
وجّه النائب محمد الغويري واحدة من أكثر المداخلات حدّة خلال مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة، مقدّماً قراءة نقدية اعتبر فيها أن الحكومة “تكرر الوصفة نفسها كل عام، وتنتظر نتائج مختلفة”، بينما يزداد العجز وتتعمّق الأزمات وتتسع الفجوة بين المواطن والدولة.
وقال الغويري إن الموازنة المعروضة على المجلس لا تعالج جذور الفقر ولا تعيد الأمل للشباب ولا توقف زوال الطبقة الوسطى، بل تمضي في تحميل الأردني ثمن السياسات المالية دون أن تقدّم له بديلاً أو رؤية أو حتى بارقة أمل. وأكد أن الحكومة بهذه الموازنة تقول للمواطن:
“اصبر أكثر… ادفع أكثر… وتحمّل أكثر”، في وقت بلغ فيه الضيق الاقتصادي حداً لا يمكن تجاهله.
وأضاف أن المتقاعدين—وهم الفئة التي يفترض أن تحظى بالأمان الاجتماعي—تُخاطبهم الحكومة بعبارة: “تحمّل أكثر”، رغم أن رواتبهم ثابتة ومتآكلة، بينما يعاني الشباب من انسداد الأفق، فلا برامج تشغيل، ولا فرص حقيقية، ولا بيئة اقتصادية جاذبة، وكأن الموازنة تطلب منهم “الانتظار إلى أجل غير مسمى”.
وشدّد الغويري على أن الحكومة مجبَرة لا مخيَّرة في إعادة الميزان الاقتصادي والاجتماعي إلى مكانه السليم، لأن استمرار النهج الحالي يعني استمرار التدهور، مبيناً أن المطلوب هو مراجعة شاملة للسياسات لا تكتفي بتقليص الأرقام بل تعيد ترتيب الأولويات لمصلحة الناس.
وفي محور القطاع الصحي، اعتبر الغويري أن الموازنة تكشف عن “غيابٍ صادم” لأولوية صحة المواطن، متسائلاً:
كيف يمكن قبول موازنة لا ترفع مستوى المستشفيات الحكومية ولا توفر الأدوية ولا تختصر مواعيد المرضى؟
وقال إن المئات من الأردنيين ينتظرون شهوراً للحصول على موعد، بينما تفتقر المستشفيات للتجهيزات الأساسية، ويعمل الأطباء والكوادر وهم بلا دعم حقيقي ولا حوافز، قائلاً: “أي موازنة هذه التي لا ترى أوجاع الناس في أقسام الطوارئ؟”
وأكد أن تحسين الخدمات الصحية ينبغي أن يكون بنداً أساسياً لا ثانوياً، لأنه يعكس كرامة المواطن وحقه الطبيعي في العلاج، مشيراً إلى أن ميزانيات الصحة في الدول التي تحترم مواطنيها تُعدّ استثماراً وليس عبئاً.
وختم الغويري مداخلته بالتأكيد على أن الموازنة بصورتها الحالية “لا تُبقي للدولة أي هامش للمناورة ولا تمنح المواطن أي فرصة للالتقاط أنفاسه”، مطالباً الحكومة بإعادة صياغتها بما ينسجم مع الواقع ويعيد الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.








