
بقلم: الدكتورة المحامية ثروت الحلواني
في كل عام، ومع إشراقة يوم الخامس والعشرين من أيار، يحتفل الأردنيون بعيد الاستقلال، ذلك اليوم الذي لم يكن مجرد إعلان رسمي لحرية الوطن، بل تجسيد حي لإرادة شعب، وبداية لمسيرة وطن لا يعرف المستحيل. وبين صفحات التاريخ وواقع الحاضر، يقف الأردن شامخًا بقيادة هاشمية حكيمة، تجسدت في شخص جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، القائد الذي حمل الأمانة وواجه التحديات بصبر، وحوّلها إلى فرص للبناء والنهوض.
رؤية ملك… وبصمة قائد
منذ توليه سلطاته الدستورية عام 1999، وضع جلالة الملك عبد الله الثاني نصب عينيه مشروعًا وطنيًا شاملًا لبناء الدولة الحديثة، القوية، والمتطورة، مع الحفاظ على ثوابتها الأصيلة. وفي عالم مضطرب سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، كان الأردن بقيادته بوابة للسلام والاستقرار في المنطقة، وحاضنًا لقيم التعايش والوسطية.
قاد الملك عبد الله الثاني إصلاحات دستورية وتشريعية عميقة، وعزّز من سيادة القانون واستقلال القضاء، وأطلق مبادرات للنهوض بالتعليم، والرعاية الصحية، والبنية التحتية، وتكنولوجيا المعلومات. كما كرّس جهوده في دعم الشباب وتمكين المرأة، وجعل من ملف التحديث الإداري والاقتصادي والسياسي أولوية وطنية.
التحديات… والصمود الأردني
لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. فقد واجه الأردن أزمات إقليمية متلاحقة، من تبعات القضية الفلسطينية، إلى الحروب المجاورة، وصولًا إلى موجات اللجوء التي فاقت طاقة أي دولة في العالم. كما واجه الاقتصاد الأردني ظروفًا ضاغطة بفعل الأزمات العالمية، من ارتفاع أسعار الطاقة، إلى تأثيرات جائحة كورونا، والحروب الدولية.
لكن، وبرغم كل ذلك، حافظ الأردن على استقراره وأمنه، بل وواصل دوره الإنساني والأخلاقي في احتضان اللاجئين والدفاع عن قضايا الأمة، وعلى رأسها القدس الشريف، بقوة الشرعية التاريخية والدينية التي يتمتع بها الهاشميون.
إلى المستقبل… بثقة ويقين
اليوم، وفي الذكرى التاسعة والسبعين للاستقلال، ينظر الأردنيون إلى المستقبل بعين الأمل، مستندين إلى ما تحقق من منجزات، ومؤمنين بأن الأردن سيبقى صامدًا بوجه التحديات، منفتحًا على فرص النهوض، مستمرًا في مسيرة التحديث السياسي، والتنمية الاقتصادية، والنهضة الإدارية.
لقد أطلق جلالة الملك، وبمتابعة ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، مرحلة جديدة من العمل الوطني، تقوم على الشفافية، والكفاءة، والمشاركة الشعبية. وهذا ما يجعل من عيد الاستقلال مناسبة لا للاحتفال بالماضي فقط، بل للعهد مع المستقبل أيضًا.
نؤكد على ان عيد الاستقلال ليس فقط ذكرى، بل روح تسري في وجدان كل أردني وأردنية. هو موعد سنوي نحتفل فيه بما تحقق، ونتجدد فيه بالعزم لنواصل البناء. فكل عام والأردن أقوى، وكل عام ورايته خفاقة بقيادته وشعبه وجيشه، وكل عام واستقلالنا بوابة لمزيد من السيادة والكرامة والإنجاز.







