منبر الكلمة

رحلة مع باصات الزمن الجميل

” نبيل عماري “
يا شوفير وين مودي دربك والله طلوعي جيب البنزين من دمي والبراغي من ضلوعي هكذا غنى الراحل عبده موسى وتلك ذاكرة زمن جميل زمن باصات .
أقصد وأمشي / تلك الباصات القديمة موديلات ما قبل النكبة وما بعدها وتلك الباصات ما زال مكتوب عليها عمان الزرقاء القدس رام الله بيت لحم باصات بحاجة لرجل قوي البنية ليسيطر على الستيرنج والجير والذي يجعر بصورة رهيبة وكانت الناس تقول عن الباص كل شيء به يزمر ما عدا الزامور عدا عن وقفاته المتعددة في النزول والتحميل وصوت راديو الترانزوستر الموجود بجانب الشوفير وصوت اذاعة اذاعة لندن وصوت ماجد سرحان وأفتيم قريطم هنا لندن وصوت العرب من القاهرة وهنا عمان وصوت أشارة الاخبار كمارش عسكري وصوت كبسات الجرس الموجود بالباص للراغبين بالنزول والتي لا يسمعها السائق إلا بعد صياح الراكب الراغب بالنزول وهو يقول نزلني هون فيتم النزول على بعد عشرات الأمتار من الموقع ولا يمشي أو ينطلق الباص إلا عندما يمتلىْ الباص عن آخره بالركاب وقبل الأنطلاق هنالك بائعين جوالين يشقون طريقهم بين الركاب حاملين كيسين كبيرين جداً من علب المحارم،الجيب أو باكيت علكة شعراوي او ويفر ودربسات أو حبات من النواعم والكيكس فيعترضه السائق متحفظاً أن الباص في طريقة للسير بينما الكنترول يلم الأجرة والتي تتراوح بين شلن لعمان و4 قروش لرصيفة و سرعان تنشب مجادلة بين السائق والكنترول والبائع المتطفل وتكاد أن تتحول إلى مشادة، …. تمشي الرحلة من الزرقاء لعمان نزولاً لنهر الزرقاء وذاك الجسر الجميل ورائحة التبن وجمال سريان النهر وحواكير التوت الشامي والجوز وأشجار الحور والمشمش على جانبي السيل تنظر يمنة ويسرة فشجر الدفلى يغني والعليق يطرح ثماره وسمك النهر يضحك وكذا نقيق الضفادع ومصاطب الخس والبقدونس تغازل الشمس تمشي السيارة الهوينا وبعد الجسر تدخل جنة من أشجار السرو واللزاب تعطي هيبة للزرقاء كأنها تستقبلك وتودعك وهي تصطف على الجانبين وبحدها نادي الضباط ببساتينه الرائعة وروائح الياسمين والجوري وتبدأ البساتين الجميلة تزداد أتساعاً في عوجان والربيع يناغي طيور البراري ورائحة زهر الليمون تعانق الحياة وصوت خوار في مزارع البقر فعلا ً هنا الماء والخضراء حول سيل الزرقاء حتى نصل الرصيفة مدينة المنتزهات والطبيعة الجميلة وصوت فريد الأطرش وهو يغني بقى عايز تنساني أو أول همسة والربيع تصدح عبر سماعات تشدو بها تلك المنتزهات وتمشي السيارة او الحافلة لتصل إلى ماركا ومستشفى التضميد او الميدان الأول يلها مطار ماركا مطار المستقبلين اكثر من المسافرين مكان كنا نفرح به ونحن نستقبل وتكبر الدمعة حين نودع مطار كنا نفرح حين نشاهد طائرات الكرافيل وهي تهبط او تطير تمشي السيارة الهوينا لنصل للمحطة حيث القطارات الجاثمة بموقع المحطة الأنيق وحولها بساتين جميلة ننزل إلى حيث عمان البلد هنالك على سفح جبل عالي يوجد قصر رغدان العامر نزولاً للمدرج الروماني ودرج فرعون ، فندق فيلادلفيا الفندق العريق نزل فيه كبار الساسة والشعراء والفنانون الكبار حتى نصل وسط البلد بجمال تلك الحدائق الوسطية المزرعة بورود جميلة معتنى بها جيداً نصل إلى أخر موقف في شارع بسمان ليصار إل اخذ سيرفيس لجبل اللوبيدة حيث بيت الخوال والجد ذاك الجبل الجميل العريق والذي يطل على وسط البلد من برندة دار جدي والأشرفية وجبل عمان فتبدو عمان ليلاً من سفح جبل اللوبيدة شجرة عيد ميلاد تزهو بكل أطياف الألوان ، وهو الجبل الهادىء والذي يتنفس عبق الياسمين ويصحو على صوت أسراب السنونو ويغازل جبال عمان السبعة بمحبتة ويغني بصوت غادة وصبري محمود عمان هلالك طالع فوق الجبال يا جبال السبع معمرها مايل العقال يا هبوب الريح لا تهبي حاميكِ رجال.رحلة ومن الجدير بالذكر أن شوفير تلك الباصات يستعمل عصى مكتوب عليها كلمة قف بدل الغماز والذي كان غير موجود بتلك الباصات أذا اراد الوقوف اول الذهاب يسارا أو يمينا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى