
آفاق نيوز – بدأ رامي بعد “الحرب” التي شُنّت عليه يميل نحو المشايخ و”الدين”، خصوصاً أنه ذو شرعية اجتماعية أكسبته إيّاها “جمعيّة البستان”، بوصفه راعياً ومسؤولاً عن أبناء منطقته، هذا الميل نحو الدين بدأ عبر علاقة مع مشايخ علويين، ليقرأ في “الدين” من وجهة نظر الطائفة العلوية، وليجعل من بُعدها الروحي مرتكزاً لمكانته الجديدة.
غادر رامي مخلوف قصره في يعفور الذي اعتكف به آخر خمس سنوات من عمر النظام تحت الإقامة الجبرية، صباح الثامن من كانون الأوّل/ ديسمبر، بالتزامن مع فرار بشّار الأسد. وصل مخلوف إلى لبنان خفية، وانطلق منه إلى موسكو.
مخلوف الذي كتب في عام 2022 منشوراً يستند فيه إلى علم الأرقام، مبشّراً أن العام 2023 سيحوي تغيّرات كبيرة، لم تسعفه “البصيرة” للتنبّؤ بسقوط النظام، على الرغم من تبنّيه لسنوات، خطاب “درويش متصوّف”، يجلس على الأرض، يقرأ علامات الكون والتغيّرات السياسية، في خطاب شبه صوفي ليناشد الأسد تارةً، ويطالب بـ”العدالة” له ولـ”أهله” تارةً أخرى.
خطاب مخلوف كـ”درويش فقير”، أثار الجدل والسخرية سواء قبل سقوط النظام أو بعده، إذ كيف لواحد من أوجه الفساد السورية أن يتحوّل إلى ما يشبه المتصوّف، ويوظّف بلاغة دينية جوفاء، مخاطباً “أهله وناسه”؟
هذا الميل الديني يفسّر ربما ظهور اسمه كمحقّق وجامع لكتاب “هداية المريدين – التفسير الصوفي في القرآن الكريم المتجليّة آياته على الصور الإنسانية السارية في كلّ عصر وزمان”، إلى جانب الشيخ رفيق يوسف أحمد.
تتبّع بعض محطّات سيرة مخلوف، يدلّ على سعيه لامتلاك مكانة رمزية ضمن الطائفة العلوية، بعد أن عمد “القصر” إلى تقويضه مالياً، وتهديد مصالحه في اللاذقية، ليجد نفسه أمام خيار “الدروشة”، ومحاولة تقديم نفسه كشخصيّة علوية ذات بعد اجتماعي وثقل ربما سياسي، خصوصاً بعد فرار بشّار الأسد.
محطّات الصراع بين “القصر” ورامي مخلوف
بدأت الصراعات داخل الأسرة الحاكمة في عهد الأسد في سوريا تطفو إلى السطح، عبر تسريبات متعدّدة في عام 2017، حين نُزع سلاح بعض عناصر “جمعيّة البستان” التابعة لرامي مخلوف، المصنّفة كـ”جمعيّة إغاثية”، لكنّها خاضعة لعقوبات أميركية بوصفها “داعمة للميليشيات المحلّية”.
الجمعية التي يرأسها رامي مخلوف، ابن خال بشّار الأسد وأبرز الوجوه المالية للنظام حينها، كانت أشبه ببديل عن الدولة التي أهملت “المتطوّعين”، إذ قدّمت العون المالي للمقاتلين و”أسر الشهداء” و”جرحى الحرب”، ما أكسب مخلوف إلى جانب هيمنته الاقتصادية، نوعاً من الاعتبار المحلّي والرمزي في مدينة اللاذقية.
مكانة مخلوف الرمزية، تزعزعت أكثر في عام 2019، حين أوعز نظام الأسد بحلّ فرع “الحزب القومي السوري الاجتماعي” في اللاذقية، التابع لرامي مخلوف الذي يوصف بـ”حزب رامي”، كونه مسؤولاً عن تمويله، وعن “رواتب” الكثير من أعضائه، لكنّ “القصر” لم يتوقّف عند هذا الحدّ، إذ وصل الأمر إلى إنكار “جمعيّة البستان” نفسها في عام 2020 علاقتها بمخلوف، والتأكيد أنها “بإشراف ومتابعة رئيس الجمهورية”، في حين أكّد مخلوف أن الجمعيّة “كانت ترعى ما يقارب 7500 عائلة شهيد، و2500 جريح، إضافة إلى آلاف العمليّات الجراحية ومساعدات مختلفة أخرى”.
الصراع بينه وبين سكّان القصر من آل الأسد يعود إلى سنين الحرب والدم، إذ كان لديه اعتراض على كيفيّة إدارة ابن عمّته بشّار الصراع، سياسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً. كان مخلوف يؤمن بضرورة ترك هامش لتجّار دمشق وحلب لـ “اللعب كما يريدون”، رغم “أكله البيضة والتقشيرة”.
لكنّ ذلك الصراع كان “مُداراً” إلى حدّ ما، ومحتوى كصراعات العائلة الأخرى، أوّلاً لأولوية نجاة النظام من المعركة العسكرية، وثانياً للمكانة الخاصّة التي كانت تحتفظ بها والدة الأسد، أنيسة مخلوف (1930-2016) لابن أخيها رامي.
في بداية العام 2019، علم الأسد أن أحد عناصر “حزب الله”، وهو الحاج سلمان، كان ضمن مرافقي زوجة مخلوف السيّدة رزان عثمان في إحدى زياراتها إلى بيروت، فاستشاط غضباً لمعرفة ذلك، على اعتبار أنها “أقلّ شأناً” من أن يرافقها عناصر من “حزب الله”، الحكاية التي يرويها أحد المقرّبين من مخلوف في تصريح لـ”درج”.
يضيف، أنه بعدها بأشهر قليلة، أعلمت إحدى أجهزة الاستخبارات الخليجية الأسد، أن مخلوف قد فتح خطّ تواصل مع الأميركيين من خلال حماه السيّد وليد عثمان، رجل الأعمال المقيم في رومانيا، ولديه استثمارات وعلاقات في الولايات المتّحدة.
كانت المحادثات الأوّلية مع الأميركيين، تتعلّق بشكل أساسي بالعقوبات، ومدى “إجحاف بعضها بحقّه”، لكنّ ذلك كان إسفين العلاقة مع ابن العمّة في القصر، الذي لم يتوانَ هذه المرّة عن التخلّص من خصمه العائلي بعد “انتصار” عسكري وتجميد خطوط التماس من جهة، ووفاة والدته أنيسة من جهة أخرى.
في عام 2019 بالذات، بدأت تظهر إلى العلن أخبار حملة يشنّها “القصر” على رامي مخلوف، عبر مصادرة أملاكه وتقييد حركة أمواله، حينها بدأ رامي ابن خال الرئيس الهارب بشّار الأسد، يظهر في تسجيلات مريبة، يطلب فيها السماح من “السيّد الرئيس”، واستعادة أمواله التي صودرت بحجّة “التهرّب الضريبي”.
وهنا شهد القصر ولادة “الغروب” الذي أداره يسار إبراهيم، ذراع الأسد الاقتصادي حتى اليوم بعد افتراقهما، والذي كان عماده شركات رامي مخلوف المحلّية، فيما انقسمت العائلة بين الفريقين، حيث اصطفّ شقيقا رامي إيهاب وإيّاد إلى جانب ابن العمّة، بينما وقف الأب والأمّ وحافظ وكندة مع الولد البار.
لم ينهزم مخلوف بسهولة، ففي صيف 2020، أعلن النظام اعتقال اللواء معن حسين رئيس إدارة الاتّصالات العامّة في سوريا، بتهمة “التجسّس لصالح دولة أجنبية”، وإقالته والحجز احتياطياً على أمواله. التهمة الحقيقية حسب المصدر المقرّب من مخلوف، كانت قُربه الشديد من رامي مخلوف، وتسريبه له عدداً كبيراً من سجلّ مكالمات الأسد، التي كان بعضها شديد الحساسية درجة الابتزاز.
رامي مخلوف… درويشاً
بدأ رامي بعد “الحرب” التي شُنّت عليه يميل نحو المشايخ و”الدين”، خصوصاً أنه ذو شرعية اجتماعية أكسبته إيّاها “جمعيّة البستان”، بوصفه راعياً ومسؤولاً عن أبناء منطقته، هذا الميل نحو الدين بدأ عبر علاقة مع مشايخ علويين، ليقرأ في “الدين” من وجهة نظر الطائفة العلوية، وليجعل من بُعدها الروحي مرتكزاً لمكانته الجديدة.
إلا أن اهتمامه الروحاني يعود لأكثر من عقد من الزمان إلى الوراء، وتحديداً للعام 2008، بحسب مقرّبين منه وأحد المسؤولين عن “مكتبته”، عندما تعرّف إلى رجل دين من الطائفة العلوية، وأرشده إلى طريق “الزهد”، في العام ذاته الذي قُدّرت فيه ثروته المعلومة بستّة مليارات دولار، ووجد أنه اكتفى من الدنيا ولم يعد بحاجة إلى مراكمة ثروة، بقدر المحافظة على ما لديه.
عزلة رامي و”دروشته”، بدأت تظهر بشكلها الفجّ في عام 2022، حيث بدأ ينشر فيديوهات يبدو فيها أكثر ورعاً، وعارفاً بخفايا الأمور، حدّ إطلاق التنبّؤات، وبعد سقوط نظام الأسد، حاول مخلوف أن يتبوّأ مكانة قيادية علوية في الساحل السوري، محاولات قوبلت برفض وسخرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بقي شأن غامض حول مخلوف، ما الذي حصل له؟ كيف تحوّل إلى “درويش” وزاهد من نوع ما؟
لا نمتلك الكثير عن مخلوف وحياته وتحرّكاته منذ تجريده من “قوّته” الاقتصادية حتى الآن، لكن اللافت دوماً هو خطابه المحمّل بورع ديني، وتبصّر في أحوال العباد، والزهد في متاع الدنيا، حتى إنه في فيديوهاته يجلس على الأرض، ملتصقاً بأديمها، هامساً أمام عدسة الكاميرا، أو يكتب منشورات مريبة، آخرها كان نبوءة عن رحيل “السفياني”!
لكن، لن نخوض في تحليل المنشور، ما يهمنا، هو مطلعه، الآية التي يفتتح بها مخلوف النبوءة” {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}، وهي الآية 34 من سورة الأعراف.
رامي مخلوف: محقّقاً تاريخياً
اخترنا التعليق على الآية هذه بالذات، كي نعود إلى كتاب “هداية المريدين – التفسير الصوفي في القرآن الكريم المتجليّة آياته على الصور الإنسانية السارية في كلّ عصر وزمان “، الصادر عن “دار الأعلمي للمطبوعات – كربلاء” في ثلاثة مجلّدات، تحوي تفسيراً لسورة الأعراف، دون الإشارة الواضحة إلى الآية التي اقتبسها مخلوف.
يُختم تفسير الآية على لسان ابن عجيبة بـ”ثم إن العباد والزهّاد وأهل البداية من المريدين السائرين- ينبغي لهم أن يزهدوا في زينة الدنيا وطيّباتها، لئلا تركن إليها نفوسهم، فيثبط سيرهم، وأما الواصلون فهم مع الله، لا مع شيء سواه، يأخذون من الله بالله، ويدفعون بالله، وقد اتّسعت دائرة علمهم، فليسوا مع لباس ولا أكل ولا شرب ولا جوع ولا شبع، هم مع ما يبرز في الوقت من المقدورات. والله تعالى أعلم”.
الكتاب ذو العنوان اللافت، ليس أكثر من تجميع لتفاسير قرآنية صوفية أصحابها كلّ من: محي الدين بن عربي، أبو القاسم القشيري، روزبهان البقلي الشيرازي، أحمد بن عمر نجم الدين الكبرى، حسام الدين علي البدليسي، أحمد بن عجيبة، إذ لا مؤلّف واحد للمجلّدات الأربعة، بل جمعها وحقّقها شخصان، الأوّل هو الشيخ رفيق يوسف أحمد، فقيه علوي من اللاذقية، له دروس دينية منتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والثاني، حسب الغلاف، المهندس رامي محمد مخلوف!
الشيخ رفيق يوسف أحمد تصفه صفحة “العلويين” على “فيسبوك”، بـ”كانت العلوم العلوية الخصيبية محور جهوده، فقد كرّس حياته لخدمة هذا العلم وشرح أصوله وقواعده بدقّة ووضوح، قدّم شروحاً لنهج البلاغة، وشرحاً للقرآن الكريم بعنوان “هداية المريدين”، وله مؤلّفات تتجاوز العشر رسائل في ميادين متعدّدة، جعل من منزله مقصداً للفقراء والمساكين بأمر الله تعالى، وفتح بابه لطالب العلم والمشورة، له ردود رصينة محورها الدفاع عن نهج أعلام التوحيد الأوائل”.
لكن، ماذا عن رامي مخلوف؟ كيف يمكن التعريف عنه؟ ابن خال بشّار الأسد، معاقب دولياً، أحد أوجه الفساد في النظام السوري، أخطبوط الاقتصاد، قومي سوري سابق، دروش متصوّف حالياً، ومحقّق وجامع لتفاسير القرآن؟
المجلّدات الثلاثة لا تتبنّى التقاليد الاعتيادية في جمع وتحقيق المخطوطات، كوننا بداية لسنا أمام “مخطوط”، بل جمع ونسخ ولصق لكتب منشورة أصلاً، والاقتباس منها، فتراجم “المؤلّفين” ليست بالجديدة ولا التعليقات عليها، حتى مقدّمة الكتاب هي نصّ سابق لمحي الدين بن عربي، ولا مقدّمة للمحقّقين والجامعين في أي من المجلّدات الضخمة الثلاثة!
متصوّف من دون شيخ!
لا حضور لرامي مخلوف في المجلّدات الثلاثة سوى في الغلاف، واللافت أنه لا تاريخ نشر واضح للكتب الثلاثة، لكنّ دار النشر أعلنت عن توافره في عام 2024، في حين تشير مؤسّسات أخرى إلى أنه طُبع في عام 2022.
ربما تفرّغ مخلوف للتحقيق والجمع بعد أن صودرت أملاكه، فلا تفسير واضح لوجود اسمه (نفترض هنا أنه شارك فعلاً في الجمع والتحقيق) خصوصاً أن بعض منشوراته التي تفتتح بآيات قرآنية، لا يقتبس أو يحاكي في تفاسيرها ما ذكر في الكتاب الذي حقّقه، بل نراه يضع الآية ويرتجل تفسيرات ونبوءات لا سند لها سوى مخيّلته والتراث الإسلامي والتغيّرات السياسية في سوريا!
يحضر ما يحاكي الكتاب في منشور لرامي مخلوف في عام 2022، يحوي الأبيات الشعرية الموجودة على الغلاف المنسوبة لابن عجيبة، وهي: “يا تائهاً في وهْمِهِ عن سِرِّهِ … اُنْظُرْ تَجِدْ فيكَ الوُجودَ بِأَسْرهِ”، عدا ذلك رامي مخلوف فقيه علمه من نفسه، وحرصه على ماله، جاء من كونه مُكلّفاً من الله لخدمة “الفقراء”، لا السرقة والنهب والمشاركة في “كلّ” الاقتصاد السوري.
إن اتّبع مخلوف طريق الصوفية بعد تجريده من أملاكه، وتجلّى له علم الخواصّ الذي نجهله نحن الدهماء، أليس من المفترض أن يكون له شيخ؟ لا معلومات عن سيرة مخلوف الدينية، ولا علاقته الروحية، سوى ما ينشره على وسائل التواصل الاجتماعي، ومصادر محلّية تتحدّث عن تقرّبه من رجال الدين، ولا نعلم إن كان هناك من دلّه إلى جادّة الحقّ، ونقصد الحقّ الحقّ، حيث اللطائف تنادي أصحاب القلوب المتواضعة، لكن وعلى رغم كلّ محاولات السخرية والتهكّم، هناك استعصاء تأويلي، كلّ الحذلقات للتعليق على الكتاب ومحاولة ربطه بمخلوف تفشل، لكنّ اسمه على غلاف الكتاب لا يمكن تجاهله، خصوصاً أنه مسبوق بكلمة “مهندس”، لقبه العلمي!
يمكن التحذلق والقول إن مخلوف تحوّل إلى “متصوف” بعدما صودرت ثروته، وتُرك “على الأرض”، لكنّ تحقيقات استقصائية كشفت أن مخلوف يمتلك في دبي عقارات بالملايين، ولم نسمع من قبل عن متصوّف يمتلك ثلاثة عقارات في مشروع نخلة جميرا، من بينها فيلا فاخرة بمساحة نحو 1.244 متراً مربعاً (دونم و244 متراً مربعاً) بقيمة تقديرية نحو 8 ملايين دولار أميركي!
مخلوف في موسكو
غادر مخلوف قصره في يعفور الذي اعتكَف به آخر خمس سنوات من عمر النظام تحت الإقامة الجبرية، صباح الثامن من كانون الأوّل/ ديسمبر، متّجهاً إلى لبنان على متن سيارة إسعاف، متخفيّاً، مستفيداً من غياب عناصر الأمن عند الحدود السورية اللبنانية؛ الأمر الذي استمرّ قرابة يومين بُعيد سقوط النظام.
من لبنان غادر في اليوم التالي إلى موسكو، التي يقيم فيها حتى الآن في فندق فاخر لصديق العائلة وشريك والده. ورغم أنه التزم نوعاً من الصمت تجاه ما جرى من تغيير قبل حدوث مجازر آذار/ مارس في الساحل، رفض عرضاً مغرياً من اللجنة الاقتصادية بـ”تسوية أوضاعه” مقابل 50٪ مما لديه؛ وهو عرض شديد السخاء مقارنة بعروض الـ 80 – 20٪ التي قُدّمت لرجالات الأسد الآخرين، حسبما لمّح في أحد منشوراته.
جاء رفضه انطلاقاً من مبدأ “لا مهادنة” مع النظام الجديد، فالذي انتصر على بشّار الأسد، لن يهزمه “أبو مريم الأسترالي”، إضافة إلى إيمان راسخ بأن أحمد الشرع هو حقّاً “السفياني”، الذي سيعيث في أرض الشام فساداً، ويسبق ظهوره ظهور الإمام المهدي، حسبما كتب في منشوراته، أُضيف إليه إيمان ترسّخ بأنه فعلاً “فتى الساحل” المنقذ.
عمار المأمون – فراس دالاتي








