
بقلم مشعل الأزرعي
يصادف اليوم يوم عيد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في 25 أيار من كل عام، حيث التأم المجلس التشريعي الأردني في اليوم ذاته من عام 1946، وتُلي فيه القرار التاريخي بإعلان استقلال المملكة، حيث جاء في نص هذا البيان ما يلي:- “وبمقتضى اختصاص المجلس الدستوري، تقرر بالإجماع إعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالا تاما، وذات حكومة ملكية نيابية وراثية، والبيعة لجلالة الملك وسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية عبدالله بن الحسين المعظم، بوصفه ملكا دستوريا على رأس الدولة الأردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية”. ومنذ ذلك الحين انتهجت الدولة الأردنية وعلى مدى 79 عاما، نهجا راسخا في الإصلاح والعدالة والعيش المشترك وقبول الآخر والعمل من أجل التطوير، وذلك من أجل تحقيق التنمية الشاملة وتأمين العيش الكريم لأبنائها، كما أرسى المغفور له بإذن الله، الملك المؤسس عبدالله الأول، قواعد إنشاء دولة المؤسسات التي تستند للدستور، والذي خط بنوده المغفور له بإذن الله الملك طلال بن عبدالله رحمه الله منجزا بذلك دستورا حضاريا. تسلم جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه بعدها سلطاته الدستورية معلنا بداية مرحلة من المجد عنوانها اعلاء بنيان الوطن بنهضة حديثة تواكب التطلعات وتلبي الطموحات. وألقى المغفور له بإذن الله جلالة الملك المؤسس عند إعلان الاستقلال خطاباً، جاء في نصه: “وإننا في مواجهة أعباء ملكنا وتعاليم شرعنا وميراث أسلافنا لمثابرون على خدمة شعبنا والتمكين لبلادنا والتعاون مع إخواننا ملوك العرب ورؤسائهم لخير العرب جميعاً ومجد الإنسانية كلها”. مصادقا على قرار إعلان الاستقلال، ومصدِراً أول إرادة ملكية.
مر الأردن بالعديد من المحطات بعد إعلان استقلاله، ومن أبرز هذه المحطات المشرفة التي نهضت بالأردن كانت بداية انطلاقتها في العام 1947 بمجلسي الاعيان والنواب وصدر أول دستور في عهد الاستقلال في 8 يناير من عام 1952, وأرتقى في عام 1951 المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبد الله بن الحسين شهيدا على عتبات المسجد الأقصى، وتولى جلالة الملك طلال بن عبد الله رحمه الله سلطاته الدستورية. ومن العام 1952 صدر الدستور الأردني الثاني في عهد الإستقلال، وفي عام 1953 تولى المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال سلطاته الدستورية ليدخل الأردن عهدا جديدا من البناء والتطوير، وفي عام 1955 أصبح الأردن عضواً في الأمم المتحدة، وبعدها في عام 1956 تم تعريب قيادة الجيش العربي الأردني المصطفوي، وفي عام 1957 تم الإعلان عن إنهاء المعاهدة الأردنية البريطانية.
أما على الصعيد الأكاديمي والعلمي تأسست اول جامعة اردنية عام 1962، وعلى صعيد النقل تأسست شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية عام 1963، وعلى الصعيد الإعلامي تم انشاء التلفزيون الأردني عام 1968, ومن نفس العام انتصرت القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي المصطفوي في معركة الكرامة الخالدة، وفي عام1971 تم إنشاء الاتحاد الوطني الأردني وتم تأسيس المدينة الطبية عام 1973.
أما على صعيد جهود الأردن في تحقيق السلام انعقد مؤتمر القمة العربي (قمة الوفاق والاتفاق) في عمّان عام 1987.
وفي عام 1994 تم توقيع اتفاقية السلام الأردنية-الإسرائيلية. في عام 1999 توفي المغفور له بإذن الملك الباني الحسين رحمه الله، ليتولى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه سلطاته الدستورية ملكا للبلاد.
ومنذ تولي جلالته سلطاته الدستورية قاد مسيرة جديدة زاخرة بالمنجزات في كافة المجالات التي تخدم المصلحة الوطنية، ففي عام 2000 تم تأسيس منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وتأسس المركز الوطني لحقوق الإنسان عام 2002.
وفي عام 2009 صدرت الإرادة الملكية السامية بتعيين الأمير الحسين بن عبدالله الثاني وليا للعهد، وأجريت تعديلات دستورية عام 2011, وانشئت المحكمة الدستورية عام 2012 وفي نفس العام صدرت الورقة النقاشية الأولى لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وبعدها بعام قام جلالته بتدشين مشروع الديسي الاستراتيجي لجر المياه عام 2013 ، وفي نفس العام تم توقيع اتفاقية تعزيز الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وفي عام 2019 عادت الباقورة والغمر بسيادة أردنية كاملة، وتم في عام 2021 العمل على إصلاحات سياسية شملت تشكيل لجنة ملكية تعنى بتحديث المنظومة السياسية لإجراء تعديلات دستورية وسن قوانين جديدة تعنى بالانتخاب والأحزاب السياسية.
-يوم البيعة والوفاء ومحطات بارزة من منجزات مسيرة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه:-
في 7 شباط/ فبراير عام 1999، كان يوم الوفاء والبيعة: الوفاء للملك المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال، والبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، والذي تسلم سلطاته الدستورية، ملكاً للأردن، ومنذ تولي جلالته سلطاته الدستورية، ما وفر جهدا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. أما على صعيد القضية الفلسطينية أكد جلالته على أهميتها وضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، كما شكل إعلان جلالته بإنهاء العمل بالملحقين الخاصين بمنطقتي الغمر والباقورة في اتفاقية السلام، وفرض السيادة الأردنية الكاملة عليها، انتصاراً للإرادة السياسية الأردنية، التي يمثلها جلالة الملك. وتقديرا لسياسة جلالته الحكيمة وجهوده في تحقيق السلام والاستقرار والوئام والتسامح في منطقة الشرق الأوسط، تسلم جلالة الملك جائزة “رجل الدولة – الباحث” لعام 2019، التي منحها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. ولأن دور جلالة الملك المحوري وجهوده الكبيرة في المنطقة يحضيان باهتمام وتقدير عالمي، تسلم جلالته جائزة تمبلتون وسط حضور عدد من الشخصيات العالمية، والقيادات السياسية والفكرية والدينية، لتعكس أهمية جهود جلالته على الصعيد العالمي في تحقيق الوئام بين الأديان، وحماية المقدسات
الإسلامية والمسيحية في القدس. كما تقلد جلالته هذه الجائزة، والتي تعّبر عن إنجازاته في المجالات التي تعنى بها هذه الجائزة، والمتمثلة في نشر العلم والمعرفة ومبادرات جلالة الملك لتحقيق الوئام بين الأديان، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وحماية الحريات الدينية، إلى جانب منح جلالته جائزة مصباح السلام لعام 2019 تقديراً لمساعيه في تعزيز وارساء قواعد حقوق الإنسان والتآخي والسلام في الشرق الأوسط والعالم، وجهود الأردن في استضافة اللاجئين. كما تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، جائزة زايد للأخوة الإنسانية في نسختها لعام 2022، تقديراً لجهودهما المبذولة في تعزيز الأخوة الإنسانية واحترام التنوع والتعايش السلمي، وتسلما أيضا، جائزة “الطريق إلى السلام”، التي تُمنح من قبل مؤسسة الطريق إلى السلام التابعة لبعثة الفاتيكان في الأمم المتحدة، تقديراً لدورهما في تعزيز الحوار والوئام بين الأديان، وفرص تحقيق السلام، وجهود الأردن الإنسانية في استضافة اللاجئين. 79 عاما وتستمر مسيرة التطوير والبناء والعطاء، فالاستقلال ليس مجرد يوم نحتفل فيه، بل هو خارطة لطريق رسمها الأجداد، عنوانها الانتماء الصادق، ليرثها من بعدهم الأبناء حاملين راية الأردن، واضعين نصب أعينهم رفعة الوطن وسلامته، من جيل إلى جيل، سائرين بخطوات راسخة ترنوا دوما لغد أردني بهي.








