غزه

Stocks29 مارس 2020آخر تحديث :
غزه

آفاق نيوز

عبد الهادي راجي المجالي

اجبد

… طلت مذيعة أردنية قبل فترة , وانتقدت الوضع في غزة , انتقدت الحجر الصحي ..ووصفته بالإهانة , وقالت كلاما لا يستحقه أهل غزة ….

لست بمعرض الرد على أحد أبدا , ولكن تلك البنت حين تحدثت أوجعتني جدا …لأن من يريد أن يتحدث عن غزة , عليه قبل أن يتحدث عنها , أن يعبر ألف نفق ..وأن يمشي في مخيم الشاطيء , وأن يأكل من الشطة هنالك , وأن يتفادى قذيفة عابرة ..سقطت في الشجاعية .

من يريد أن يتحدث عن غزة , عليه أن يراقب عملية ولادة , فالأطفال هنالك …يخرجون للحياة , برتبة شهداء ..ولا يخرجون للحياة بمسمى طفل أبدا .وحين يكبرون قليلا , لايوجد (لهايات) لهم , فالحليب مفقود كثيرا , والأمهات هنالك لايضعن أحمر الشفاه كثيرا ..ولا يتبرجن كثيرا , وظيفتهن إرضاع الأطفال .

الأم الغزية تركز على ذلك فحليبها , لايوجد فيه (الكازين) بل يوجد أحمد ياسين …لايوجد فيه (اللكتوفرين) ..يوجد فيه بعض القذائف التي تطلق بمدفع هاون صنع في ورشة قديمة على أطراف مخيم المغازي , ولا يوجد فيه مصل الـ(البومين) ..بل يوجد فيه فلسطين ..حاضرة , ويوجد فيه بعض البارود ..فهو سيكبر حتما ويتعلم قاعدة في الحياة تقول : (بوصلة لا تشير إلى فلسطين كافرة) .

غزة لا تحتاج لمقاومة (الكورونا) , بل تحتاج لأن نشعر بشعب من أعوام , وهو تحت الحجر بقرار أممي وبتواطؤ من العالم , والمصاب هنالك لا يحتاج لمستشفيات ..يحتاج فقط لأن تديروا سريره للبحر فقط , وأن تخففوا من صوت الصفيح في المخيم حين يلعب به الهواء , ويحتاج لأن يقرأ سورة (الضحى) قبل النوم وسيهزم الكورونا …من هزم الـ إف (14) ..من هزم القذائف الفسفورية ..من هزم ..كتائب الحقد اليهودي , من هزم الالاف الأطنان من الحديد وهي تهرس الجثث , من هزم الحقد والأنانية والصلف …من حفظ للعروبة هيبتها وللدين وقاره حتما سينتصر على الكورونا ..,حتما سيهزمه .

غزة لا تحتاج لرأفة مذيعة , ولا تحتاج لسخريتها ..غزة المدرسة التي شيد أسوارها أحمد ياسين , وأحمد …مثل الايات التي تتلى في الهزيع الأخير من ليل المتهجد , أحمد نجمة ..لا يصلها نظر , وأحمد …هو طهر كل مأذنة في غزة , وهو النار التي تخرج من فوهات البنادق , وهو الشهيد الحر النقي ….وكل موجة حين ترتطم في شواطيء بحر غزة , تترحم عليه ….أي أمة تلك التي جعلت الموج ينطق غير أهل غزة !

لا تهتموا لغزة , فالشهداء هنالك بركتهم وحدها كافية , وكفيلة بعلاج كل مصاب …والبنات هنالك ..مثل نخل غزة , يصعدن الفضاء باسقات شامخات , …غير أنهن يختلفن عن نخلها , بأن النخل يرمي التمر والبلح …هن قررن عجرفة على الجلاد , وتحديا للتاريخ ..بأن يلدن الشهداء , كل طفل هو مشروع شهيد ..,كل رحم هو مصنع للشهداء …وكل جديلة في غزة هي سياج للعروبة والدين والأرض والعرض .

لا تخافوا على غزة , وأدعو الإعلام العربي ..المضمخ بالمكياج وأحمر الشفاه والكحل الخائن …نعم فالكحل حين يكون مزيفا يخون الأنوثة والحياة , أدعو الإعلام العربي أن لايخاف على غزة …لأن هذه الأرض فيها (زلم) بمعنى الكلمة …وبحجم البنادق , وفيها اختصرت قصة الدم والشهداء …وفيها فلسطين حاضرة في كل طلقة وكل صلاة وكل نظرة , وكل صرخة ألم لحظة ولادة طفل …حاضرة حتى في القهوة والماء , حتى في النفس ودمع العين .

حمى الله غزة

abdelhadi18@yahoo.com

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه