
إذا قلتُ إنني أحبُّ وطنًا أكثر من وطني فأنا لا أكون مخطئًا فحسب بل أكون جاحدًا لأرضٍ تنفّستُ هواءها ونشأتُ بين أكنافها ودرجتُ طفلًا على ترابها حتى صرتُ رجلًا.
فلا وطن يُقدَّم على الوطن ولا أرض تعلو على الأرض التي وُلدتُ وعشتُ عليها.
نعم أحبُّ جميع الأقطار العربية والإسلامية وأتمنى لها الخير كما أتمنى لوطني وأفرح لفرحها وأحزن لألمها وهذا من تمام الانتماء لا من نقصه.
وحتى الدول الأخرى التي لا تربطنا بها عقيدة ولا لغة ولا جوار ولا عادات لا أقول إنني أحبها لكنني لا أكرهها لذاتها فالأصل في البشر السلام إلا من عادانا فله حكم العداء.
ويثير عجبي أولئك الذين يساوون بين أوطانهم وأوطانٍ أخرى أو يفضّلون بلادًا على بلادهم وكأنّ الوطن يجب أن يكون على هواهم وحسب ما تشتهي أنفسهم حتى يحبّوه.
اسألوا من أكثر الأسفار، واسألوا من اضطر إلى الاغتراب:
ما معنى الوطن؟
ستعرفون أن الوطن ليس راتبًا أعلى ولا شارعًا أنظف ولا نظامًا أدقّ
هذه أشياء ضرورية وتتفاوت من مكان لآخر على هذه الأرض لكن الوطن إحساسٌ لا يُشترى ولا يُقارن.
قد لا تجد في وطنك كل ما تطمح إليه وقد تغيب مفاهيم العدالة أحيانًا، وقد تُهضم حقوق، وقد تتعرّض لظلم أو جور من بشرٍ هم مثلك، لكنهم لا يمثّلون الوطن.
وقد تُعجب بحضارة بلد أو بتطوّر دولة أو بمستوى معيشي مرتفع، لكن الوطن غير ..
هو كالأم التي تعشق إبنها وإن كان معاقاً وإن كان ذميم الخلقه لكنها تراه اجمل من في الوجود أما سمعتم المثل الذي يقول :
القرد بعين امه غزال
الوطن هو المكان الذي إن انكسرتَ فيه احتواك وإن أخطأتَ فيه غفر لك وإن ابتعدتَ عنه اشتقتَ إليه بلا سبب.
هو المكان الذي تشعر فيه بعزّتك لا بغيره
مهما أغدق عليك الآخرون من مالهم وجاههم.
وفي حقّ الوطن، لا تستهِن بشيء… ولو كانت كرة قدم.
لا يجوز أن تشجّع غير بلدك.
قد لا تكون متابعًا لكرة القدم أو لا يهمك شأنها وهذا حقك
وقد ترى انت – كما أرى أنا – أن كرة القدم ملهاةٌ ومضيعةٌ للوقت وهذا رأيٌ يحترم ولي فيه حديثٌ مستقل لاحقًا ان شاءلله .
لكن حديثي هنا لمن يتابع ويشجّع:
حين يلعب الوطن فالشعور معه و له، والوقوف معه ليس خيارًا بل موقف.
ولا تحاول أن تجمع بين انتماءين فما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه.
الوطن ليس كاملًا، لكنه لك.
ولا يُقاس الحبّ بالكمال بل بالانتماء.
الشيخ مطلق الحجايا








