عربي و دولي

مودي تحت الضغط.. ترامب يُصعّد ضد الهند بسبب النفط الروسي

آفاق نيوز – في تحول لافت على صعيد العلاقات الأمريكية الهندية، صعّد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من لهجته تجاه الهند، متوعدًا بفرض رسوم جمركية “كبيرة” خلال 24 ساعة، على خلفية استمرار نيودلهي في استيراد النفط الروسي بأسعار منخفضة، وهو ما وصفه ترامب بأنه “دعم لآلة الحرب الروسية”.

وجاءت تصريحات ترامب في مقابلة مع شبكة CNBC، الاثنين، وسط توتر متصاعد بينه وبين رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي لطالما سعى إلى التوازن في علاقاته الدولية، محافظًا على شراكة قوية مع الولايات المتحدة، إلى جانب روابط عسكرية واقتصادية تاريخية مع روسيا.

ورغم أن الهند أكدت مرارًا حيادها في الحرب الروسية الأوكرانية، واصلت شراء النفط الروسي بأسعار مخفضة، في خطوة تعتبرها قرارًا اقتصاديًا يخدم مصالحها الوطنية، إلا أن هذا الموقف بات محل انتقاد علني من ترامب، الذي يستخدم الملف كورقة في سياق حملته التجارية والسياسية.

وفي منشور غاضب عبر منصته “تروث سوشيال”، قال ترامب: “الهند اشترت لعقود معظم أسلحتها من روسيا، وهي الآن أكبر مستورد للطاقة الروسية إلى جانب الصين… هذا جنون بينما العالم يطالب بوقف القتل في أوكرانيا”.

الهند ترد: إجراءات غير مبررة

الحكومة الهندية من جهتها، اعتبرت الموقف الأمريكي “غير مبرر”، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا لا تزالان تتعاملان تجاريًا مع روسيا في قطاعات أخرى مثل الأسمدة والمواد الكيميائية.

الهند، التي أصبحت رسميًا أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، تعتمد على استيراد 80% من احتياجاتها النفطية، ويأتي 36% من هذه الكمية حاليًا من روسيا، وفقًا لأحدث بيانات شركة “كبلر” المتخصصة في الاستخبارات التجارية.

وقال أميتاب سينغ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جواهر لال نهرو: “شراء النفط الروسي قرار اقتصادي بحت… وإذا توقفت الهند عن الاستيراد، فإن الفجوة في السوق ستكون صعبة التغطية، والأسعار سترتفع عالميًا”.

معضلة مزدوجة: ضغوط أمريكية وسد فجوة إيران وفنزويلا

وتعقّد المشهد بالنسبة للهند نتيجة العقوبات الأمريكية السابقة، حيث أوقفت نيودلهي مشترياتها من النفط الإيراني والفنزويلي منذ عهد ترامب، ما زاد من اعتمادها على روسيا كمصدر بديل بأسعار تنافسية.

ويرى خبراء أن أي تغيير مفاجئ في مصدر استيراد النفط قد يرفع أسعار البنزين عالميًا، بما في ذلك في الولايات المتحدة، خاصة أن جزءًا من النفط الروسي الذي تستورده الهند يُكرر ثم يُصدر إلى الأسواق الغربية.

ووفق مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، فإن الولايات المتحدة وأوروبا تشتريان منتجات نفطية مكرّرة مصدرها النفط الروسي، ما يسلّط الضوء على “ثغرة” في العقوبات الحالية.

شراكة معقدة وجذور ممتدة

الشراكة بين نيودلهي وموسكو تتجاوز النفط، إذ تعود إلى سبعينيات القرن الماضي عندما دعمت موسكو الهند عسكريًا، في وقت كانت فيه واشنطن تدعم باكستان. وعلى الرغم من تقارب الهند مؤخرًا مع الغرب، فإنها ما تزال أكبر مستورد للأسلحة الروسية.

في المقابل، جمعت علاقة شخصية ودية بين مودي وترامب، بلغت ذروتها في تصريحات متبادلة عن “الصداقة التاريخية”، إلا أن الديناميكية تغيرت مع تهديدات ترامب الحالية وتصريحاته التي وصفت الهند بأنها “تدعم الحرب الروسية” بطريقة غير مباشرة.

وقال سينغ: “الهند لن تتخلى بسهولة عن النفط الروسي. هذا انتقال معقد ولا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها”، مشيرًا إلى أن أي خطوة متهورة قد تُربك السوق العالمية وتضر بالمستهلكين في كل مكان، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة.

إلى أين تتجه العلاقات؟

مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، وتزايد التوترات الجيوسياسية، يبقى مستقبل العلاقات بين واشنطن ونيودلهي رهن توازنات دقيقة. فالهند، التي تسعى لتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية مستقلة، تواجه معضلة مزدوجة: الحفاظ على علاقتها الاستراتيجية مع الغرب، دون التفريط بتحالف تاريخي مع روسيا.

وفيما يضغط ترامب لاستخدام ملف النفط كأداة ضغط سياسي، تبدو نيودلهي مصمّمة على الدفاع عن خياراتها الاقتصادية، وسط نظام عالمي لم يعد يقبل بسهولة بسياسات الاصطفاف الحاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى