محليات

مجلس النواب الأردني بين التحديات والانتقادات: أداء تشريعي قائم.. ورقابة تبحث عن الفاعلية

 

آفاق نيوز – زينة الملاك

منذ انطلاق الدورة الأولى لمجلس النواب الحالي، ما يزال الجدل محتدمًا حول طبيعة أدائه التشريعي والرقابي، ومدى قدرته على تمثيل نبض الشارع الأردني الذي يواجه أزمات اقتصادية واجتماعية متراكمة.
ورغم الإنجازات التي يسجلها المجلس في تمرير عدد من القوانين المهمة، إلا أن ثقة الشارع تبقى موضع تساؤل، وسط دعوات لتعزيز الشفافية وتفعيل الدور الرقابي بما يليق بموقع المجلس الدستوري ومسؤوليته الوطنية.

*تشريع حاضر.. لكن الفاعلية محل نقاش

يقرّ متابعون بأن المجلس الحالي أنجز حزمة من القوانين التنظيمية المهمة، من أبرزها تعديلات قوانين الأحزاب والبلديات والاستثمار، إلى جانب تشريعات اقتصادية مرتبطة بالإصلاح المالي.
غير أن النائب الأسبق باسل علاونة يرى أن “المجلس انشغل في الكم على حساب النوع، فأقرّ قوانين كثيرة لكنها لم تُدرس بعمق كافٍ من حيث الأثر الاجتماعي والاقتصادي”، مضيفًا أن “بعض القوانين أُقرت دون مشاورات مجتمعية كافية أو جلسات استماع لذوي الاختصاص، وهو ما أفقدها الزخم الشعبي”.

*الرقابة البرلمانية شبه غائبة

أما النائب الأسبق جميل النمري فيصف الأداء الرقابي للمجلس بأنه “الأضعف خلال العقد الأخير”، مشيرًا إلى أن “الرقابة البرلمانية تحولت إلى أدوات شكلية أكثر منها فاعلة”.
ويضيف: “نادرًا ما نشهد استخدام أدوات دستورية كالاستجواب أو طرح الثقة، في حين تهيمن الاعتبارات السياسية والتحالفات الظرفية على المواقف، وهو ما يقلل من هيبة المجلس ودوره الدستوري في محاسبة السلطة التنفيذية”.

*ضعف الكتل النيابية يعرقل العمل

ويعتقد المتابع للمشهد النيابي سليمان الشرايري أن “غياب الكتل البرلمانية المنظمة يمثل العقبة الأكبر أمام تطور الأداء النيابي”، موضحًا أن “العمل الفردي يطغى على المشهد، فلا توجد رؤية موحدة داخل المجلس، بل مواقف متفرقة تعتمد على المصالح المناطقية أو الشخصية”.
ويشير الشرايري إلى أن “المجلس بحاجة إلى إصلاح داخلي يعيد تعريف دوره كسلطة مستقلة لا تابعة، قادرة على إنتاج سياسات ورؤى تخدم الدولة والمواطن على السواء”.

*الأداء غير مقنع والرؤية غائبة

أما الناشطة المجتمعية باسمة غرايبة من محافظة اربد فتصف مجلس النواب بأنه “غير مقنع في الأداء، سواء على الصعيد التشريعي أو في التواصل مع الناس”، مضيفة أن “النائب يجب أن يكون صلة وصل حقيقية بين المواطن وصانع القرار، لكننا نرى فجوة آخذة بالاتساع بين القاعدة الشعبية وممثليها تحت القبة”.
وتتابع: “غياب الشفافية في التصويت، وضعف التواصل الإعلامي مع الجمهور، جعلا المواطن يشعر بالاغتراب عن المجلس الذي يفترض أنه صوته”.

*استطلاع آراء المواطنين: فجوة في الثقة

في استطلاع غير رسمي أجرته “آفاق نيوز” على عينة من المواطنين في عمان وإربد والزرقاء، عبّر أكثر من ثلثي المشاركين عن عدم رضاهم عن أداء المجلس.
وأكد بعضهم أن النواب باتوا يغيبون عن المشهد الشعبي، بينما تتخذ القرارات الكبرى دون نقاش عام أو توضيح كافٍ للرأي العام.

*الإصلاح الانتخابي.. المدخل إلى تجديد الثقة

يتفق معظم الخبراء على أن تطوير الأداء النيابي يبدأ من قانون انتخاب عصري يفرز كتلًا حزبية حقيقية قادرة على تشكيل حكومات برلمانية مستقبلًا.
ويشير علاونة إلى أن “القانون الحالي لا يُنتج حياة حزبية فاعلة ولا يتيح فرصًا متكافئة لتمثيل الشباب والنساء”، معتبرًا أن “الإصلاح السياسي يجب أن يسبق أي تقييم لأداء البرلمان، لأن البناء يبدأ من القاعدة الانتخابية”.

*الثقة تُبنى بالفعل لا بالوعود

رغم الجدل القائم، فإن المشهد النيابي الأردني ما زال قابلًا للتطوير، شريطة أن تُفعّل أدوات الرقابة، وأن تتجه التشريعات نحو تلبية احتياجات المواطن لا تقييدها.
ويبقى مجلس النواب أمام امتحان الثقة الشعبية، التي لا تُمنح ببيانات ولا خطابات، بل تُبنى بالفعل والموقف والمحاسبة، وهي ثلاثية ينتظر الأردنيون أن يروها واقعًا تحت القبة في المرحلة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى