
القس سامر عازر
ونحن نقف على أعتاب العام الجديد ٢٠٢٦، تتزاحم في ذاكرتنا صور عامٍ مضى بما حمله من أثقال وأسئلة وانكسارات، وربما خيبات أمل. غير أن الإيمان يدعونا، في هذه اللحظة الفاصلة، لا إلى الخوف ولا إلى الارتهان لما أصابنا أو اعترانا، بل إلى الثقة العميقة برحمة الله ومحبته، تلك التي لا تتبدل بتبدل الأزمنة ولا تضعف أمام قسوة التجارب.
إن الله القادر على كل شيء، القادر أن يعوّض ويجدد ويهب الحياة بمعناها الأعمق، لم يبخل علينا بأعظم ما لديه، إذ حصّنّا بمحبته الأبوية. فكيف نخاف وقد قال القديس يوحنا الذهبي الفم: «لا شيء أقوى من إنسانٍ يثق بالله؛ فحتى ما يُظن أنه هزيمة، يتحوّل له إلى نصرة»؟
فلنعلم، ونحن نخطو نحو عام ٢٠٢٦، أننا مختارو الله، ولسنا صدفة في هذا الوجود، ولا عابرين بلا معنى. نحن في قلب مشيئته، وتحت نظر عنايته. وإن كان الله معنا، فمن علينا؟
لقد لمسنا واختبرنا محبة الله لنا في شخص السيد المسيح، محبة تحملنا فوق كل شدة وضيق واضطهاد، فوق الجوع والعري، فوق الخطر والسيف. محبة لا تلغي الألم، لكنها تعطيه معنى، ولا تمنع العاصفة، لكنها تجعلنا ثابتين وسطها.
ونحن واثقون أن لا شيء يقدر أن يفصلنا عن محبة الله: لا مغريات الحياة، ولا قسوة الظروف، ولا شدة الموت، ولا أي جبروت أو سلطان. بل إن ما تثقلنا به الحياة أحيانًا يتحوّل، بنعمة الله، إلى رافعة للغلبة والانتصار، لأن محبة الله قد انتصرت لنا وستقودنا دومًا إلى النصرة، لماذا؟ لأن الله معنا.
لذلك ندخل العام الجديد لا بعيونٍ شاخصة إلى ما خسرناه، بل بقلوبٍ معلّقة على من لا يخسر معه أحد. ندخله وقد ألقينا كل حملنا على العليّ القدير، عالمين أن أماننا ليس في تبدّل الظروف بل في ثبات الله، وليس في قوة أيدينا بل في أمانته. نمضي واثقين أن نعمته تكفينا، وأن رحمته تسبقنا، وأن محبته الأبوية تحيط بنا من كل جانب. فمهما كان الطريق، ومهما تعاظمت التحديات، يبقى الرجاء ثابتًا، لأن الله معنا، وما أعدّه لنا يفوق كل تصور، «ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان». هكذا نستقبل عام ٢٠٢٦ بإيمانٍ لا يتزعزع، ورجاءٍ لا يخيب، ومحبةٍ قد انتصرت لنا وستقودنا دومًا إلى الغلبة.







