المغتربون الأردنيون ثروة هامة وباب واسع للاستثمار

آفاق الاخبارية :
المغتربون الأردنيون ثروة هامة وباب واسع للاستثمار
الدكتور حسن البرماوي

ان المغتربين الاردنيين في الخارج يشكلون وفق الكثير من الاحصائيات والتقارير ما لا يقل عن 14 % من اجمالي عدد سكان الاردن واغلبية هؤلاء هم في الخليج العربي ؛ اذ تشير الكثير من التقديرات الى ان 70 % من المغتربين الاردنيين يتواجدون في منطقة الخليج وزهاء 25% في الولايات المتحدة واوروبا والبقية في مختلف انحاء العالم.

متوسط الدخل السنوي للمغترب الاردني وفق العديد من التقديرات يصل الى 38000 دينار اردني سنويا، وهذا يعني ان مداخيل المغتربين الاردنيين السنوية تقترب من اربعة مليارات دينار، وهذا يعادل دخل ثلاثة ملايين اردني مقيمين في المملكة، اي ثلث الاردن تقريبا.

طبعا الدول التي بها العدد الاكبر من الاردنيين هي دول ذات مداخيل مرتفعة قياسا بالاردن، وتشير التقديرات الى ان حجم التحويلات التي تصل الاردن لا تتجاوز 2.3 مليار دينار سنويا، اي ما يعادل نصف مداخيل المغتربين ويتم ايداع النصف الاخر في بنوك الدول المضيفة لسنوات طويلة.

وهناك تقديرات تشير الى تراكم عشرات مليارات الدولارات للاردنيين المغتربين في بنوك بلدان الاغتراب خلال الثلاثين عاما الماضية. ان هذا رقم مغر لكل مهتم بازدهار الاقتصاد الاردني، وهو رقم يمكنه انتشال الاقتصاد الاردني من ضائقته تماما، بل يمكنه ايضا الاخذ بالاردن الى مستوى عال من الازدهار وارتفاع معدلات الدخل السنوي الاردني.

لو ان بالامكان الاتيان بمدخرات الاردنيين في الخارج للاردن كاملة لكان هذا عملا اقتصاديا رائعا ووطنيا، و السؤال الذي يجب علينا طرحه كيف السبيل لجعل المغتربين الاردنيين في الخارج يحولون كامل مداخليهم للبنوك الاردنية؟ وما الذي يعيق هذا ؟، ثم ما الحوافز الممكنة والمغريات التي يمكن ان تجعل الاردني يحول كل دخله لحسابه في الاردن؟.

انا اعتقد ان هذه مسألة جوهرية وعلى الاجهزة الاردنية ذات الشأن ان تدرس هذا الامر بعناية وان تحاول ايجاد السبل لتحقيق هذا الهدف تدريجيا.

هناك 60 % من المغتربين الاردنيين يخططون للعودة قبل سن التقاعد للاردن، وهذا يعني ان تتراكم مداخيلهم لما يقارب 30 عاما في بنوك الدول المضيفة، ان هذا رقم مذهل بكل المقاييس وعلى الحكومة ان تجد الحيلة والوسيلة لجذب هذه الاموال للبنوك الاردنية.

في الغرب والولايات المتحدة الامريكية هناك ما يقارب 300000مغترب اردني وهذه شريحة مالية وعلمية وثقافية وفنية مبدعة وانا اعتقد ان تحويلاتها للاردن تكاد تكون صفرا نظرا لما تتمتع به هذه الدول من امان مالي ، اذ تنعدم مخاوف المغتربين الاردنين في الغرب على مدخراتهم واستثماراتهم نظرا لسطوة القانون والحماية المتوفرة للجميع . وانا اعتقد ان حجم مدخرات هذه المجموعة واستثماراتها ضخم قياسا بمعدلات الدخل السنوي لمواطنيها وعوائد الاستثمار الكبيرة فيها ، ربما نحتاج الى عمل طويل وجاد وبحث واستقصاء للوقوف على سبب عزوف المغتربين الاردنيين في الغرب عن التحويل للبنوك في الوطن الام.

قد يكون نمط الحياة في الغرب والاستقرار الذي يشعرون به يجعل منهم اكثر التصاقا بتلك المجتمعات واكثر ثقة بمؤسساتها المالية ، يحتاج اقناع المستثمرين المغتربين في الغرب الى جهد اكبر مما نحتاج اليه مع المستثمرين والعاملين المغتربين في الخليج ، و ربما من الضروري القيام بالكثير من الدرس والبحث والكثير من العمل المجدي والمقنع ، لكن اقناعهم ليس بالامر المستحيل،، بل هو امر ممكن ان واصلت الجهات المعنية نشاطها وعملها الدؤوب واستندت الحكومة الى دراسة علمية جادة تاخذ كل عوامل الجذب بعين الاعتبار فانه بالامكان جعل الاردن بلدا جاذبا لاموال مغتربيه واستثماراتهم ،وانا اعتقد ان العمل الاعلامي الحكومي والمباشر هو الذي يقطع الطريق على الاشاعات والروايات التي تتعلق بالفساد المالي والاداري والقانوني التي تصل مسامع المغتربين في الخارج ، كما ان التواصل مع المغتربين واقامة افضل العلاقات معهم ووضعهم في صورة حقيقة ما يجري بالاردن قد يؤتي ثماره عاجلا غير اجل .

لا يجب اهمال المغتربين في الخارج ويجب بحث السبل لربطهم ببلدهم وتحفيزهم على مد يد العون له ، ولهذا انا اعتقد انه من الضرورة بمكان «:

اولا : اجراء تعديلات في قانون الاستثمار تعطي حوافز للمستثمر المغترب افضل بكثير من تلك التي تعطي للمستثمر الاجنبي ،، خاصة وان عوائد الاستثمار وفوائده تبقى اردنية وللبلد واهله على عكس الاستثمار الاجنبي .

ثانيا :تذليل كل العقبات التي تنفر وتدفع بالمستثمر المغترب للبقاء في الغرب والاستثمار به ، وقد يكون غياب الامن والقلق والمخاوف من الاستثمار في البلد الام هو السبب الجوهري الذي على الحكومة ان تبذل جهدها لتغير الصورة هذه وتحقيق اقصى درجات الامن الممكنة وفي هذا الصدد اعتقد انه من الضرورة بمكان ان تكون هناك دائرة في هيئة الاستثمار تتولى اصدار الموافقات من الالف للياء للمستثمرين اردنيين كانوا ام اجانب .

ثالثا : على الحكومة بالتعاون والبحث مع القطاع المصرفي الاردني والخبراء ان تبحث في امكانية انشاء بنك للمغتربين يكون بنكا على اعلى مستويات العمل المالي والاداري المتقن بحيث يخدم قطاع المغتربين وان تتوفر فيه كل شروط الامان والسرعة والكفاءة ، وانا اعتقد ان بنكا للمغتربين الاردنيين وسيلة مقنعة وجاذبة لمدخرات وودائع الاردنيين في المصارف الاجنبية .

رابعا : على الجهات المعنية وضع خطة وبرنامج عمل تخاطب بعقلانية المستثمرين المغتربين وتبين لهم حقيقة ان الاستثمار في الاردن مامون وان عوائده مغرية ، فموقع الاردن والايدي العاملة المدربة لديه كفيلة بتحقيق مردود استثماري عال جدا في بقعة جغرافية يحيط بها اكبر سوق للاستهلاك في العالم .

خامسا : لا يجب ان يقتصر اهتمام المسؤولين باستثمارات المغتربين على التصنيع او الزراعة والتجارة فقط ، بل عليهم ان يدركوا ان المغتربين الاردنيين في الغرب

هم راس مال علمي وثقافي وفني وابداعي، وان كلا في مجاله يمكن ان يكون رافعة للاردن ومساهما في تطوره وازدهاره .

سادسا : المغتربون الاردنيون في الغرب شريحة متعلمة تماما ، اطباء ومهندسون ورجال اعمال ومثقفون وهم نخبة اردنية متميزة على الحكومة ان تهتم بهم وان تاخذ رايهم وان تحاول اشراكهم في كل مناحي الحياة في الاردن وهم قادرون على تقديم المشورة والعون لصناع القرار في بلدهم ، فلديهم اعدادهم العلمي وخبرة ادارية وقدرة على التنظيم والتخطيط وهذا يحتاجه الاردن تماما ، وهو في الكثير من الحالات افضل من المال والحسابات البنكية .

سابعا : والاهم من كل ما سبق هو التواصل مع المغتربين وايجاد افضل الوسائل والطرق لجعلهم رديفا لا للعمل الاقتصادي في الاردن بل ورديفا لكل قضايا الاردن وجزءا من حلها وفي هذا الشان فان منصة المغتربين الاردنيين التي انطلقت منذ يومين ستكون حائطا يكتب عليه كل من لديه اقتراح او نقد بناء او شكوى او فكرة ، وستكون مهمة المنصة تقديم العون والمعلومة الدقيقة للمغتربين عن وضع الاقتصاد الاردني وفرص الاستثمار المتاحة.

Scroll to Top