
عوض ضيف الله الملاحمة
هل سمعتم كلمة / احمد داود أوغلو رئيس وزراء تركيا الأسبق ؟ إسمعوا ماذا قال عن غزة نصّاً :— [[ .. للإنضمام الى تركيا ، كمنطقة تتمع بالحكم الذاتي ، بصفتي تركياً ، وواحداً من رعايا الإمبراطورية العثمانية . أقول هذا الى ترامب بصفتي تركياً ، آخر دولة شرعية للفلسطينيين في غزة ، كانت الإمبراطورية العثمانية ، بعد ذلك تم إنشاء الإنتداب البريطاني ، ولكنهم لم يمنحوهم أي جنسية . ثم جاءت إسرائيل ، والتي هي غير شرعية تماماً ، ولم تمنحهم أي جنسية أيضاً . نحن بصفتنا جمهورية تركيا ، الإمتداد الشرعي من الإمبراطورية العثمانية ، يجب ان نعامل أهل غزة باعتبارهم إمتداداً تاريخياً لنا ، أقارب ومواطنين . دعوا أهل غزة يجرون إستفتاءاً للانضمام الى تركيا كمنطقة تتمتع بالحكم الذاتي حتى يتم إنشاء دولة فلسطينية . هل يظنون ان امريكا ستأتي للإستيلاء على غزة ، ولن نحمي أهل غزة ، الذين إضافة الى كونهم رعايا الدولة العثمانية لم يقبلوا اي جنسية اخرى قط ، بعد ان حارب اسلافنا من أجل هذه الأرض ؟ اذا كان هناك هجرة يا ترامب فقد قمت بنقل الإسرائيليين هنا قبل قرن من الزمن خُذ صهاينتك الغاليين الى أراضي امريكا الشاسعة ، انقلهم الى هناك ، خذهم بعيداُ . اذا كنتم تريدون وطناً للفلسطينيين فلماذا لا تعطون أرضاً للأمريكيين الأصليين ، الذين سرقتم أراضي أجدادهم ودعهم يؤسسون دولتهم الخاصة ]] . إنتهى الإقتباس .
يا احمد أوغلو ، رغم ان كلمتك الموجهة الى الرئيس الأمريكي ترامب تضمنت موقفين رائعين الأول : قولك ان يأخذ أحبائه الصهاينة الى امريكا . والثاني : إشاراتك الى سكان أمريكا الأصليين وسلب وطنهم ، الا أنك يا أوغلو أوغلت ، وغِلت ، وتوغلت ، وتغولت كثيراً جداً .
يا أوغلو ، كلامك ينفث سُماً زعافاً يتمثل في أنك كمواطن عثماني لا زلت طامعاً بالعرب ، وتعتبرنا إمتداداً لإمبراطوريتك العثمانية الطورانية البغيضة . ما الذي ترجوه منا بعد إحتلالكم ، واستعماركم ، وسرقاتكم ، ونهبكم لخيرات العرب ، وقتلكم لنا ، وإجرامكم فينا ؟ لا أظن انك نسيت كم أعدمتم من رجالات الكرك الشماء برميهم من أعلى القلعة ، هذا الفعل الوحشي الذي تتفاخرون به .
يا أوغلو ، أتيتمونا متسترين بلباس الدين ، مع انكم تلبسون ثوب العلمانية ، وغيّرتم أحرف لغتكم العربية الى اللاتينية . وها انتم تتربصون بسوريا وتطمعون بالسيطرة عليها وقضم شمالها الحبيب ، ولم تكتفوا بإحتلالكم لواء الإسكندرونة منذ عام ١٩٣٨ بعدما تواطأت فرنسا معكم . تركيا لم ولن تتخلى أبداً عن اطماعها في الوطن العربي بأكمله ، ومحاولات استغلاله ونهب ثرواته ، وخيراته ، ومصادرة قراراته .
أتمنى أمنية يستحيل تحققها . وأمنيتي كمواطن عربي غيور على عروبته ان نتخلص من جوار الأتراك العثمانيين . هذه الجيرة التي فرضتها علينا الجغرافيا ، التي لا انفكاك ولا خلاص منها .
شخصياً ، أتمنى لتركيا كل الخير — كما أتمنى ذلك لإيران — شريطة ان يتركوا العرب وشأنهم ، وان يوقفوا أطماعهم ، ويغيّروا من قناعاتهم وسياساتهم المتمثلة في التدخل بالشأن العربي .
تركيا العثمانية الإستعمارية الإستغلالية البغيضة جوارها دمرنا ، وألحق بنا أضراراً لا تعد ولا تحصى . تركيا التي استعمرتنا لخمسة قرون ، هي السبب الرئيسي في تخلفنا عن ركب الحضارة المعاصرة . تركيا العثمانية الإستعمارية لا تدعي الإسلام فقط ، بل تتبنى الإسلام السُني ، وتحاول التسلل من خلاله . تركيا التي حرّمت على العرب إستخدام الآلة الطابعة واعتبرتها من المحرمات ، ومن أفعال الشيطان ، مع انهم كانوا يستخدمونها داخل تركيا .
تركيا التي تستغل الإسلام السني ، ولا تترك لا شاردة ولا واردة الا وتحشر أنفها الكريه البغيض فيها . تركيا التي قهرتنا ، وقتلت العرب عندما زجتهم في جبهات القتال الأمامية في اوروبا لتحقق اطماعها التوسعية ، فيما يعرف بسفر برلك . تركيا التي أذلت واحتقرت كل عربي . تركيا التي نهبت خيراتنا وثرواتنا . تركيا التي إنسحبت من أرض العرب باتفاق مع المستعمرين البريطاني والفرنسي باتفاقيات إجرامية . تركيا التي وضعت اللبنة الأولى لتأسيس الكيان الصهيوني ، عندما انسحبت وسلمت الأراضي العربية لبريطانيا اللعينة الخبيثة لتطلق يدها في تأسيس وتمكين الصهاينة من تأسيس كيانهم في فلسطين ، وتركتنا ونحن في حالة ضعف وفقر وتخلف — هم سببه — ليسهل على المستعمر البريطاني والفرنسي ليعيثوا فينا فساداً وإفساداً واستغلالاً وتقسيماً وتقتيلاً .
وعندما غادرت تركيا الأراضي العربية وسلمتنا لأسوء دولتين استعماريتين حيث تم تقسيمنا الى أجزاء على يد اللعينين سايكس وبيكو . واقتطعت هي لواء الاسكندرونة بالاتفاق مع المستعمر الفرنسي . مع انه كان يتبع محافظة حلب ، واغلب سكانه من العرب ، وتبلغ مساحته حوالي ( ٤,٨٠٠ ) كم مربع ، ويصل عدد سكانه الآن حوالي ( ١ ) مليون نسمة .
والأنكى ان تركيا العثمانية تربطها علاقات استراتيجية قوية ومتعددة مع الكيان الصهيونى ، والمخفي منها أعظم بكثير مما يظهر للعلن . وما يؤكد كرههم للعرب ما يتم من إعتداءات على السياح العرب واحتقارهم لهم ورفض الكثيرين منهم تقديم الخدمات للعرب ، وبعضهم يرفض بيع السياح العرب السلع التي يودون شرائها ، تصوروا ذلك ، بدل ان يحترمونهم لانهم يساهمون في رفد اقتصادهم بالعملات الأجنبية ، علماً بان الجهات المختصة العالمية تقدر ان السائح العربي الواحد يُنفق ما يعادل ( ٢٠ ) سائحاً من الجنسيات الأخرى .
كم أخاف على سوريا الحبيبة من العدو الصهيوني وتركيا العثمانية . فبعد ان قضمت لواء الاسكندرون قبل حوالي مئة عام عندما اهدتها إياه فرنسا ، اخاف على ان تقضم الآن جزءاً من الشمال السوري ، بعد ان قضم العدو الصهيوني أراضٍ وصل فيها الى جبل الشيخ . وكم أخاف من حشرها أنفها في غزة . يا أوغلو أرجوك إترك غزة وشأنها ، ولا تكن ذراعاً آخر لتحقيق اهداف الكيان الصهيوني ، وتتسابق وتتنافس مع الأمريكان لخدمة الكيان .
يا الله ، يا هالوطن العربي ، الكل يتنافسون ، ويتسابقون على الإستئثار بك والسيطرة عليك ونهبك . وأختم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : (( يوشك ان تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها ، قيل يا رسول الله ، أمِن قلة بنا ؟ قال : لا ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، تنزع المهابة من قلوب عدوكم منكم ويوضع في قلوبكم الوهن .. )) . صدق رسول الله صلى الله عليه وسلّم . قلت وقولك الحق يا سيدي يا رسول الله ، وكأنك تعيش بين ظهرانينا الآن ، انت لا تنطق عن الهوى ، بل وحيٌ يوحى . وكما قلت يا رسول الله :(( لا تقوم الساعة حتى تعود أرضُ العرب مروجاً وأنهاراً )) . يااااااارب ، يااااااالله ، يا حبيبي يا رسول الله .