
د. هبه حتامله
أستاذ مساعد / قسم إدارة المستشفيات / تخصص المعلوماتية الصحيه
جامعة فيلادلفيا
رد أكاديمي على تصريحات وزير التعليم العالي بشأن مؤشر النزاهة البحثية، راجياً من جميع الأصدقاء اعتبار هذا الرد بمثابة رد شخصي يعبر عن رأي صاحب المنشور:
تابعنا باهتمام بالغ التصريحات التي أدلى بها معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة، والتي كشف من خلالها عن واقع صادم يتعلق بتراجع النزاهة البحثية في الجامعات الأردنية، وظهور ممارسات غير أخلاقية تتضمن التزوير، والسرقة العلمية، والاستغلال غير المنضبط لأدوات الذكاء الاصطناعي، في سبيل تحسين التصنيفات العالمية.
بصفتي أكاديميًا معنيًا بجودة التعليم العالي والبحث العلمي، فإنني أجد في هذه التصريحات فرصة مهمة لمراجعة الذات المؤسسية والأكاديمية، ولإعادة توجيه البوصلة نحو القيم الحقيقية التي بُنيت عليها الجامعة كمؤسسة معرفية وتنموية.
إن الانجرار خلف التصنيفات العالمية من خلال وسائل غير نزيهة، كشراء المشاركات في المؤتمرات، أو منح تعيينات فخرية لباحثين أجانب فقط لنسب أبحاثهم للجامعة، هو تزييف للواقع لا يخدم سمعة المؤسسة، بل يهددها على المدى الطويل، ويضعف من القيمة الحقيقية للإنتاج المعرفي الأردني.
وفي هذا السياق، أود التأكيد على ما يلي:
الجامعة ليست رقمًا في تصنيف، بل هي منظومة أخلاقية وفكرية، قوامها البحث النزيه والتعليم النوعي وخدمة المجتمع.
النزاهة الأكاديمية يجب أن تكون عنصرًا أساسيًا في السياسات البحثية، لا مجرد بند شكلي في مدونات السلوك.
من الضروري تفعيل دور مجالس البحث العلمي داخل الجامعات، وتعزيز الرقابة الداخلية والخارجية على نوعية وجودة الأبحاث المنشورة.
يجب أن تخضع كل الجامعات لمراجعة دورية شفافة من جهة مستقلة، ويتم ربط الدعم الحكومي بتقارير النزاهة والأداء الحقيقي، لا بالتصنيفات الشكلية.
إنّ تدريب الأكاديميين وطلبة الدراسات العليا على أخلاقيات البحث العلمي، ومهارات النشر المسؤول، لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحّة.
ختامًا، لا يمكن أن ننهض بتعليمنا العالي دون وقفة شجاعة تعترف بالتحديات وتتعامل معها بمهنية وشفافية. فالتستر على هذه الممارسات لن يخفيها عن أعين المجتمع الأكاديمي الدولي، بل سيضاعف من تداعياتها. أما مواجهتها بالإصلاح الصادق، فهو السبيل الوحيد لحماية سمعة الأردن العلمية، وتعزيز مكانته كمركز إقليمي للعلم والمعرفة.







