهم ليل القضية ، وإنكشفت العمالات حد التنسيق مع العدو والإنفتاح عليه .

سأنقل لكم بعضاً من مقال نشره الكاتب الصهيوني / دانا بن شمعون ، في صحيفة إسرائيل هيوم (( لكن بتصرف )) :— يتركز نشاطهم في منطقة نابلس . يدعون الى الإضرابات العامة . وهناك إشارات أولية تدل على إتساع التأييد للتنظيم . يوجد الكثير من الشباب الفلسطيني الذين تجتذبهم حركة ( التمرد ) هذه . كما يشعلون النار في الإطارات في مداخل القرى ويغلقون الطرق . ويحاول أعضاء التنظيم الظهور بصورة حسنة لإستقطاب تأييد الناس ، حيث وزعوا الحلوى في عيد المولد النبوي الشريف . ويجتهدون ليخلقوا إنطباعاً بأنهم مقاتلين يأتون من تحت — أي من الشعب — بخلاف المنظمات الأخرى . للتنظيم حضور بارز في وسائل التواصل الاجتماعي . ويوزعون أشرطة العمليات التي ينفذونها ضد جنود العدو ، ليقتدي بهم المناضلين من الشعب الفلسطيني . حتى من لم يفكروا في الماضي بالإنضمام إلى العمليات ، يرون الآن بأن الأمر ممكن بل أسهل للتنفيذ . هناك إنقسام في الشارع الفلسطيني ، منهم من يعتقد بأنها مسألة وقت لتظهر جماعات أخرى ، تحاكي حركة الفهد الأسود ، التي ظهرت أثناء الإنتفاضة الأولى ، التي نفذت عشرات العمليات ، والتي نشأت في منطقة جنين . عرين الأسود يستغلون ضعف السلطة ، وملل الجمهور الفلسطيني منها ، فيحصلون على المزيد من التعاطف الجماهيري . وهناك من يعتقد بان عرين الأسود ستتفكك اذا لم تحرص على إيجاد قيادة ، مع خطة واضحة وجدول أعمال يحدد الأهداف . ويشمل التنظيم مقاتلون مدعومون من تنظيمات فلسطينية مثل فتح وحماس والجهاد الإسلامي . بينما آخرون لا يرون أنفسهم ينتمون لأي تنظيم آخر . القيادة الفلسطينية قلقة من وجودهم ، وتعاظم قوتهم . وعرضت السلطة عليهم إلقاء أسلحتهم ، والإنضمام الى أجهزة الأمن الفلسطيني ، لكنهم رفضوا .

ارى ان خطتهم تتمثل في تحويل النضال الفلسطيني ليكون فكراً واسلوباً يمكن ان ينتهجه اي فلسطيني . واعتقد انهم اقتبسوا هذا من نهج القاعدة التي كان اي شخص يؤمن بالفكرة يمكنه تنفيذها فردياً . وهذا تفكير إبداعي في أساليب المقاومة . أخاف عليهم من الإختراق الفلسطيني الرسمي ، الذي سيؤدي حتماً الى إختراق من العدو يؤدي لإجهاض هذا النهج الإبداعي في المقاومة .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه