الشيخ / ماجد العدوان .. للرجولة عنوان

Husam8 مارس 2022آخر تحديث :
الشيخ / ماجد العدوان .. للرجولة عنوان

افاق الاخبارية

الشيخ / ماجد العدوان .. للرجولة عنوان

بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
(( الجزء الأول ٣/١ ))

تاريخ الأردن لم يبدأ منذ مئة عام ، كما يحاول البعض غرسه في أذهان العامة . ولا يجوز ان نحتفل بالمئوية الأولى . تاريخنا يمتد الى ( ٨,٠٠٠ ) عام ، وعليه أين ذهبت ( ٧,٩٠٠ ) عام من تاريخ الأردن !؟ كل الحضارات الإنسانية ، منذ بدء الخليقة بدأت ، أو مرّت ، أو إستوطنت ، أو إحتلت ، أو إستعمرت الأردن ، حتى أنبياء الله ورسله إما كان الأردن مسقط رأسهم ، أو إستوطنوا فيه ، أو مرّوا عليه ، لكن ليس مروراً عابراً .

لِيعلم الذين يخططون لتجهيل الأجيال بتاريخ الأردن الحقيقي ، بأن الأردن لم يكن خالياً من السكان ولا من الرجال ، الذين سطّروا تاريخاً تليداً ، نفتخر ونعتز به . ومن ضمن سلسلة مقالاتي عن رجالات الأردن المؤسسين ، يُشرفني أن أسرد في مقالي هذا شيئاً من سيرة أمير البلقاء ، وشيخ مشايخ قبيلة العدوان ، الشيخ / ماجد سلطان باشا بن علي آغا ذياب بن حمود بن صالح بن عدوان بن فايز العدوان ، الذي ولد في الشونة الجنوبية عام ١٨٩٨ ، وتوفي عام ١٩٤٦ . نشأ الشيخ / ماجد في كنف والده شيخ مشايخ البلقاء الشيخ / سلطان باشا العدوان ، وهو ابنه الأكبر . كان الشيخ / ماجد كريماً ، شجاعاً ، حكيماً ، وكان وطنياً أردنياً ، وقومياً عربياً صلباً . كان ذا بشرة سمراء ، طويل القامة ، عاش في رخاء مادي ، فتعلّم القراءة والكتابة والحساب والعلوم الدينية . حيث كان والده يُحضِر له ولأبناء قبيلته الشيوخ لتعليمهم مقابل أجر يتقاضونه عن عملهم . كما كان الشيخ / ماجد العدوان يتصف بصفات النُبل التي هيأته ليكون شيخاً لقبيلة العدوان ، كما إتسم برجاحة العقل والرزانة وقِلة الكلام . جمع الشيخ / ماجد كل خصال الرجال من كرم ، وفروسية ، وشهامة ، ومروءة ، وجرأة في الحق ، وعفة في اللسان ، يغيث الملهوف ، ويعز الجار ، ويجير الضعفاء ويعطف عليهم ، وعُرِف بأمير البلقاء ، وهو لها فعلاً .

كان للشيخ / ماجد موقفاً من قدوم الأمير عبدالله الى الأردن . فعندما بعث المندوب السامي البريطاني في القدس / هربرت صموئيل برقية في شهر ايلول عام ١٩٢٠ تقريراً عن برقية بعثها الشريف حسين بن علي ، الى كل من الشيخ / سلطان العدوان ، والشيخ / إرفيفان المجالي ، تضمنت النص التالي :- [[ الى الشيخ / إرفيفان المجالي ، وجميع شيوخ الكرك ، والشيخ / سلطان العدوان ، وجميع شيوخ البلقاء : هذا هو الوقت الذي تُظهِرون به هِمتكم ، وحماسكم ، فيما يتعلق بدينكم ، ووطنيتكم ، إتحدوا وأعينوا إخوانكم في الدين لإنقاذ وطننا من الكفار ، أحد أبنائي سيتحرك اليكم ومعه المال والتزويد ]] . هنا تباينت المواقف بين مؤيد ومعارض ، ورفض بعض شيوخ البلقاء وعلى رأسهم الشيخ / سلطان العدوان ، وإبنه الشيخ / ماجد العدوان الإنضمام للحملة . وتأخر عن إستقبال الأمير ل( ٣ ) ثلاثة أيام . أما علاقاته مع الزعامات المحلية ، فقد إتسمت بالود والصفاء حيناً ، وبالخصومة والجفاء أحياناً أخرى . فقد كانت تربطه بقبائل الجنوب والشمال علاقات حسنة ، وقلما تقع صدامات . أما علاقاته مع القبائل التي تقطن البلقاء كقبيلة بني صخر وقبيلة عباد ، فقد كانت تقع بينهم نزاعات على مُلكية الأراضي ، والمراعي ، وموارد المياة ، فكانت علاقاتهم تتأرجح بين الشِّدة والرخاء .

لا يمكن ذِكر إسم الشيخ / ماجد العدوان ، دون التطرق الى حركته التي وقعت احداثها عام ١٩٢٣ . حيث عانت إمارة شرق الأردن حديثة العهد بالإستقلال ، من أعباء داخلية وخارجية كبيرة ، ووسط هذه الأعباء ، قامت حركة إبن عدوان التي كانت تهدف وتطالب بإحداث إصلاحات إدارية جذرية ، خاصة وان الغرباء تولوا المناصب الهامة في الدولة ، وأحكموا قبضتهم بإحتكار ادارة الدولة ، وعملوا على إقصاء الأردنيين عامة ، وأبناء القبائل الأردنية خاصة ، مما أدى الى تململ ، ووقوع إحتجاجات من قِبل الزعامات العشائرية في الريف والبادية الأردنية ، لانها الأكثر تضرراً من تنامي قوة السلطة المركزية على حساب نفوذها . لذلك بادرت بالتململ ، والعصيان ، والتحرك المناويء للحكومة ، وبدأ الفقر يتفشى في الريف والبادية . [[ ما أشبه الليلة بالبارحة يا أميرنا وشيخنا مُهاب الجانب ، جليل القدر الأمير والشيخ / ماجد العدوان ، وأنت لست بيننا لتنهض بنا ، وتطالب بإنصافنا ، لأننا أصبحنا كما الأيتام على مآدب اللئام ]].

نتيجة لتهميش الأردنيين الذي سبق ذكره ، بدأ الأردنيون التحرك ضد السلطة ، وشكّلوا أولى التجمعات السياسية العامة في كل مناطق الأردن قاطبة ، مُجمعة على شعار واحد هو : (( الأردن .. للأردنيين )) . وبدأ النشاط المناهض بعصيان الكورة عام ١٩٢١ بزعامة الشيخ / كليب الشريدة ، لكن تم قمع هذا التحرك بعنف . وتلاه عصيان سُمي ب (( عصيان .. العدوان )) عام ١٩٢٣ . حيث كانت إنتفاضة وطنية عارمة ، قادها الشيخ / ماجد العدوان ، الرجل الوطني ، الغيور ، الجريء ، الشجاع ، المتصدر للعب دور فاعل ومتميز في القضايا الوطنية والقومية . كيف لا !؟ وهو قائد // الثورة الماجدية )) ، وهو زعيم ومُطلِق إنشاء (( المملكة الماجدية )) ، التي كان سيحكمها قبيلة العدوان ، على شرق الأردن والبلقاء . وبالرغم من ان شكل تلك الثورة عشائرياً ، الا ان طابعها كان وطنياً ، ومثّلت منعطفاً وطنياً لذلك اصبحت نقطة تحول أساسية في تطور الوعي الوطني الجمعي والممارسة السياسية في إمارة شرق الأردن . وعندما رفع الشيخ / ماجد العدوان شعار (( الأردن .. للأردنيين )) ، أراد القائمون على هذه الحركة تأسيس دولة على رأسها الشيخ / ماجد العدوان ، وتشكيل حكومة من أردنيي الأصل ، وتأسيس جيش أردني يكون قائده أردنياً . وفوض شيوخ ووجهاء البلقاء شيخ مشايخ البلقاء الشيخ / سلطان ، وإبنه الشيخ / ماجد لمقابلة الأمير عبدالله للتباحث في كل الأمور ، الا ان شُقة الخلاف زادت ، مما أدى الى توتر الأوضاع . عندها طالبت الحركة بإنشاء مجلس نيابي ، وإخراج كل الغرباء من البلاد ، وإسناد الوظائف الصغرى والكبرى الى ابناء البلاد ، بإستثناء الوظائف التي يرى فيها المجلس ان ظروف تلك الوظائف تقتضي إسنادها لغير الأردنيين . وأولى الخطوات التي قام بها الشيخ / ماجد ، انه قام بالتوجه الى قصر الأمير عبدالله في منطقة ماركا ، على رأس حشدٍ كبير من رجاله ، لا يقل عن الف خيّال ، ودخلوا العاصمة على شكل مظاهرة ، ودار نقاش حاد بين الأمير والشيخ /ماجد ، ووعدهم الأمير بانه سيتم تلبية طلباتهم خلال اسبوع ، وكلف الأمير السيد / حسن خالد ابو الهدى بتشكيل حكومة تستحيب لمطالبهم قدر الإمكان . (( يتبع الجزء الثاني )) .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه